حال المواطن في زمن قفزات أسعار النفط

08 مارس 2022
زحام شديد على محطات الوقود في مصر (العربي الجديد)
+ الخط -

حدث ما لم يتوقعه أحد وقفزت أسعار النفط أمس الاثنين بنسبة 10% مرة واحدة، لتصل إلى أكثر من 130 دولاراً للبرميل، مع تأهب الدول الغربية لفرض حظر واسع على قطاع الطاقة الروسي، وبالتالي حبس نفط وغاز روسيا عن الأسواق العالمية، وحرمان حكومة فلاديمير بوتين من أهم مورد للإيرادات العامة وهو العائدات النفطية التي تجاوزت قيمتها 110 مليارات دولار في العام الماضي.

ومن المتوقع أن يرتفع سعر النفط إلى 200 دولار للبرميل، وفق محللين ومؤسسات مالية واستثمارية، إذا ما تم فرض الحظر النفطي الغربي الواسع على روسيا، ثاني أكبر مصدر للخام الأسود في العالم بطاقة تصديرية تتجاوز 10 ملايين برميل يومياً.

من المتوقع أن يرتفع سعر النفط إلى 200 دولار للبرميل، إذا ما تم فرض الحظر النفطي الغربي الواسع على روسيا، ثاني أكبر مصدر للخام الأسود في العالم

علماً أنّ السعر الأخير بلغته الأسواق بالفعل أمس في عقود الخيارات المستقبلية، حيث تدافع المضاربون والتجار نحو شراء الخام الأسود وحيازة عقود خيارات النفط، وسط توقعات بأن تشهد أسعار الخام مزيداً من القفزات في الأيام المقبلة، بعدما سجلت أمس أعلى مستوى منذ العام 2008.

واكب ارتفاع سعر النفط قفزة أخرى في سعر الغاز الطبيعي الذي تعتمد عليه أوروبا ودول العالم في أنشطة التصنيع والنقل وتوليد الكهرباء والتدفئة وغيرها، حيث سجلت الأسعار ارتفاعات قياسية بنسبة 34% في أوروبا.

كما صاحبت القفزتين زيادات جديدة في أسعار القمح والدقيق والذرة والشعير وغيرها من الحبوب، ومعها زادت أسعار الدقيق والمخبوزات.

زيادة سعر النفط إلى هذا الحد لا تعني فقط حدوث قفزة في إيرادات الدول النفطية، وتراكم في أرصدة الصناديق السيادية كما هو الحال مع دول الخليج، وفائض في الموازنات العامة للدول المنتجة والمصدرة للخام الأسود، ومنها ليبيا والجزائر والعراق، وأرباح ضخمة للشركات المنتجة مثل "أرامكو" و"سوناطراك".

فهناك في الجانب الآخر طرف متضرر وبشدة هو المواطن في الدول المستوردة للنفط، والذي سيجد نفسه أمام قفزات غير مسبوقة في أسعار كلّ المشتقات البترولية، البنزين والسولار، وحتى الغاز الطبيعي.

مع زيادة سعر الوقود، ترتفع كل تكاليف وأعباء الحياة من أسعار غذاء وفواتير كهرباء ومياه ومواصلات وعلاج وتعليم وإيجارات سكن ونظافة

فالمستهلك هنا سيجد نفسه أمام واقع صعب ومعقد ومكلف مالياً ونفسياً، وحكومات ترفع سعر البنزين والسولار وغاز الطهي تحت ذريعة حدوث قفزات في أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، من دون أن تضع في الاعتبار القدرة الشرائية للمواطن وثبات دخله وزيادة أعباء المعيشة وملاحقته بزيادات في أسعار السلع والخدمات والضرائب والرسوم الحكومية.

ومع زيادة سعر الوقود، ترتفع كل تكاليف وأعباء الحياة من أسعار غذاء وفواتير كهرباء ومياه ومواصلات عامة وشحن بضائع وصناعة وإنتاج ودروس خصوصية وعلاج وتعليم وإيجارات سكن ونظافة وغيرها.

هنا يجد المواطن نفسه محاصراً بتكاليف وأعباء مالية لا قبل له بها، أعباء تفوق كثيراً طاقته وقدرته الشرائية، وعليه أن يختار في تلك اللحظة الحرجة من حياته، إما التدحرج سريعاً نحو الفقر المدقع والجوع وصعوبة الحصول حتى على وجبة واحدة في اليوم.

وإما الغضب على وضعه المزري والخروج إلى الشارع مطالباً بتوزيع عادل للثروة، وعدالة اجتماعية حقيقية، ونصيبه من ثروة بلاده، وحسن استخدام الموارد العامة، والتوقف عن سياسة الجباية، وزيادة الضرائب والأسعار، وخفض الدعم الحكومي.

المساهمون