تونس: عراقيل تترصد خطة زيادة إنتاج الحبوب

08 سبتمبر 2022
الحكومة تستهدف زيادة إنتاج الحبوب 50% الموسم المقبل (فرانس برس)
+ الخط -

يشغل الموسم القادم المزارعين في تونس وسط مخاوف من عرقلة خطط زيادة الإنتاج نتيجة شح التمويلات وتكرار سيناريوهات نقص المواد الأولية والبذور، بينما تتصاعد أزمة الغذاء عالميا ويصعد معها العجز التجاري المحلي مدفوعا بزيادة واردات الغذاء.

وتكشف أحدث الإحصائيات الخاصة بتجميع الحبوب أن محصول هذا العام لن يوفر إلا ثلث الاستهلاك المحلي من القمح مقابل اللجوء إلى الأسواق العالمية لتأمين باقي الكميات لتوفير خبز التونسيين، حيث جرى تجميع 7.3 ملايين قنطار من مجموع حاجيات تناهز 30 مليون قنطار.

وتخطط السلطات لزيادة الإنتاج بنحو 50 بالمائة بداية من العام القادم معوّلة على جملة الحوافز التي أقرتها لفائدة المزارعين، ومن أهمها رفع سعر الحبوب عند الإنتاج بنحو 30 بالمائة.

لكن استبيانا أجراه المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، نشرت نتائجه يوم الجمعة الماضي، كشف توجسا كبيرا لدى المزارعين من الصعوبات التي تنتظرهم في موسمهم الزراعي الجديد، إذ توقع 67 بالمائة من الفلاحين المستجوبين تسجيل نقص في توفر البذور مع بداية الموسم الجديد، كما رجّح 44 بالمائة منهم أن يشمل النقص الكميات والأصناف.

كما توقع 83 بالمائة منهم تسجيل نقص في توفر مادة الأمونيا وارتفاع أسعارها فضلا عن عدم رغبة نحو 48 بالمائة من الفلاحين المستجوبين في اللجوء إلى البنوك قصد تطوير استثماراتهم نتيجة شح التمويلات وتأخر المصارف في دراسة ملفاتهم، ذلك أن نسبة الفلاحين الذين لديهم تعاملات مع البنوك لا تتجاوز 7 بالمائة.

ويقول عضو تنسيقية "فلاحون غاضبون" (مؤسسة مدنية مستقلة)، هيثم الشواشي، إن رغبة المزارعين في زيادة الإنتاج تقابلها عديد الصعوبات، ومن بينها نقص البذور المحسنة ذات المردودية العالية وارتفاع كلفة الإنتاج.

ويؤكد الشواشي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن أزمة توفر البذور المتوقعة خلال الموسم الجديد ليست سوى حلقة صغيرة من سلسة مشاكل تواجه قطاع الحبوب، أهمّها غلاء الأسمدة وعدم توفرها، خاصة مادتي الأمونيتر والأمونيوم.

وانتقد الشواشي عدم وضوح خطة وزارة الفلاحة لمواجهة مشكل استيراد القمح اللين والصلب الناتج عن الحرب الروسية الأوكرانية، مُوضّحًا أنّ الإجراء الوحيد الذي يمكن أن يستحسنه منتجو الحبوب وأن يشجع الفلاحين على زراعة القمح هو تحديد سعر مناسب لشراء البذور.

ويرى المتحدث أن السلطات مجبرة على اتخاذ قرارات لصالح المزارعين من أجل ضمان تجميع أكبر كمّية ممكنة من الحبوب من المنتجين، والحد من تأثير واردات القمح على عجز الميزان التجاري.

لكن وزارة الزراعة تخطط لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب بداية من عام 2023 عبر إنتاج 12 مليون طن، وذلك من خلال تحفيز الإنتاج برفع ربحية القطاع وزيادة أسعار الحبوب عند الشراء من المنتجين المحليين.

ويقول عضو تنسيقية "فلاحون غاضبون" (مؤسسة مدنية مستقلة)، هيثم الشواشي، إن رغبة المزارعين في زيادة الإنتاج تقابلها عديد الصعوبات

وقال مصدر مسؤول بوزارة الزراعة لـ"العربي الجديد"، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن خطة تحفيز الإنتاج تشمل أيضا التوسّع في مساحات إنتاج القمح الصلب إلى 800 ألف هكتار مقارنة بالمساحات الحالية التي تصل إلى 600 ألف هكتار.

كما تعوّل الوزارة على توفير 450 ألف قنطار من بذور الحبوب وضمان التزود بالأسمدة الكيميائية، وهي أكبر المعضلات التي تواجه منتجي الحبوب.

في تونس يُعتبر قطاع الحبوب استراتيجيا، يمثل 13 بالمائة من القيمة المضافة الفلاحية و42 بالمائة من مساحة الأراضي الفلاحية الصالحة للزراعة، و27 بالمائة من إجمالي الأراضي الفلاحية المُستغَلّة.

وخلال الفترة الممتدة بين 2008 و2018، بلغت نسبة اعتماد الدولة التونسية على توريد الحبوب معدل 57.35 بالمائة بحسب بيانات لاتحاد الفلاحة والصيد البحري.

وتتعرض تونس، بشكل خاص، لاضطرابات في إمدادات الحبوب، حيث كانت قد استوردت السنة الماضية 60 بالمائة من احتياجاتها من القمح اللين، و66 بالمائة من الشعير من روسيا وأوكرانيا.

وحسب بيانات رسمية لمعهد الإحصاء الحكومي، فقد بلغت واردات تونس من الحبوب حتى نهاية شهر يوليو/ تموز الماضي أكثر من 1.8 مليون طن بما قيمته 2.4 مليار دينار مقابل صفر من صادرات القمح.

وخلال الأشهر السبعة الأولى قفز عجز الميزان التجاري لتونس بنسبة 57.1 بالمئة على أساس سنوي وسط ارتفاع حاد في كلفة الواردات بسبب التضخم الذي تشهده أسعار السلع الأساسية.

المساهمون