تونس: نمو باهت في 2024 وتقشف ممتد عبر بوابة الزمن

31 ديسمبر 2024
النمو الاقتصادي لم يتجاوز 1% والبطالة تصعد إلى 16.2% (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهدت تونس في 2024 نمواً اقتصادياً ضعيفاً بنسبة 1% وارتفاعاً في البطالة إلى 16.2%، مما أثر سلباً على مستويات المعيشة رغم تراجع التضخم إلى 6.6%.
- أشار الخبير محسن حسن إلى استمرار الأزمات الاقتصادية بسبب ضعف استراتيجيات الإنعاش، مؤكداً على ضرورة دعم القطاعات الإنتاجية لتحسين القدرة الشرائية المتراجعة للطبقة الوسطى.
- توقع البنك الدولي عدم تعافي الناتج المحلي لتونس إلى مستويات ما قبل كورونا بحلول نهاية 2024، مع ضغوط مالية بسبب سداد الديون الخارجية وزيادة الاقتراض الداخلي.

يستقبل التونسيون العام الجديد بتقشف إجباري عابر لبوابات الزمن منذ سنوات عدة آخرها 2024، الذي شهد نمواً اقتصادياً باهتاً، وسط تعثر السلطات في محاصرة أسباب الضعف الذي لازم مختلف الأنشطة، ما انعكس على معدلات البطالة ومستويات المعيشة.

وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام لم يتجاوز معدل النمو الاقتصادي 1%، بينما صعدت مستويات البطالة إلى 16.2% لتشمل أكثر من 670 ألف تونسي لا يزالون ينتظرون في طابور العاطلين بحثاً عن فرص عمل.

ورغم تسجيل تراجع عام في نسبة التضخم التي هبطت إلى حدود 6.6% وفق البيانات الرسمية خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مقارنة بنسبة 7.75% مطلع العام، إلا أن شعور التونسيين بالغلاء لا يزال متواصلاً، فضلا عن تواتر فقدان مواد أساسية من الأسواق.

ويفسر الخبير الاقتصادي محسن حسن، استمرار ترحيل الأزمات الاقتصادية في تونس من عام إلى آخر بقصور استراتيجيات الإنعاش الاقتصادي التي تعتمدها الحكومة مؤكدا أن السوق التونسية تعيش أزمة عرض ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار يقابله انهيار في القدرة الشرائية للمواطنين.

وقال حسن في تصريح لـ"العربي الجديد" إن آليات الإنعاش التي اعتمدتها السلطات لمكافحة الغلاء والاحتكار كانت محدودة الجدوى، مشيرا إلى ضرورة دعم القطاعات الإنتاجية والمبادرات الخاصة، بما يساعد على خلق الثورة واستيعاب البطالة وتوفير إيرادات مالية تسمح للسلطات بإجراء تعديلات مجزية في الأجور.

واعتبر حسن أن تونس لا تزال في حاجة إلى قطع أشواط طويلة وربما مستعصية للوصول إلى الرفاه الاجتماعي المنشود وإنهاء سنوات التقشف وتجميد التوظيف في القطاع الحكومي. ولفت إلى أن ارتفاع معدلات التضخم مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في بعض الأحيان ثلاثة أضعاف، أدى إلى تراجع أوضاع الطبقة الوسطى التي فقدت أكثر من 30% من قدراتها الشرائية.

وبنهاية عام 2024، توقّع البنك الدولي أن تكون تونس البلد الوحيد بين نظرائه في المنطقة الذي لا يزال إجمالي الناتج المحلي الحقيقي أقل من مستواه ما قبل جائحة فيروس كورنا التي تفشت عالمياً قبل أربع سنوات، موضحاً أن الانتعاش المحدود في الزراعة إلى جانب الخسائر في قطاعات النفط والغاز والنسيج والبناء، أدت إلى إعاقة نمو الاقتصاد في النصف الأول من العام.

رأى الخبير المالي معز حديدان، أن 2024 كان "عام أقل الأضرار"، مؤكدا أن السلطات ضغطت على كل النفقات والمصاريف من أجل ضمان سداد ديونها الخارجية وتجنب سيناريوهات مؤلمة في السقوط في فخ التخلف عن دفع أقساط القروض الخارجية. وقال حديدان لـ"العربي الجديد" إن إعطاء الأولوية المطلقة لسداد الديون أدى إلى ضغوط مالية كبيرة على الخزينة واستنزاف موارد القطاع المصرفي، الذي كان يفترض أن توجه إلى الاستثمار.

واعتبر أن زيادة الضغط على القطاع المالي واللجوء إلى الاقتراض الداخلي المكثف يبقي شبح التضخم قائماً، وهو ما يفسر إصرار البنك المركزي التونسي على تثبيت نسبة الفائدة عند مستوى 8% تحسباً لتصاعد التضخم مجدداً. وتتجه تونس بشكل متزايد إلى مصادر التمويل الداخلية، حيث ارتفع الدين المحلي من 29.7% من إجمالي الدين العام في عام 2019 إلى 51.7% بحلول أغسطس/آب 2024.

ويُؤدي هذا التوجه إلى تحويل نسبة متزايدة من تمويلات البنوك إلى احتياجات الحكومة، بدلاً من باقي قطاعات الاقتصاد. كما أنه يمثل أيضاً تحدياً بالنسبة لاستقرار العملة والأسعار. ويأتي التباطؤ الحالي للاقتصاد بحسب تقرير للبنك الدولي في سياق تراجع طويل الأمد في النمو على مدى العقد الماضي، مع تراجع معدلات الاستثمار والادخار.

المساهمون