تأرجح تأثير إعلان السعودية وروسيا، في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، عن استمرارهما في تنفيذ اتفاق خفض إمدادات النفط، بين ارتفاع أولي وانخفاض الأسعار في مجمل الأسبوع، ليستمر التذبذب بعد ذلك، وسط حالة متزايدة من اللايقين في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ تترقب الأسواق تطور الحرب، لتحديد اتجاهات الإمدادات والأسعار في حال دخول إيران وغيرها من الدول المنتجة للنفط على خط المواجهة.
ووفقا للاتفاق، فإن السعودية تقوم بخفض إنتاجها من النفط بمقدار مليون برميل يوميا، في حين تقوم روسيا بخفض صادراتها من النفط ومشتقاته بمقدار 300 ألف برميل يوميا، حتى نهاية العام الجاري.
ويشير الخبير في الاقتصاد السياسي، الأستاذ بالجامعة الأميركية للتكنولوجيا في لبنان، بيار الخوري، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن استمرار خفض الإمدادات النفطية من جانب السعودية وروسيا، من خلال تكتل "أوبك+"، هو في النهاية استمرار لاستراتيجية تقوم على الحفاظ على استمرار الإمدادات بما لا يؤول إلى اختناق اقتصادي، وفي نفس الوقت الحفاظ على مصالح هذه الدول المنتجة، أي أن لا تكون سوق النفط في مصلحة المستهلك.
ويرى الخوري أن هذه السياسة نجحت حتى الآن في استقرار سوق النفط، وفي حال استمرار الحرب في غزة سيتجه الاقتصاد العالمي نحو المزيد من التعطل، وربما تجد السعودية نفسها أمام حاجة إلى مزيد من خفض إمدادات النفط للتوافق مع الأوضاع الاقتصادية الجديدة في العالم والحفاظ على مستوى الأسعار.
لكن الخوري لا يرجح استمرار الحرب في غزة لمدة طويلة، مشيرا إلى أن طول زمن الحرب من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التداعيات الاقتصادية، التي لا تريدها دول المنطقة وأغلب دول العالم.
ويشير الخبير في الاقتصاد السياسي، نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن كل التوقعات تشير إلى أن اتفاق تخفيض الإنتاج بين روسيا والسعودية سيستمر في ظل انخفاض الأسعار وحالة عدم اليقين السائدة حاليا، مشيرا إلى أن الاجتماع المقرر لتكتل "أوبك+"، بنهاية الشهر الحالي، سيراجع التطورات الخاصة بالطلب على النفط.
وينبّه إسماعيل إلى أن الأنظار بدأت في التحول من حرب غزة والمخاطر الجيوسياسية إلى أساسيات العرض والطلب، فقبل أسابيع كانت توقعات "غولدمان ساكس" و"ستاندرد تشارترد" أن تتراوح أسعار النفط بين 98 و100 دولار لخام برنت، بينما الأسعار اليوم بحدود 81 دولارا فقط.
ويلفت الخبير الاقتصادي، في هذا الصدد، إلى أن الطلب الصيني لا يزال أقل من التوقعات بسبب بطء التعافي الاقتصادي، فيما لا تزال الضبابية سائدة في الاقتصاد الأميركي مع استمرار شبح ارتفاع اسعار الفائدة وظلاله على الاقتصاد، ما يجعل الإجابة عن السؤال حول نمو الطلب العالمي عام 2024، أكثر تعقيدا.
ويعزز من حالة الضبابية هذه أن منظمة أوبك تتوقع زيادة في الطلب بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا، بينما تتحدث وكالة الطاقة الدولية عن زيادة فقط بمقدار مليون برميل يوميا، فيما تعزو بعض التحليلات انخفاض الطلب إلى مرحلة الصيانة لمصافي التكرير، وكذلك احتمال وجود فائض في السوق بسبب توقعات ارتفاع الإنتاج الأميركي إلى 13 مليون برميل يومياً العام المقبل، إضافة إلى زيادة إنتاج البرازيل واقتراب عودة فنزويلا إلى السوق النفطية.