تونس: صرامة القوانين غير كافية وحدها لحماية الاقتصاد

30 سبتمبر 2021
تونس لم تسجل خلال السنوات الماضية حاجة إلى تعويض المودعين (فرانس برس)
+ الخط -

بدأت تونس منذ عام 2018 خطوات جديدة لحماية أموال المودعين وتعزيز الضمانات داخل الجهاز المصرفي، رغم غياب مؤشرات عن هجرة الأموال أو سحوب مكثفة للأموال على امتداد العشرية الأخيرة التي عرفت فيها البلاد هزات سياسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة.

وتعتبر حماية أموال المودعين وزيادة الضمانات في صلب القطاع البنكي من الآليات التي اشتغلت عليها السلطات النقدية في السنوات الأخيرة والتي انتهت عام 2020 من تفعيل عمل أول صندوق حكومي لضمان الودائع البنكية، الذي تم إنشاؤه بمقتضى قانون المالية لسنة 2016.

ويهدف صندوق ضمان الودائع البنكية لحماية أرصدة المودعين في حال تعثر البنوك عن توفير السيولة أو إفلاسها والمساهمة في استقرار المنظومة المالية وفقا لنظامه الأساسي.

ويقول مصدر مسؤول في البنك المركزي التونسي، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن تونس لم تسجّل خلال السنوات الماضية حاجة إلى تعويض المودعين عبر الآليات المتاحة بما في ذلك صندوق ضمان الودائع البنكية.

وذكر المصدر ذاته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن السلطات النقدية تسعى إلى تحسين عوامل الثقة بين الجهاز المصرفي والعملاء، ومنها كان هدف إحداث صندوق ضمان الودائع الذي يتم تمويله عبر مساهمات البنوك التي تنخرط فيه بصفة آلية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأضاف في سياق متصل، أن الأزمات الاقتصادية والأحداث السياسية الكبرى التي عاشتها تونس لم تؤثر على ثقة المودعين في البنوك والمؤسسات المالية، ولم تسجل البلاد سحوبات مكثفة للأموال أو هروبا لأصحاب الحسابات، مشيرا إلى أن إحداث جهاز وقائي حكومي جرى بهدف توفير الضمانات التي تحافظ على استقرار وصلابة المنظومة المصرفية.

وأفاد المتحدث في سياق متصل، بأن تونس لم تسجّل أي مظاهر للريبة الاقتصادية رغم الأخطار التي رافقت التحولات السياسية الكبرى التي عاشتها البلاد، مشيراً إلى أن العمليات المالية والنقدية تسير بشكل عادي، ولم يسجل أي طلب مكثف على سحب السيولة من البنوك.

ويفرض قانون صندوق ضمان الودائع البنكية على كل المؤسسات المصرفية التي تمارس النشاط البنكي في الساحة التونسية الانخراط في صندوق ضمان الودائع البنكية.

ويتولى الصندوق استخلاص المساهمات المحمولة على البنوك باعتماد نسبة 0.3 بالمائة من قائم الودائع للسنة المختومة، ويمكن للجنة المراقبة، بعد استشارة البنك المركزي التونسي، أن تعدّل في نسبة المساهمة السنوية الموظفة على البنوك أو أن تغير في قاعدة احتسابها وفقا للمخاطر التي ينتهجها كل بنك منخرط.

يعوض صندوق ضمان الودائع البنكية المودعين المشمولين بالضمان في حدود مبلغ أقصاه 60 ألف دينار، أي نحو 22 ألف دولار، لكل مودع عن جميع أرصدة حساباته الدائنة المفتوحة لدى كل بنك.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

يتمّ احتساب المبلغ الذي يجب تعويضه من قبل صندوق ضمان الودائع البنكية على أساس مجموع الأرصدة الدائنة لحساب أو حسابات المودعين المفتوحة لدى البنك المعني بالتعويض، وتؤخذ بعين الاعتبار العمليات الدائنة المؤجّلة والمتأتية من استخلاص الصكوك والأوراق التجارية المسلمة للبنك.

ويقول الخبير المالي أيمن الوسلاتي إن تحسين وتطوير أنظمة الوقاية مهم جدا في القطاع المصرفي، معتبرا أن توفير آليات الضمان لتعويض أموال المودعين يخفض عناصر الريبة والمخاوف التي تسبب السحوبات المكثفة ومخاطر للبنوك وتحويلها لحسابات في الخارج.

وأكد الوسلاتي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الجهاز المصرفي يحكم السيطرة على تسرب الأموال، ما يحول دون تعرض البنوك لمخاطر الإفلاس، وهو ما يفسر تواصل تحقيق المصارف لأرباح مهمة رغم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وتأثير الجائحة الصحية على أغلب القطاعات.

واعتبر أن قانون الصرف التونسي الذي لا يجيز للأشخاص فتح حسابات بالعملة الصعبة ويحدد في بعض الحالات القيمة القصوى للسحوبات يضمن أيضا أموال المودعين من المخاطر.

وأفاد أيضاً بأن حماية أموال المودعين وصلابة المؤسسات المالية محمية إلى حين، معتبرا أن صعوبات المالية العمومية تلقي بظلالها على البنوك ويمكن أن تزيد من عناصر الريبة التي تسبب السحوبات المكثفة للأموال وانهيار البنوك.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وعقب إعلان الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/ تموز الماضي، طالب المعهد العربي لرؤساء المؤسسات (منظمة غير حكومية)، في بيان له، بضرورة اليقظة واتخاذ الإجراءات اللازمة عنـد الحـاجة إلى تجنـب بروز ظواهر الريبة والشك في الاقتصاد التونسـي.

وقال المعهد إن الظواهر يمكن أن تتمثل بالزيادة المفرطة لعمليات سحب مبالغ مالية هامة من البنوك، وتراجع البورصة وحجم التعاملات على السوق النقدية، وانخفاض قيمة العملة، وطلب إسناد دور استثنائي إلى البنك المركزي لطمأنة المتدخلين الاقتصاديين والأسواق.

المساهمون