تضغط الأزمة السياسية في تونس على السندات الحكومية، وسط مخاوف دولية من دخولها في مرحلة التعثر في سداد الديون نتيجة الأزمة المالية وعجز الموازنة القياسي، وتأخر الرئيس قيس سعيّد في إعلان تشكيل حكومة جديدة بعد قرابة 60 يوما من التدابير الاستثنائية وتعليق أعمال البرلمان.
وقالت وكالة رويترز، اليوم الثلاثاء، إن سندات الحكومة التونسية تتعرض لضغط جديد، وبلغت تكلفة التأمين ضد مخاطر تخلفها عن السداد مستوى قياسيا، مع استمرار تصاعد المخاوف بشأن الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.
وذكرت الوكالة أن بيانات "تريدويبط أظهرت أن سندات 2024، التي يصدرها رسميا البنك المركزي للبلاد، تراجعت نحو سنت اليوم ليجرى تداولها عند 83.535 سنتا باليورو. (اليورو= 3.2787 دينار تونسي).
كما أظهرت بيانات من "آي.إتش.إس ماركت" أن مبادلات مخاطر التخلف عن سداد الائتمان لأجل 5 سنوات قفزت إلى 840 نقطة أساس، بزيادة 22 نقطة أساس عن إغلاق يوم الاثنين، وأكثر من مثلي مستوياتها في بداية العام.
ويأتي تعرّض السندات التونسية للضغط الشديد اليوم رغم عدم تخلف السلطات المالية عن سداد قرضين خارجيين يوم 21 سبتمبر/ أيلول الجاري، الأول بقيمة 203 ملايين يورو والثاني بقيمة 52 مليون دولار، من أصل 8.3 مليارات دينار (2.96 مليار دولار) من مجموع القروض التي يحين أجلها هذا العام. (الدولار= 2.8065 دينار تونسي).
وقال الخبير المالي رضا الشكندالي إن تعرض سندات الحكومة التونسية لضغط على مستوى السوق الدولية أمر متوقع، مرجحا استمرار هذه الضغوط في غياب مؤشرات على استقرار الوضع المالي والسياسي على المدى القريب.
وأكد الشكندالي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المقرضين في السوق الدولية يبحثون عن تطمينات ومناخ أكثر شفافية، معتبرا أن استمرار الغموض وغياب الحكومة والمخاوف من وصول البلاد إلى مرحلة التخلف عن سداد ديونها ستنعكس سلبا على التصنيف الائتماني القادم للبلاد.
وأفاد، في سياق متصل، بأن وكالات التصنيف تأخذ بعين الاعتبار ردود فعل السوق المالية إزاء الديون التونسية وسلوك المستثمرين تجاه السوق التونسية، وهي مؤشرات لا تزال مرتبكة ويكتنفها الكثير من الغموض، وفق تقديره.
وكشفت بيانات رسمية لوزارة المالية أن تونس ستحتاج إلى تمويلات بقيمة 10 مليارات دينار خلال ما تبقى من العام الحالي، أي بمعدل مليارَي دينار من القروض شهريا.
وبينت النتائج الوقتية لتنفيذ الميزانية للأشهر السبعة الأولى لسنة 2021 أن موارد الاقتراض المتحصل عليها داخليا وخارجيا بلغت 8.7 مليارات دينار، في حين تبلغ احتياجات تونس لكامل السنة 18.5 مليار دينار.
ورجحت وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني، في تقرير أصدرته بداية سبتمبر/ أيلول الحالي، استمرار دعم البنك المركزي التونسي البنوك خلال الأشهر القليلة المقبلة، لمساعدة النظام المصرفي على التعامل مع حالة عدم اليقين السياسي الإضافية.
واعتبرت أن استمرار هذا الدعم "أمر بالغ الأهمية"، نظرا لانخفاض مستويات التمويل للبنوك التونسية.
وقالت الوكالة إن العجز المرتفع لموازنة تونس أدى إلى وضع الدين العام على مسار غير مستدام، فيما يمكن أن يؤدي عدم الاستقرار السياسي الحالي إلى تعريض صفقة مع صندوق النقد الدولي للخطر ويفرض تحديات كبيرة.
وأكد التقرير أن البنوك التونسية ستواجه بيئة اقتصادية وتشغيلية أكثر صعوبة ومخاطر عالية، نتيجة تدهور في ربحية البنوك التي تعمل في بيئة شديدة التنافسية ومجزأة مع آفاق تنمية مضطربة، وربما تزايد الخسائر المرتبطة بنشاط الإقراض.