جنود وضباط الاحتلال يقودون صناعة السايبر الإسرائيلية

12 ديسمبر 2022
وظيفة مربحة للشباب (Getty)
+ الخط -

كان لافتاً ما كشفته صحيفة "هآرتس"، الأسبوع الماضي، عن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قرّر منح حوافز سنوية لكل جندي يخدم في الوحدات السيبرانية، تصل قيمتها إلى 200 ألف شيكل (حوالي 59 ألف دولار)، لإقناعهم بالبقاء في هذه الوحدات بدلًا من الانضمام إلى شركات السايبر المدنية.

يشي هذا التطور بالدور الحاسم الذي يلعبه جيش الاحتلال في صناعة السايبر الإسرائيلية التي بلغت قيمة صادراتها في العام الماضي 6.85 مليارات دولار، حسب تقرير صادر عن "معهد التصدير" الإسرائيلي.

فالضباط والجنود المسرّحون من الوحدات السيبرانية أو من الوحدات الاستخبارية التي يعتمد عملها على المنتوجات السيبرانية، هم المسؤولون عن تدشين وتشغيل معظم شركات السايبر المدنية.  

ووفق بيانات وزارة الجيش الإسرائيلية، فإن الصادرات الأمنية الإسرائيلية سجّلت مستوى قياسيا جديدا في عام 2021، عندما وصلت قيمتها إلى 11.3 مليار دولار، بعدما ارتفع عدد الاتفاقيات الجديدة المُوقّعة بأكثر من 30%، مقارنة بعام 2020. ومثلت أنظمة الذكاء والمعلومات والسايبر 4% من إجمالي الصادرات، مقابل 20% للصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي.

وحسب تحقيق نشرته صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية أخيرًا، فإن شركات NSO وParagon وVerint المتخصصة في إنتاج برمجيات السايبر الهجومية، دشّنها ضباط خدموا في وحدات السايبر العسكرية.

ووفق الصحيفة، فإنّ شركات السايبر الإسرائيلية التي تعمل في الخارج، مثل شركة WiSpear ومقرّها في قبرص، دشّنها أيضًا ضباط خدموا في وحدات السايبر العسكرية.

حوافز كبيرة

يضم الجيش والمخابرات الإسرائيلية عددًا من الوحدات السيبرانية التي يتنافس الإسرائيليون عند تجنيدهم على الانخراط فيها، إذ إنّ العمل فيها ينطوي على مستوى مخاطرة متدن، على اعتبار أن منتسبيها يعملون داخل المقرّات والمكاتب وليس في ساحات المواجهة.

وفي الوقت نفسه، فإنّ التسريح منها بعد قضاء فترة التجنيد الإجباري يمنح هؤلاء المنتسبين الفرصة للعمل في شركات السايبر المدنية برواتب كبيرة.

وتضم وحدة التجسس الإلكتروني العسكرية المعروفة بـ"8200"، عددًا من الوحدات المسؤولة عن الجهد الهجومي للجيش في المجال السيبراني، في حين تضم شعبة "الحوسبة" وحدات مسؤولة عن إدارة الجهد الدفاعي في الفضاء السيبراني.

وينشر جهاز المخابرات للمهام الخارجية "الموساد" إعلانات لتوظيف منتسبين جدد للوحدات المسؤولة عن الجهد الهجومي في المجال السيبراني، الذي ينفذه ضمن أنشطته المختلفة. وما ينطبق على الموساد ينطبق على جهاز المخابرات الداخلية "الشاباك"، المسؤول عن تأمين الفضاء السيبراني الذي تعمل فيه الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة. 

وتوجّه عدد من قادة أجهزة الاستخبارات بعد تقاعدهم لتدشين شركات سيبرانية، مثل يوفال ديسكين، الرئيس لسابق لـ"الشاباك"، وروني الشيخ، الذي كان نائبًا لرئيس "الشاباك" ومفتشًا عامًا للشرطة، إضافة إلى دفيد ميدان، الذي تولى قيادة عدد من الشعب في الموساد.

إلى جانب ذلك، فإن منتسبي الوحدات المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية وتعتمد في أنشطتها العملياتية على البرمجيات السيبرانية يتوجهون للعمل في الشركات السيبرانية المدنية.

فرئيس الوزراء السابق نفتالي بينت توجه بعد تسريحه من الجيش، حيث كان يخدم في وحدة "سييرت متكال" المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية وتتبع شعبة الاستخبارات العسكرية، إلى تدشين شركة لإنتاج البرمجيات السيبرانية خاصة به.

انتقاد عدم المساواة

لكن إقبال الشباب الإسرائيلي عند تجنيدهم في الجيش للانخراط في وحدات السايبر العسكرية لدواع اقتصادية أوجد معضلة كبيرة لهذا الجيش، إذ أفضى إلى تقلص عدد الشباب الذين يختارون الانخراط في الوحدات الميدانية المقاتلة.

وقد هاجم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي شعار "الجيدون للسايبر"، الذي رفعه بعض الذين خدموا في وحدات السايبر بسبب دوره في تكريس التوجه للمنافسة على مواقع في الوحدات السيبرانية وعدم الحماسة للانخراط في الوحدات المقاتلة.

ومن أجل زيادة دافعية الإسرائيليين للانضمام إلى الوحدات الميدانية المقاتلة، طبق جيش الاحتلال قبل شهرين برنامج تجنيد خاص في ألوية الصفوة المقاتلة، بحيث يمنح كل ضابط أو جندي يخدم في هذه الألوية في آخر الخدمة دورة تأهيل لتمكينه من الانخراط في المجال السيبراني المدني بعد تسريحه من الخدمة.

ونظرا لأن قبول المجندين الجدد في الوحدات السيبرانية يخضع لشروط مشددة، إذ يكون هؤلاء مطالبين بخوض منافسة للفوز بمكان ضمن هذه الوحدات، فإن المجندين الذين ينتمون إلى الفئات الاجتماعية الضعيفة لا يمكنهم المنافسة.

وفي تحليل نشرته صحيفة "ذا ماركر"، الجمعة الماضي، اعتبرت المعلقة الاقتصادية ميراف أولزرلوف أن الجيش بات المؤسسة الأبرز التي تكرس عدم المساواة في المجتمع الإسرائيلي من خلال الفروق في شروط الخدمة والتسريح التي يحظى بها منتسبو الوحدات السيبرانية مقارنة بمنتسبي الوحدات الأخرى.

المساهمون