أصدر الحزب المصري الديمقراطي بياناً، الأحد، يؤكد فيه أن "الحزمة المالية التي أعلنتها الحكومة لتحسين أجور العاملين بالدولة والمعاشات، اعتباراً من إبريل/نيسان المقبل، لن ترفع أعباء التضخم الحقيقية عن كاهل المواطنين، بعد أن قفزت أسعار الكثير من السلع الغذائية الأساسية بنسبة تزيد على 100% في الأشهر الأخيرة"، داعياً إياها إلى "التوسع في مخصصات الحماية الاجتماعية كأحد أدوات مواجهة الغلاء الشديد في الأسعار".
وقال الحزب إن "قرارات زيادة الأجور والمعاشات يجب أن يصاحبها بعض الإجراءات المالية الأخرى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: رفع الحد الأدنى للإعفاء الضريبي على الرواتب، وزيادة مخصصات الدعم لبعض السلع الأساسية، مع الإقرار بأن تلك الحلول العاجلة والضرورية لن تغني عن ضرورة بذل جهود كبيرة أخرى في سبيل تغيير السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، من أجل محاولة كبح التضخم وغلاء الأسعار".
وشدد على "أهمية تطبيق طرق واستراتيجيات مختلفة لسد الفجوة التمويلية من العملات الأجنبية، والتي يرى الحزب أنها السبب الرئيس والأهم في أزمة التضخم"، مستطرداً بأن "التدهور الكبير في أسعار صرف الجنيه المصري هو نتيجة تراكم أخطاء جسيمة في السياسات المالية والنقدية والاقتصادية من الحكومة، وتكرارها نفسها خلال السنوات السابقة للأزمة الاقتصادية الراهنة".
ودان الحزب "اعتماد الحكومة على الأموال الساخنة لتغطية الفجوة التمويلية، وعدم تكوين احتياطيات معتبرة من النقد الأجنبي، والإنفاق المفرط على مشروعات غير مدروسة أو ملحة أو ضرورية، ما أدى إلى تراكم الدين العام من دون مراعاة الاستدامة المالية عند الاقتراض، والدخول في مصيدة الدين، فضلاً عن عدم الاهتمام برفع القدرات الإنتاجية في البلاد، أو تحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد".
كما اتهم الحكومة بـ"التركيز على الاقتصاد المرتبط بأنشطة ريعية كالنشاط العقاري والإنشاءات، مع تهميش القطاع الخاص، وممارسته لنشاطه في بيئة طاردة مليئة بالعراقيل، وفي ظل منافسة غير عادلة مع الجهات التي تتولي تنفيذ الاستثمارات العامة"، في إشارة إلى أجهزة الجيش.
وطالب الحزب بـ"ضرورة مراجعة الحكومة للاتفاق الذي عقدته مع صندوق النقد الدولي، وتقييم قدراتها على تنفيذ بنوده، ومن أهمها التخارج المتعجل من أصول حكومية وشبه حكومية لتغطية جزء من الفجوة التمويلية، وسداد التزامات الديون في مواعيدها، مع الاعتراف بصعوبة التخارج من هذه الأصول من دون تقديم تنازلات هامة في هذا الوقت الحرج، وكذلك صعوبة التخارج من أصول كثيرة لها أبعاد استراتيجية للاقتصاد المصري".
وتابع أن "التخارج من الأصول الأفضل أداءً سيترتب عليه تراجع متحصلات هامة في ميزان المدفوعات من العملات الأجنبية، خصوصاً مع تسارع المستثمرين الأجانب في تحويل أرباحها وعوائدها"، مضيفاً أن "إعلان وزارة المالية مؤخراً عن زيادة العجز المتوقع في الموازنة العامة للسنة المالية الجارية بفعل زيادة خدمة الدين، وارتفاع فاتورة شراء السلع، ومخصصات الأجور والمعاشات والحماية الاجتماعية، لم يترافق معه أي عرض على مجلس النواب لأخذ موافقته".
وختم الحزب أن "الحكومة لم تعرض على البرلمان أيضاً اتفاقها الأخير مع قرض صندوق النقد الدولي، وشروطه، والتزامات الدولة تجاهه، حتى يحوز على موافقته، بما يشكل مخالفة للمادة 127 من الدستور، التي تقضي بعدم جواز اقتراض السلطة التنفيذية، أو حصولها على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج في الموازنة العامة المعتمدة يترتب عليه إنفاق مبالغ من خزانة الدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب".
وشملت الإجراءات الحكومية الأخيرة زيادة الحد الأدنى للعاملين بالدولة بقيمة ألف جنيه شهرياً، ليرتفع الحد الأدنى لدخل العاملين بالدرجة السادسة إلى 3500 جنيه، و5 آلاف جنيه للدرجة الثالثة التخصصية، و6 آلاف جنيه لحملة الماجستير، و7 آلاف جنيه لحملة الدكتوراه (الدولار يساوي 30.77 جنيهاً).
وتقرر صرف 8% علاوة دورية للعاملين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، و15% علاوة خاصة لغير المخاطبين بالقانون، بحد أدنى 125 جنيهاً، وزيادة الحافز الإضافي للعاملين المدرجين بفئات مالية مقطوعة، وذلك بقيمة 300 جنيه للدرجات السادسة والخامسة والرابعة، و400 جنيه للدرجات الثالثة والثانية والأولى، و500 جنيه للمدير العام ووكيل الوزارة ووكيل أول الوزارة.
كما شملت الإجراءات تقديم موعد زيادة المعاشات من يوليو/تموز إلى إبريل/نيسان من العام الحالي، وزيادتها بنسبة 15% بدلاً من 13%، فضلاً عن زيادة المبالغ المالية المخصصة لبرنامج "تكافل وكرامة" بنسبة 25%، ورفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل السنوي من 24 ألف جنيه إلى 30 ألف جنيه.
وفقد الجنيه نحو 96% من قيمته مقابل الدولار في أقل من عام، مع ترجيح بتراجع العملة المصرية إلى حدود 34-35 جنيهاً للدولار قبل نهاية مارس/آذار الجاري، بحسب ما أعلنته بنوك ومؤسسات تمويل دولية.
ويسعى مستثمرون خليجيون إلى الحصول على تطمينات بأن الحكومة ستقلل من هيمنة الشركات التي تديرها الدولة، وتخفف قبضتها على العملة، وهي وعود مرتبطة بخطة إنقاذ مع صندوق النقد، الذي وافق نهاية العام الماضي على إقراض مصر مبلغ 3 مليارات دولار على مدى 46 شهراً.