جبهات تجارية ضد إسرائيل... اتساع المقاطعة عالمياً وتحذيرات من تعمق الأضرار

10 يونيو 2024
متجر لبيع الأطعمة في القدس المحتلة، 5 يناير 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- إسرائيل تواجه تحديات اقتصادية متزايدة بسبب الحرب التجارية العالمية، نتيجة استمرار الحرب على غزة والحصار، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد وأسعار السلع النهائية.
- كولومبيا، أكبر مورد للفحم لإسرائيل، توقف صادراتها مشترطة وقف العدوان على غزة، مما يعكس تدهور العلاقات بين إسرائيل ودول أمريكا الجنوبية.
- المقاطعة العالمية تؤثر سلبًا على الاقتصاد الإسرائيلي، بما في ذلك الشركات الكبرى وصناعة التكنولوجيا، مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المعيشة وتراجع القدرة التنافسية لإسرائيل.

تنظر القطاعات التجارية والإنتاجية في إسرائيل بقلق بالغ حيال جبهات الحرب التجارية الآخذة في الاتساع عالمياً ضد إسرائيل، بسبب الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وفرض حصار قاتل على سكانه، حيث تزداد حركة الاستيراد ارتباكاً وترتفع الكلف، ما ينعكس على مستويات أسعار السلع النهائية ويزيد أعباء الإسرائيليين.

وتُسلم تقارير إسرائيلية بأن توقف التجارة مع دول عدة، في مقدمتها تركيا، واستمرار الحوثيين في شن هجمات على السفن الإسرائيلية وغيرها من الجنسيات الأخرى المبحرة نحو إسرائيل، يضر بجيوب الجميع في إسرائيل. وآخر قرارات المقاطعة التجارية ما أعلنته كولومبيا، خامس أكبر مصدر للفحم في العالم، يوم السبت الماضي، إيقاف صادراتها من الفحم إلى إسرائيل، ورهنت استئناف هذه الصادرات بوقف الاحتلال الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة.

وتعد كولومبيا أكبر مورد للفحم إلى إسرائيل، وقد اشترت إسرائيل العام الماضي فحماً من الدولة بقيمة تصل إلى 450 مليون دولار تقريباً. وجاء قرار وقف الصادرات هذا بعد نحو شهر من إعلان الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل احتجاجاً على العدوان على غزة. ولطالما كانت العلاقات بين كولومبيا وإسرائيل دافئة قبل الحرب، ولديهما اتفاقية تجارة حرة سارية منذ 2020.

وليست كولومبيا الدولة الوحيدة في أميركا الجنوبية التي اتخذت خطوات تصعيدية تجارياً ضد إسرائيل، إذ جرى إلغاء صفقة أسلحة للبرازيل من شركة إلبيت الإسرائيلية، فضلاً عن المقاطعة التجارية التركية التي بدأت بحلول مايو/أيار الماضي، وفق تحليل للمستشار المالي الإسرائيلي نعوم مدار، نشره موقع واينت، أمس الأحد، مشيراً إلى أن تداعيات هذه المقاطعة تتضافر مع تأثيرات مشكلات الشحن الناجمة عن هجمات الحوثيين في اليمن ضد السفن في البحر الأحمر.

وتدهورت علاقات إسرائيل مع حكومات أميركا الجنوبية هذا العام. ولكن تجلى هذا في الأساس حتى وقت قريب من خلال التدابير الدبلوماسية وليس العقوبات التجارية. وتعتمد إسرائيل في خُمس إنتاجها من الكهرباء على الفحم. وفي أوقات الحاجة الشديدة، يمكن لاثنتين من محطات الطاقة الرئيسية في إسرائيل التحول إلى الفحم باعتباره دعماً احتياطياً في حالات الطوارئ.

ووفق المحلل مدار: "سوف نشعر جميعاً بآثار الحرب التجارية على جيوبنا"، لكنه أضاف أن إسرائيل قوية في صادرات التكنولوجيا المتقدمة والغاز وصناعة الدفاع. وقال: "على سبيل المثال، كان من المحتمل أن يزداد الوضع الجيوسياسي المتوتر مع مصر تدهوراً لو لم يعتمدوا علينا في إمدادات الغاز.. يجب على أولئك الذين يشترون الصناعات الدفاعية من إسرائيل أن يكونوا حذرين من أن الأسلحة التي تزودهم بها إسرائيل لا يمكن استبدالها".

لكن صحيفة هآرتس الإسرائيلية ذكرت في تقرير لها، أن العواقب الاقتصادية المصاحبة لردود الفعل العالمية المنددة باستمرار الحرب على غزة وخيمة وبعيدة المدى. فقد ألغت فرنسا مؤخراً مشاركة إسرائيل في معرض "يورو ساتوري 2024" للأسلحة والدفاع المقرر عقده في باريس في 17 يونيو/حزيران الجاري، وهو ما يمثل ضربة كبيرة لصناعة الأسلحة الإسرائيلية، وحث وزير حكومة الحرب بيني غانتس، فرنسا على إعادة النظر في القرار، وفقاً للصحيفة.

وتتجاوز المقاطعة لدولة الاحتلال حدود الحكومات، فقد قطعت العديد من الشركات الكبرى علاقاتها مع إسرائيل، إذ أعلنت سلسلة مطاعم الشطائر والقهوة البريطانية بريت أ مانجير Pret a manger في وقت سابق من الشهر الجاري أنها تخلت عن خطة لفتح فروع لها في إسرائيل، مستشهدة بحرب غزة باعتبارها حدث قوة قاهرة.

وأكدت هآرتس أن السلسلة البريطانية واجهت ضغوطاً متزايدة من الجماعات المؤيدة للفلسطينيين، مما أدى إلى احتجاجات في لندن. وأشارت الصحيفة كذلك إلى إعادة شركة ماكدونالدز، التي تواجه مقاطعة عالمية مؤيدة للفلسطينيين، الاستحواذ على فروعها الإسرائيلية البالغ عددها 225 فرعاً، في محاولة للتخفيف من ردود الفعل الواسعة من زبائنها.

كذلك بدأت صناعة التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل، التي كانت ذات يوم فخراً لها ومحركاً مهماً لاقتصادها تشعر أيضاً بآثار التراجع جراء الحرب على قطاع غزة، وما صاحبها من توترات وردود فعل عالمية. وأظهر تقرير صادر، الأسبوع الماضي، عن هيئة الابتكار الإسرائيلية الممولة من الحكومة، أن الحرب سبّبت تباطؤ الأنشطة التجارية، أو التأخير في تطوير المنتجات، أو خفض التكاليف، أو الفشل في تحقيق الأهداف، وذلك من خلال الاستطلاعات التي أجرتها الهيئة بين 500 شركة للتكنولوجيا المتقدمة.

وأشار التقرير إلى انخفاض جمع رأس المال لصناديق الاستثمار العاملة في القطاع في إسرائيل بنسبة 70% العام الماضي مقارنة بالأعوام الممتدة بين 2018 و2022، لافتاً إلى أن الشركات تخشى من الإضرار بسمعة إسرائيل وسط استمرار الحرب، وكذلك نقص الكفاءات في ظل بقاء نحو 8% من إجمالي القوى العاملة في الشركات في صفوف جنود الاحتياط بالجيش. ورسم التقرير صورة قاتمة لمستقبل صناعة التكنولوجيا الفائقة بالغة الأهمية في ظل عدم الاستقرار في إسرائيل، مشيراً إلى تراجع مؤشر النشاط التجاري إلى مستويات 2018، وهوى الاستثمار في الشركات الناشئة بنسبة 55% في 2023 وحده.

ولفتت هآرتس إلى أن حدة الرد العالمي على سلوك إسرائيل في حربها على قطاع غزة تشتد اشتداداً متزايداً، الأمر الذي أدى إلى سلسلة من المقاطعات الاقتصادية والعواقب الدبلوماسية. وأشار إلى أنه سيكون للمقاطعة تأثير طويل الأجل على تكلفة المعيشة وعلى القدرة التنافسية في إسرائيل التي سجلت بالفعل ارتفاعاً في الأسعار في الأشهر الماضية.

المساهمون