فاجأت الحكومة الجزائرية الرأي العام والبرلمان، بإقدامها على نشر حصيلة إنجازاتها في عامها الأول عبر موقعها الإلكتروني، عوض النزول إلى البرلمان لعرض سياساتها العامة، وفق ما يقتضيه الدستور الجزائري.
خطوة رفضتها الأحزاب السياسية، التي اتهمت الحكومة بالفشل ومحاولة الإفلات من المساءلة البرلمانية في خضم أزمة اقتصادية تواجهها البلاد مع تضاؤل الإيرادات النفطية وتصاعد النفقات، خاصة الصحية بفعل تداعيات فيروس كورونا.
يأتي ذلك في وقت تتقاطع فيه الأخبار حول نية الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إجراء تغيير حكومي واسع، بعد عودته من رحلة العلاج التي دامت شهرين في ألمانيا.
وبحسب مصدر حكومي فإن "الوزير الأول عبد العزيز جراد قرر نشر حصيلة الحكومة إلكترونياً لاعتبارات مختلفة، أولها علمه بإقدام الرئيس على حل البرلمان، وبالتالي فإن عامل الوقت لم يكن ليسمح للحكومة بعرض حصيلتها على ممثلي الشعب، والعامل الثاني يتعلق بشرعية البرلمان الحالي، المرفوض شعبياً، والذي حاولت الحكومة تفاديه مع حلول الذكرى الثانية للحراك الشعبي".
وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد" أن "التغييرات الحكومية ستمسّ قطاعات التجارة والصناعة والاتصال، بالإضافة للتضامن والثقافة، وستكون هذه الحكومة بمثابة حكومة تصريف أعمال، مهمتها توفير الظروف لإجراء انتخابات برلمانية ومحلية شهر يونيو/ حزيران، على أن يعيد الرئيس تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات تكون سياسية أكثر منها تكنوقراط".
وجاءت حصيلة حكومة عبد المجيد تبون الأولى في وثيقة من 58 صفحة، مقسمة على القطاعات الاقتصادية والتجارية والداخلية والطاقة. وبحسب خلاصة الحصيلة فإن "سنة 2020 كانت لتحسين الإطار المؤسسي وتهيئة الظروف لتنفيذ الإصلاحات الجارية أصلاً أو التي سيتم تنفيذها سنة 2021. ومن حيث الإنجازات القطاعية، ورغم الضغط الشديد على الموارد العمومية، وكذلك الأزمة الصحية التي ألقت بظلالها على الوضع منذ مطلع 2020، فقد تم تسجيل إنجازات كبيرة في مجال توفير الخدمة العمومية، وكذلك الحفاظ على النشاط الاقتصادي والاجتماعي من خلال دعم الأسر والمؤسسات، وتموين الأسواق ومكافحة الاختلاسات والممارسات غير القانونية".
قبل أن تختم الحكومة حصيلتها بالقول إنه "وعلى الرغم من أوجه القصور المسجلة، فإن الجزائر تقدم اليوم صورة عن بلدٍ في خضم البناء على جميع الأصعدة ويحاول تثمين إمكاناته وموارده لصالح التجديد الاقتصادي والاجتماعي".
وضغط نواب البرلمان على الحكومة منذ نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي من أجل إرسال حصيلتها قبل الآجال القانونية التي تنتهي في 12 فبراير/ شباط الحالي، بحجة أن رئيس الحكومة عبد العزيز جراد قدم مخطط عمل حكومته في التاريخ ذاته من السنة الماضية. وفي السياق أكد الحاج الغوثي رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة المستقبل (التيار الوطني) أنّ "الحكومة مجبرة بقوة الدستور على تقديم حصيلتها السنوية، ضمن الآجال القانونية، وذلك من منطلق احترام الفصل بين السلطات، وحتى يتسنى لنا كنواب القيام بدورنا الرقابي على الحكومة".
وأضاف: "اليوم نحن في جزائر جديدة كما تسميها الحكومة، جزائر يُحترم فيها الدستور ومؤسسات الدولة، وبالتالي على الحكومة النزول إلى البرلمان للمساءلة عوض الفرار إلى العالم الافتراضي لنشر حصيلتها بطريقة إنشائية، من دون معطيات ولا أرقام".
وأضاف النائب الجزائري في حديث مع "العربي الجديد" أن "ما فعتله الحكومة مقبول من ناحية الشفافية وإطلاع الرأي العام على تفاصيل تسيير الدولة، لكن الأصل هو البرلمان حتى تجيب عن أسئلة ممثلي الشعب، خاصة بالأرقام، فالكلام يكون بالمعطيات وليس بجمل بلاغية".
وتقاطعت العديد من التقارير الإخبارية في الجزائر، حول قرب إجراء الرئيس عبد المجيد تبون تغيير حكومي واسع، يشمل الوزير الأول (رئيس الحكومة) عبد العزيز جراد، والعديد من الوزراء، وذلك بعد فشلها في تسيير الملفات السياسية والاقتصادية في البلاد الجزائر، بالإضافة إلى تزايد تصريحات الوزراء الشعبوية التي أججت غضب الشارع. وكان قادة ستة أحزاب معارضة استقبلها الرئيس تبون غداة عودته من رحلة العلاج التي قادته إلى ألمانيا قد طالبوا الرئيس بضرورة إقالة حكومة جراد وحلّ البرلمان، بصفة عاجلة، وذلك بالتزامن مع إحياء الجزائر الذكرى الثانية للحراك الشعبي في 22 فبراير/ شباط 2019.
وقال النائب البرلماني ورئيس حزب صوت الشعب، لمين عصماني، إن "الحكومة فشلت في قيادة الجزائر في وقت حساس من تاريخها السياسي والاقتصادي والصحي، ولا يمكن أن تغادر من دون أن تقدم حصيلة نشاطها طيلة السنة الماضية". واعتبر أنه "من العبث أن تتوالى الحكومات على البلاد من دون عرض بياناتها المالية والاقتصادية".
وأضاف عصماني في حديث لـ "العربي الجديد" أن "الحكومة وباعتراف الرئيس قبل مغادرته للعلاج فشلت في عملها، فوزير التجارة اختزل الوزارة في كيس حليب الذي أصبح "مشكل دولة". ووزير الصناعة اختزل الوزارة في ملف السيارات؛ مرة يسمح باستيرادها ومرة يجمّد القرار، في الحقيقة هذه ممارسات تذكر المواطنين بجزائر بوتفليقة".