توقع مراقبون أن يكون الفرنسي تييري بروتون Thierry Breton، المفوض الأوروبي المشرف على السوق الداخلية، بصدد بذل مساع من أجل الحلول محل الألمانية أورسولا فون ديرلاين على رأس المفوضية الأوروبية في العام المقبل.
غير أنه في انتظار أن تتضح الأمور حول طموحه ذاك، يتجلى أنه يتجه نحو ربح رهان إجبار المواقع الاجتماعية، ممثلة بشكل خاص في "غوغل" و"فيسبوك" و"إكس" و"تيك توك"، على تبني تدابير ضد المنشورات التي تتضمن معلومات كاذبة وخطابات كراهية.
ودخل قانون الخدمات الرقمية حيز التطبيق أول من أمس الجمعة، حيث يفترض في تلك الشركات تطبيق مراقبة صارمة على المحتوى الرقمي. فقد أكد بروتون أن تلك الشركات تتوفر على الوقت الكافي لملاءمة أنظمتها مع التزاماتها الجديدة، ملوحاً بأنه سيتم تطبيق القانون عبر التحقيق ومعاقبة المنصات عند الضرورة.
في يونيو/ حزيران الماضي، صرح بأنه إذا لم تكن الشركات التكنولوجية مستعدة، فإنه يتوجب عليها تسخير الوسائل من أجل معالجة الأمر، مؤكداً أنه تحدث حول ذلك مع إيلون ماسك، قبل أن يضيف أنه لا يعود إليه إرشاد الشركات إلى ما يجب فعله، بل إن مهمته تتمثل في التذكير بما ينص عليه القانون.
عام 1979، حصل على دبلوم مهندس في علوم الكمبيوتر من المدرسة العليا للكهرباء "سوبيليك"، وعمل بوزارة التربية الوطنية، حيث تولى مهام تقنية بين 1986 و1990، وفي 1993 تولى بتكليف من رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد بلادور ملف العمل عن بعد.
نشط هذا الأب لثلاثة أبناء، في مساره المهني والسياحي، في العديد من المجالات. فهذا المسؤول الأوروبي البالغ من العمر سبعة وستين عاما عمل أستاذاً وكاتباً ورئيساً تنفيذياً لشركات، ووزيراً مكلفاً بالاقتصاد والمالية والصناعة.
مساره المهني والسياسي أهله لتحمل مسؤولية المفوض الأوروبي المشرف على السوق الداخلية، وهي مهمة تتضمن السياسة الصناعية والسوق الداخلية والرقمنة والدفاع والفضاء.
يوصف في أوروبا بـ"الإطفائي"، إذ يمكنه معالجة المشاكل في الشركات التي تواجه صعوبات، عبر تقليص مديونيتها أو إعادة توجيهها إلى المهن التي تتوفر فيها على امتياز تنافسي.
تولى منصب الرئيس التنفيذي للشركة المملوكة للدولة "فرانس تيليكوم" France Télécom، وقبل ذلك، كان على رأس شركة تومسون مالتيميديا Thomson multimédia، إذ رسخ فيهما صورة "المنقذ" على اعتبار أنه سعى إلى تحسين وضعيتهما المالية. تلك صورة ترسخت أكثر بعدما تولى في عام 2008 أمر "آتوس" Atos، الشركة المتخصصة في خدمات المعلوميات، حيث نقلها من مجموعة متواضعة إلي مصاف الخمسة الكبار في العالم في ذلك القطاع.
شغل منصب وزير الاقتصاد والمالية والصناعة في حكومة جون بيير رافاران ودومينيك دوفيلبان، إذ حرص بروتون، هذا القادم من القطاع الخاص، على محاربة العجوزات، وخفض المديونية. وكان عضواً في مجموعة البحث الاستشرافية حول الشغل والتشغيل، كما التحق بالمجلس الاستراتيجي لجاذبية فرنسا.
وفي سن التاسعة والعشرين، شارك في تأليف كتاب عنوانه Software حظي بإقبال كبير من قبل القراء. ذلك كتاب توقع الحرب المقبلة التي ستكون دائرة حول الحوسبة والبرمجيات.
كذلك كتب روايات، غير أنه انكب أكثر على تأليف كتب يوضح فيها آراءه حول السيادة والاقتصادية، وتطرق إلى الثورات الرقمية القادمة، إذ تناول الحوسبة والذكاء الاصطناعي.
نشط هذا الأب لثلاثة أبناء، في مساره المهني والسياحي، في العديد من المجالات
ومنذ توليه منصب المفوض الأوروبي للسوق الداخلية قبل حوالي أربعة أعوام، دافع بقوة عن السيادة الأوروبية في مجال أشباه الموصلات وضبط القطاع الرقمي والجيل الخامس للاتصالات 5G.
كما يدافع عن السيادة الصناعية، التي لا تعني في تصوره إنتاج كل شيء في أوروبا، بل التأكد من أن بعض الصناعات المهمة والاستراتيجية ستواصل توفير كل ما يجب توفيره، أية كانت المستجدات، المرتبطة بجوائح أو تطورات جيوسياسية.
لا يعمل باعتباره مفوضاً أوروبياً على سلطة القرار التي تخول له تنفيذ تصوراته، إذ يرتهن للمجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي، فهو مؤتمن على مراقبة تطبيق القوانين الأوروبية في المجالات التي يشرف عليها.
غير أن مساره السياسي والمهني يتيح له حضوراً قوياً يسمح له بتوجيه السياسات الرامية إلى الدفاع عن السوق الأوروبية المشتركة في ظلّ بروز تكتلات منافسة في عدد من مناطق العالم.