تونس تدرس أول صندوق للتأمين على فقدان الوظائف

17 أكتوبر 2024
من حراك الاتحاد العام للشغل في تونس، 2 مارس 2024 (حسن مراد/Getty)
+ الخط -

كشف مشروع قانون الموازنة للعام القادم نية سلطات تونس إحداث أول صندوق للتأمين على فقدان الوظائف لأسباب اقتصادية، بهدف الحد من تأثيرات التغيرات الاقتصادية في الأفراد الذين يفقدون مواطن عملهم، بسبب تعثّر المؤسسات التي يعملون بها. ويُعد صندوق التأمين على فقدان الوظائف لأسباب اقتصادية الأول من نوعه في تونس، حيث تعتمد السلطات حالياً على آلية التسريح لأسباب فنيّة لمساعدة الموظفين المسرحين ما يمكنهم من الحصول على منح مالية، إلى حين إعادة إدماجهم في سوق الشغل مجدداً.

وأظهرت وثيقة شرح الأسباب المضمنة في مشروع قانون الموازنة أن صندوق التأمين على فقدان الوظائف يهدف إلى تمويل نظام تأمين العمال ضد الفقدان الجماعي لمواطن الشغل لأسباب غير شخصية لطرفي العلاقة الشغيلة وإرساء نظام للإحاطة الاجتماعية بالعمال المسرحين لأسباب اقتصادية.

وبرزت الحاجة في تونس إلى صندوق للتأمين على الوظائف المفقودة إبان جائحة كورونا التي تسببت في فقدان آلاف الوظائف، نتيجة الغلق وإفلاس المؤسسات، حيث اضطرت الدولة حينها إلى تعويض المسرحين لأسباب اقتصادية، عبر آليات ظرفية جرى إحداثها للحد من تداعيات فقدان الوظائف على الأفراد والأسر المتضررة.

ويقول وزير التشغيل السابق فوزي بن عبد الرحمان إن التعويض عن فقدان الوظائف يجري عبر إحدى آليات صندوق التشغيل التي تمكن المسرحين لأسباب اقتصادية من الحصول على منحة مالية تحت عنوان البطالة الفنية بقيمة 250 ديناراً أي ما يعادل 83 دولاراً.

وأكّد بن عبد الرحمان أن "لجان مراقبة الطرد" التابعة لـ"تفقديات الشغل" تمنح المسرحين شهادات تؤكد الاستغناء عن توظيفهم لأسباب اقتصادية ما يمكنهم لاحقاً من تقديم طلبات للحصول على منح التسريح لأسباب فنية، أو التقاعد المبكر لمن يتجاوز سنهم الخمسين عاماً.

وأشار وزير التشغيل السابق أن مشروع قانون الموازنة لم يقدم الكثير من التفاصيل حول الآلية الجديدة، غير أن نجاح الصندوق من عدمه يبقى مرتبطاً بآليات التمويل واستدامتها. ووفق وثيقة مشروع قانون الموازنة تنوي السلطات تمويل الصندوق، عبر مصادر مختلفة، من بينها التمويل الحكومي بقيمة 5 ملايين دينار، ومعلوم اشتراك بنسبة 0.5% يُحمّل على كل من المؤجر والأجير إلى جانب ضرائب ستوظف على التبغ والوقيد، والألعاب الإلكترونية.

وبيّنت أرقام رسمية نشرها معهد الإحصاء الحكومي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن معدل إغلاق المؤسسات الصغرى والمتوسطة بلغ 38 ألفاً سنوياً والبيانات خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2019 و2021. وفي تونس تهيمن المؤسسات الصغرى والمتوسطة على النسيج الاقتصادي للبلاد، غير أنها تواجه تحدي الاستدامة والحفاظ على مواطن الشغل التي تحدثها.

وتظهر المؤشرات التي كشف عنها معهد الإحصاء أن عدد المؤسسات التي تشغل ما بين موظف وتسعة موظفين يبلغ في المعدل السنوي نحو 82 ألف مؤسسة، لتمثل بذلك الحصة الأكبر من حيث عدد الوحدات المشغلة للأجراء في القطاع الخاص في البلاد.

في المقابل، تشير البيانات الإحصائية إلى أن عدد المؤسسات الكبيرة التي تشغل 100 شخص وأكثر لا يتجاوز في المعدل 1793 مؤسسة، منها 857 مؤسسة توظف 200 عامل وأكثر. وبلغ، وفقاً للمعطيات المتاحة، عدد مواقع العمل في القطاع الخاص 1.87 مليون موطن شغل مقارنة بنحو 830 ألفاً في عام 2005، بزيادة نسبتها 1.8% في المعدل سنوياً.

وتبين المعطيات الإحصائية أن معظم المؤسسات تقريباً في تونس هي في شكل مؤسسات أشخاص طبيعيين أو مؤسسات فردية، في حين تهيمن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر على النسيج المؤسساتي، وسط وجود عدد من المجمعات والشركات الكبيرة.

وقال مصدر نقابي، فضّل عدم الكشف عن هويته، إن مشروع صندوق التأمين على الوظائف المفقودة لأسباب اقتصادية كان من بين البنود المضمّنة في العقد الاجتماعي الذي جرى توقيعه في يناير/ كانون الثاني 2013 بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة. وأكد المصدر لـ"العربي الجديد" أن مشروع الصندوق تعثّر بسبب عدم توفر آليات التمويل المستدامة والقارة التي تسمح بتمكين المسرحين لأسباب اقتصادية من الحصول على منح شهرية مقبولة وإعادة تأهيلهم وإدماجهم في سوق العمل.

وفي سياق متصل، أفاد المصدر بأن النيّة كانت تتجه نحو توفير موارد عبر مساهمات قارة تقتطع من رواتب الموظفين الذين لا يواجهون مخاطر التسريح وأيضاً من قبل المشغلين الذين أبدوا استعداداً للمساهمة، شرط تسهيل شروط التسريح المضمنة في قانون الشغل. واعتبر أن من شروط إنجاح الصندوق باعتباره آلية تعويض هو توفير موارد قارة ومستدامة.