انتقدت الحكومة المكلفة من مجلس النواب، برئاسة أسامة حماد، استمرار عمل اللجنة المالية العليا المشكّلة من المجلس الرئاسي، معتبرة أنه باعتماد مجلس النواب لميزانية الحكومة لم يعد هناك مبرر لاستمرار عمل اللجنة.
جاء ذلك في بيان لحكومة مجلس النواب بعد يوم من اجتماع اللجنة، أمس الاثنين، برئاسة رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، لمناقشة وضع آلية خاصة بإعادة الإعمار في المناطق المنكوبة بسيول وفيضانات عاصفة دانيال شرق البلاد، وبحث تقديم دعم مالي عاجل لسكان تلك المناطق وبدل إيجار مساكن أو بيوت مؤقتة للنازحين.
ويعد اجتماع اللجنة أمس السابق منذ تشكيلها مطلع يوليو/تموز الماضي، برئاسة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي وعضوية 17 آخرين من مختلف المؤسسات المالية والاقتصادية بهدف اعتماد ترتيبات مالية ومتابعة الإنفاق الحكومي، والأول بعد عاصفة دانيال.
وأبدت الحكومة في بيانها اليوم الثلاثاء، استغرابها لكلمة المنفي، خلال مشاركته في اجتماع اللجنة أمس، معتبرة أن المنفي حمّل كلمته رسائل "حاول تسويقها"، مثل "ادعائه أن لجنته نجحت خلال الشهرين الماضيين في إنتاج وإدارة أول آلية وطنية لإدارة أموال الدولة الليبية وترشيد الإنفاق، إضافة إلى دعوته الموجهة لأعضاء لجنته بأن تقدم في اجتماعها المقبل مقترحات عملية لتنفيذ إعادة إعمار المناطق المنكوبة والمتضررة من عاصفة دانيال".
وتضمن بيان الحكومة انتقادات عديدة للجنة المالية منها أن "اللجنة لم تتبنَ أي إجراء عملي يوضح آلية الإنفاق وكيفية تخصيص الأموال للجهات الممولة من الخزانة العامة كما ذكر في الادعاء المزعوم، وذلك بشهادة بعض أعضائها، فهي في حقيقة الواقع لم تتمكن في الأساس من حصر وتحديد حجم الموارد والإيرادات الفعلية التي يجب توظيفها لتغطية هذا الإنفاق".
كما اعتبر بيان الحكومة أن "الغاية التي من أجلها شكلت اللجنة هي القيام بدور يضمن قدرا من التوافق بين الجهات المعنية بتحصيل الإيرادات العامة وإعادة إنفاقها بشكل عادل وشفاف، غير أنه بعد اعتماد مجلس النواب الميزانية العامة للعام 2023 لم يعد هناك مبرر لاستمرار هذه اللجنة".
ولفت إلى أن مواصلة اللجنة "عملها هي بمثابة تعد على اختصاصات السلطة التشريعية بشكل عام، وعلى الاختصاصات الموكلة بمقتضى التشريعات السارية للحكومة بشكل خاص، وبالتالي تضعها تحت طائلة القانون وتحميلها المسؤولية كاملة".
وطالب الحكومة بعد السماح للجنة في الاستمرار في عملها "وغض الطرف عن الآثار السلبية التي ترتبت عن ذلك قد أعطى الحجة الأجسام غير شرعية في التصرف في الأموال العامة وتبذيرها، حيث أدى هذا الوضع إلى تمكين تلك الأجسام من تقويض الاستقرار وزعزعة الأمن، وما حدث في مدينة بنغازي خلال الأيام الماضية خير مثال".
واتهمت الحكومة اللجنة المالية بإرسال "رسالة مبطنة" من خلال "التنكر للدور الذي أدته الحكومة الليبية وقيامها بمعالجة تداعيات الكارثة منذ ساعاتها الأولى بمساندة حقيقية وفاعلة على الأرض من القيادة العامة، وبإشراف مباشر من القائد العام (خليفة حفتر قائد مليشيات شرق ليبيا)، وعمل قياداتها العليا وباقي الضباط وضباط الصف والجنود والأجهزة الأمنية والدول الشقيقة والصديقة ودور الأهالي من مختلف ربوع ليبيا"، معتبرا أن اللجنة المالية تحاول نسبة جهود الحكومة لنفسها.
كما اتهمت الحكومة اللجنة المالية وأطرافاً أخرى لم تسمها بالمتاجرة "بملف النكبة التي خلفها إعصار دانيال ومحاولة دغدغة العواطف هو أسلوب مفضوح للابتزاز ونيل مكاسب سياسية بطرق غير مشروعة وعلى حساب التلاعب بمشاعر المواطنين" وطالبت الحكومة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بتحمل مسؤولياتهما "القانونية والتاريخية في اختيار حكومة موحدة توحد مؤسسات الدولة".
وخلال كلمته في اجتماع اللجنة المالية أمس الاثنين، أشاد المنفي بنجاح اللجنة خلال الشهرين الماضيين في "إنتاج وإدارة أول آلية وطنية لإدارة موارد الدولة الليبية وترشيد الإنفاق الحكومي"، مؤكداً أن الخسائر التي أنتجتها عاصفة دانيال في مدينة درنة تتطلب "توجيه ميزانية التنمية للعام الجاري، وإعادة تقييم وتدوير لمخصصات العام الماضي لمصلحة إعمار المدينة وباقي البلديات المتضررة" وفقاً للمكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي.
وفيما شدد المنفي على أن آلية تنفيذ إعادة الإعمار "تتطلب تعزيز الشفافية والإفصاح المنتهج والتعاون مع المؤسسات الدولية، أشار إلى المخاوف من فساد مالي وإداري قد يشوب ملف إعمار المناطق المنكوبة قال: "لن نسمح بأن يتحول إعمار المناطق المنكوبة والمتضررة إلى فرصة للمتجاوزين والمعرقلين لأي مشاريع، وأصبح من الضروري ومن أكبر واجباتنا التاريخية أن ننشئ آلية وطنية للإشراف وتنفيذ برنامج الإعمار لتلك المناطق وألّا يقع المتضررون ضحية لأنانية البعض تجاه مصالحهم الشخصية وعدم شعورهم بمعاناة الشعب".
ودعا المنفي أعضاء اللجنة إلى وضع تصورات عملية مؤسسة على البيانات الدقيقة الموثوق بها التي تطمئن الشعب، وتقديم مقترحاتهم في الجلسة المقبلة لآلية عملية لتنفيذ إعادة الإعمار بحيث تضمن أقصى درجات الشفافية والرقابة الدولية وتبنى على دراسات وتقييم حقيقي وتخطيط فني وعملي.