تدور بلا هوادة رحى الصراعات العسكرية من أوكرانيا إلى غزة وجنوب لبنان، لكن ثمة جبهات اقتصادية مفتوحة هي الأُخرى، ومن تجلياتها مداولات روسية صينية على مستوى القمة، محورها النفط وأنابيب الغاز.
فماذا يدور في خلد الرئيسين شي جين بينغ وفلاديمير بوتين؟
منذ بداية حرب أوكرانيا، عززت روسيا، وهي منتج عالمي رئيسي للنفط، علاقاتها في مجال الطاقة مع الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة.
ولطالما رفضت بكين الانتقادات الغربية لشراكتها المتنامية مع موسكو في ضوء الصراع المستمر في أوكرانيا، مصرة على أن هذه العلاقات لا تنتهك الأعراف الدولية، وأن لها حق التعاون مع أي دولة تختارها.
ووفقاً لبيانات الجمارك الصينية، تسارع نمو صادرات الصين ووارداتها مع روسيا على أساس سنوي في سبتمبر/أيلول مقارنة بأغسطس/آب.
وارتفعت قيمة التجارة الثنائية إلى 21.18 مليار دولار الشهر الماضي، مسجلة أعلى مستوى منذ فبراير/شباط 2022، عندما بدأت روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا.
والشهر الماضي، قال وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو إن التعاون الاقتصادي والتجاري مع روسيا تعمّق وأصبح أكثر "صلابة" في ظل "التوجيه الاستراتيجي" لزعيمي البلدين.
في ما يلي قائمة ببعض مشاريع وتطورات الطاقة الرئيسية بين روسيا والصين:
1 - التعاون النفطي بين روسيا والصين
تصدّر روسيا نحو مليوني برميل من النفط يومياً إلى الصين، بما يمثل أكثر من ثلث إجمالي صادراتها من النفط الخام، علماً أن الصين هي ثاني أكبر مشترٍ للنفط الروسي بعد الهند.
ويتدفق نحو 40% من الإمدادات عبر خط الأنابيب "شرق سيبيريا المحيط الهادئ" ESPO، البالغ طوله 4070 كيلومتراً وتم تمويله بقروض صينية تقدر قيمتها بنحو 50 مليار دولار.
وفي الفترة من يناير/كانون الثاني حتى سبتمبر/أيلول، زودت روسيا 1.3 مليون برميل يومياً من النفط الخام المنقول بحراً، استناداً إلى متوسط البيانات المقدمة من "فورتيكسا" و"كبلر".
واستوردت الصين أيضاً نحو 800 ألف برميل يومياً من الخام عبر خطوط "إسبو"، وفقاً لمصادر تجارية صينية.
وتُشحن الواردات المنقولة بحراً أساساً من ميناء "كوزمينو" الروسي على المحيط الهادئ، إضافة إلى شحنات خام (نفط) "الأورال" من بحر البلطيق.
وفي الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، زاد إجمالي الشحنات الروسية بأكثر من 400 ألف برميل يومياً مقارنة بالعام السابق، يتصدرها "الأورال"، وفقاً لشركة "فورتيكسا" المتخصصة في تعقب الناقلات.
واستطاعت الصين، هذا العام، توفير 4.34 مليارات دولار عن طريق استيراد النفط الروسي، استناداً إلى مقارنة أجرتها "رويترز" لفروق الأسعار الشهرية بين خام "إسبو" وخام "توبي" البرازيلي وخام "الأورال" مقابل عمان، باستخدام معلومات الأسعار المقدمة من التجار.
2 - خط أنابيب الغاز الروسي إلى الصين
قد تنخفض صادرات الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب الروسية إلى الاتحاد الأوروبي إلى 21 مليار متر مكعب هذا العام، أي أقل بنحو الثلثين عن العام الماضي، وبانخفاض أكثر من 6 أضعاف عن 2021، وفقاً لتوقعات معهد "في إي بي" VEB الروسي.
وهذا أقل من 22 مليار متر مكعب التي من المتوقع أن يتم توريدها عبر خط "قوة سيبيريا" إلى الصين هذا العام، ما يعني أن صادرات غاز روسيا عبر خطوط الأنابيب إلى الصين ستفوق صادراتها إلى أوروبا للمرة الأولى.
والطريق الرئيسي لتصدير الغاز الروسي هو خط أنابيب "قوة سيبيريا" البالغ طوله 4 آلاف كيلومتر ويربط حقول شرق سيبيريا بشمال شرق الصين.
وبدأت الإمدادات عبر "قوة سيبيريا" غير المتصل بشبكة خطوط أنابيب الغاز الروسية المتجهة غرباً، في أواخر 2019 ومن المقرر أن ترتفع إلى 38 مليار متر مكعب سنوياً بحلول 2025، ارتفاعاً من 10.5 مليارات في 2021، و15.5 ملياراً في 2022، بموجب عقد مدته 30 عاماً وتتخطى قيمته 400 مليار دولار.
وتهدف روسيا إلى بناء خط أنابيب غاز ثانٍ إلى الصين باسم "قوة سيبيريا 2" بسعة 50 مليار متر مكعب سنوياً ويمر عبر منغوليا.
ومع ذلك، فإن المحادثات حول الأسعار وبقية الأمور المتعلقة بالمسار فشلت حتى الآن في تحقيق أي نتائج ملموسة.
وخلال زيارة الرئيس بوتين الصين، العام الماضي، حصل على عقد مدته 30 عاماً لتوريد 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً إلى الصين عبر خط أنابيب جديد من جزيرة سخالين الروسية.
وتتطلع شركة "نوفاتيك" الروسية إلى منافسة دولة قطر كأكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم خلال العقود المقبلة، كما استثمرت الشركات الصينية، بما في ذلك شركة النفط الوطنية الصينية، في مشروعي "يامال للغاز الطبيعي المسال" و"القطب الشمالي للغاز الطبيعي المسال-2".
وقد تورّد روسيا أيضاً ما يصل إلى 10 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال إلى الصين هذا العام، من إجمالي 33 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال المنتج في روسيا.
(رويترز، العربي الجديد)