تسعى مؤسسات عاملة في تونس تحت الامتياز التجاري (الفرانشيز) لشركات دولية تدعم الاحتلال الإسرائيلي في حربه القذرة على قطاع غزة، إلى تخفيف وطأة الدعوات لمقاطعة منتجاتها عبر المشاركة الواسعة في حملات التبرع لفائدة غزّة التي يشرف عليها الهلال الأحمر التونسي.
وبادرت علامات على غرار "كارفور" و"دليس دانون" بإظهار كل أشكال دعمها للقضية الفلسطينية عبر بيانات أصدرتها على مواقعها الرسمية، أو عن طريق التبرعات المالية، حيث تستمر في تونس منذ أكثر من شهر الدعوات إلى مقاطعة سلع ومحلات العلامات التي تصطف إلى جانب الكيان المحتل.
وتستغل العديد من المؤسسات التونسية علامات الامتياز التجاري لشركات دولية تنحاز لإسرائيل في حربها على غزة، ما يجعلها في مرمى المقاطعة رغم تأكيد إداراتها أنها أُنشئت برأس مال تونسي وتتمتع بالاستقلالية التامة في مواقفها وسياساتها التجارية والاتصالية.
وقال "مجمع كارفور" الذي يدير سلسلة واسعة من المساحات التجارية الكبرى في مختلف محافظات البلاد في بيان أصدره إن ما يصدر عن مقرات كارفور في مناطق أخرى من العالم لا يلزمها في شيء ولا يمت لها بصلة.
وأوضح المجمع أن المؤسسة الاقتصادية التي افتتحت أول محلاتها في تونس عام 2001 أصبحت فاعلا اقتصاديا وطنيا وتساهم في توفير 5 آلاف فرصة عمل. كما تتعاون مع مزودين محليين حيث تشكل المنتجات المصنعة محليا 90 بالمائة من المنتجات التي تسوّقها.
لكن رئيس منظمة إرشاد المستهلك، لطفي الرياحي، يعتبر أن مواصلة مقاطعة هذه العلامات يخدم الاقتصاد المحلي، إضافة إلى تسجيل الموقف السياسي الرافض لدعم الشركات الأصلية للحرب ضد غزة، مؤكدا أن الظرف ملائم جدا لإعادة النظر في تواجد هذه العلامات في تونس.
وقال الرياحي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن المساحات التجارية الكبرى التي تعمل في تونس تحت علامات الامتياز التجاري تحقق أرباحا كبيرة على حساب معيشة التونسيين بسبب هوامش الربح العالية التي تفرضها، فضلا عن عرضها للمنتجات الموردة على حساب تلك المصنعة محليا.
وتابع: "تسببت هذه الشركات في تدمير قطاع تجارة التجزئة. كما أضرت العلامات الناشطة في قطاع الملابس والنسيج بتدمير صناعة الملابس التونسية التي كانت رائدة قبل انتشار الماركات الأجنبية في البلاد.
ومنذ عام 2009 تم ضبط الإطار التشريعي لعقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية أو ما يسمى بالفرانشيز ضمن القانون المتعلق بتجارة التوزيع.
وقد تم إعداد قائمة بالقطاعات المعنية بالفرانشيز تشمل العطورات، ومواد التجميل، والملابس الجاهزة، والأحذية والمنتجات الجلدية والرياضية، والساعات، والهدايا، والنظارات، والتجهيزات الكهرومنزلية، وغيرها.
رئيس منظمة إرشاد المستهلك، لطفي الرياحي، يعتبر أن مواصلة مقاطعة هذه العلامات يخدم الاقتصاد المحلي
في المقابل، تم حينها استثناء استغلال العلامات الأجنبية في قطاعات الأكلات السريعة والمقاهي وخدمات التنظيف والوكلاء العقاريين والمساحات التجارية الصغيرة والمتوسطة حماية للنسيج التجاري، ولاسيما قطاع الأكلات السريعة المحلية، من المنافسة التي قد يجدها من العلامات الأجنبية.
وعقب ثورة يناير 2011 مارست دوائر الأعمال ضغوطاً كبيرة على السلطة من أجل توسعة قائمة استغلال العلامات التجارية الأجنبية لتشمل قطاع المطاعم والأكلات السريعة على غرار "بيتزا هوت" و"ماك دونالدز" وكنتاكي "كي أف سي".
واعتبارا من عام 2016 منحت وزارة التجارة 20 رخصة امتياز أجنبية لمزاولة العمل في القطاعات المقيّدة شملت التوزيع والسياحة والتدريب المهني وبعض قطاعات الخدمة.
وتعتبر بعض الأطراف المهنية أن الترخيص للمستثمرين لاستغلال علامات عالمية له مزايا من ذلك مساهمتها في التشغيل باعتبار أن المستثمر الذي سيستغل العلامة الأجنبية يقوم بفتح العديد من نقاط البيع وهو ما سيساهم في إحداث مواطن شغل جديدة.
كما تساعد على إحداث حراك تجاري جديد في البلاد وتنويع العرض والمنتجات باعتبار أن القانون التونسي يفرض على العلامات الأجنبية استعمال المنتجات المحلية، وهو ما يخلق ديناميكية في العديد من القطاعات الفلاحية وتحسين دخل المزارعين والمنتجين.