جرد خسائر حرائق الجزائر: مساحات زراعية شاسعة وآلاف رؤوس الماشية أضحت رماداً

20 اغسطس 2022
الحرائق حولت حياة الفلاحين بالمناطق المتضررة إلى كابوس (الأناضول)
+ الخط -

عادت الحرائق مجددا لتخيم على الجزائر، معيدة معها المخاوف من تكرار سيناريوهات السنة الماضية، محولة، مع تنقلها من ولاية إلى أخرى، حياة الفلاحين إلى كابوس حقيقي، بعدما أضحت محاصيلهم من مختلف الخضر والفواكه، بل حتى ماشيتهم، رماداً أمام أعينهم، فيما سابقت الحكومة، التي وعدت السنة الماضية بشراء طائرات الإطفاء الكبرى، الزمن لاحتواء الوضع وكبح ألسنة اللهب وطمأنة المتضررين بسرعة التعويض.
سجلت عدة محافظات شمالية في الجزائر، على غرار الطارف وسوق أهراس، كما قسنطينة وسكيكدة وتيزي وزو، وجيجل، العشرات من الحرائق.
وكانت حرائق ولاية الطارف وسوق أهراس خرجت عن السيطرة بعد عجز فرق الدفاع المدني، المدعومة بوحدات من الجيش والمتطوعين، عن إخماد النيران، إذ وصلت إلى المناطق السكنية في بعض البلدات، على غرار مدينة القالة، قبل السيطرة عليها. وأعلن المسؤول في الحماية المدنية الجزائرية العقيد فاروق عاشور، أمس الجمعة، أنّه "تمّت السيطرة بالكامل على كلّ الحرائق".

جرد الخسائر متواصل
وفي السياق، كشف مصدر في مديرية الغابات الجزائرية لـ"العربي الجديد" أنّ "عملية جرد الخسائر ما زالت متواصلة، لكبر المساحة المحترقة والتي تتعدى مبدئياً 20 ألف هكتار بين ولايتي الطارف وسوق أهراس، و5 آلاف هكتار في الولايات الأخرى، وتعد غابات الصنوبر والفلين الأكثر تضرراً، تليها غابات السنديان".

وأضاف نفس المصدر أنّ "الحرائق للأسف أتلفت أيضا غطاء نباتيا يعود إلى 200 سنة من الوجود، وهو أمر يصعب تعويضه بسهولة، يضاف إلى خسائر السنة الماضية، إذ سننتظر سنة بعد لإعادة تشجيره، وذلك لإعطاء الوقت للأتربة والنبات البري حتى تتجدد تلقائياً".

احتراق رؤوس الماشية والمحاصيل
تواصلت "العربي الجديد" مع رئيس شعبة الفلاحة في محافظة الطارف في أقصى شرق الجزائر، على الحدود التونسية، عبد المالك مازوني، الذي أكد أن "الفلاحين سجلوا خسائر كبيرة تتمثل أساسا في احتراق المواشي، في مقدمتها حوالي 15 ألف رأس من الغنم و1200 رأس من البقر حتى المعطيات الأولى، فيما تضررت محاصيل الكستناء والطماطم، بالإضافة إلى أشجار الزيتون وبعض الحمضيات".

وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أنّ "وزارة الفلاحة أرسلت تعليمات لممثليها من أجل إطلاق عملية جرد الخسائر بدءاً من اليوم السبت، وذلك بالتنقل إلى المزارع والإسطبلات، وغيرها من النقاط المعروفة".
ولا يتمكن المزارعون من التأمين على محاصيلهم بسبب ضعف التعويضات، إذ تُشير إحصاءات وزارة الزراعة إلى أن ما يقارب 10 بالمائة فقط من المزارعين، البالغ عددهم أكثر من 900 ألف، يؤمنون محاصيلهم لدى شركات التأمين الحكومية والخاصة.

التعويض على مراحل
من جانبه، أكد رئيس الاتحاد العام للمزارعين الجزائريين عبد اللطيف ديلمي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "عملية التعويض تنطلق بعد إخماد جميع الحرائق، وتنقسم على عدة مراحل، أولاها جرد الخسائر، ثم تحديد حجم التعويض، والطعن من طرف المزارع، وأخيراً صرف التعويضات". وأضاف نفس المتحدث أنّ "الخسائر يصعب تقديرها، لكن الأكيد أنها تلامس 50 مليون دولار، كون أن المنطقة غابية وزراعية وتوجد فيها مساحات كبيرة مغروسة".

إلى ذلك، كشف النقيب نسيم برناوي المكلف بالإعلام في الحماية المدنية الجزائرية، لـ"العربي الجديد"، أنّ "فرق الإطفاء تولت إطفاء 55 حريقاً في 13 ولاية، أكثرها عدداً وأكبرها حجما كانت في ولايتي الطارف وسوق أهراس على الحدود مع تونس، فيما سجلت وفاة 38 شخصاً، وتتواصل عمليات الإطفاء لبؤر أخرى، لكن الأكيد أن الحرائق الكبرى أطفئت لتبقى التحذيرات قائمة مع ارتفاع درجات الحرارة وهبوب رياح ساخنة".

وأضاف: "في شهر أغسطس/آب الحالي، سجل أكثر من 150 حريقاً في مختلف ولايات الجزائر، وكانت متفاوتة الأحجام، وجلها في الولايات الشمالية الغابية".
أتت حرائق أغسطس على مئات الهكتارات من الغابات والأحراج. وكلّ صيف، يشهد شمالي البلاد حرائق حرجية، لكنّ هذه الظاهرة تتفاقم سنة تلو الأخرى بفعل التغيّر المناخي الذي يزيد من موجات الجفاف والحرّ.

وكان صيف 2021 الأقصى في تاريخ الجزائر الحديث، فقد قضى أكثر من 90 شخصاً في حرائق حرجية اجتاحت شمال البلد آتية على أكثر من 100 ألف هكتار من الأحراج.

المساهمون