- الارتفاع المتوقع في أسعار النفط قد يضع ضغوطاً على الإدارة الأميركية، لكن هناك "أدوات متعددة" للتخفيف من تأثير الأسعار المرتفعة، بما في ذلك استخدام احتياطي النفط الاستراتيجي الأميركي.
- "جي بي مورغان" يحافظ على توقعاته لأسعار النفط دون تغيير، متوقعاً متوسط سعر خام برنت 83 دولاراً في 2024، مشيراً إلى أن تدمير الطلب والاستجابات السياسية قد تؤثر على أسعار النفط في المستقبل.
توقعت مصادر في صناعة الطاقة العالمية وصول سعر برميل النفط إلى 100 دولار للبرميل هذا العام مع زيادة المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.
ويرى محللون أن قرار روسيا تعميق تخفيضات إنتاج النفط قد يؤدي إلى رفع أسعار النفط الخام العالمية، بالقرب من 100 دولار للبرميل بحلول شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، لكن تدمير الطلب قد يلعب دوراً في تقليل توقعات الأسعار، حسبما كتب محللون بمصرف "جي بي مورغان" في مذكرة نشرت "ماركتس ووتش" مقتطفات منها.
وكانت "ماركتس ووتش" قد نشرت في 3 مارس/ آذار الماضي مذكرة تفيد بتنفيذ العديد من الدول الأعضاء في "أوبك+"، التي تمثل منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاءها، تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية الإضافية بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً لدعم استقرار وتوازن سوق النفط. لكن روسيا قالت، في خطوة مفاجئة، إنها ستخفض طوعاً إنتاجها بنحو 471 ألف برميل يومياً خلال الربع الثاني من هذا العام.
ويُضاف هذا القرار إلى خفض طوعي آخر بمقدار 500 ألف برميل يومياً أعلنته روسيا في إبريل/ نيسان العام الماضي 2023، والذي يمتد حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2024.
ووفق تقرير بنشرة "ماركتس ووتش"، فقد كتب محللو "جي بي مورغان"، بقيادة الخبير البترولي ناتاشا كانيفا، أن "التحول في استراتيجية النفط الروسية أمر مثير للدهشة".
ونبهوا إلى أنه "في ظاهر الأمر، وبافتراض عدم وجود استجابة سياسية أو عرض أو طلب، فإن تصرفات روسيا يمكن أن تدفع سعر خام برنت إلى 90 دولاراً بالفعل في إبريل/ نيسان الجاري، وربما يصل سعر البرميل إلى منتصف 90 دولاراً بحلول مايو/ أيار ليقترب من 100 دولار بحلول سبتمبر/ أيلول".
وأوضح المحللون أنفسهم أن "هذا الارتفاع في الأسعار يمكن أن يتضخم بشكل أكبر بسبب الاحتمال المتساوي لتمديد تحالف "أوبك+" في يونيو/حزيران تخفيضات إنتاج النفط حتى نهاية العام".
وبلغ سعر خام برنت تسليم مايو/ آيار المقبل في نهاية جلسة تعاملات الخميس الماضي 85.75 دولاراً للبرميل، بانخفاض 50 سنتاً أو 0.6%، في بورصة ICE للعقود الآجلة في أوروبا.
وتظهر بيانات FactSet الأميركية، أنه يجري تداول العقد بارتفاع بنسبة 12% تقريباً منذ بداية العام حتى الآن.
ومع ذلك، أشار محللو "جي بي مورغان" إلى أن هناك "أدوات متعددة يمكنها التخفيف بشكل فعال من تأثير الأسعار المرتفعة"، مؤكدين أن "آلية إعادة التوازن" الأكثر وضوحاً على المدى القصير هي الاستجابة السياسية في شكل سحب مخزونات الخام من احتياطي النفط الاستراتيجي الأميركي.
كما أشاروا إلى أن ارتفاع أسعار النفط من شأنه أن يبقي الضغط على الإدارة الأميركية في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حيث من المرجح أن ترتفع أسعار البنزين الأميركية إلى 4 دولارات للغالون بحلول مايو/ أيار المقبل، وهو ما يتوقعه محللو "جي بي مورغان" منذ صيف عام 2022.
ومع ذلك، لفت المحللون أنفسهم إلى أن الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأميركي، ما زال يحتفظ، حتى بعد التخفيض القياسي لإدارة بايدن في عام 2022 والجهود المبذولة لإعادة تعبئته "بكميات كافية من النفط الخام لحماية الاحتياجات الاستراتيجية للبلاد، وتوفير وسادة ضد صدمات الأسعار".
وفي هذا الإطار، اعتبر أن للإدارة الأمريكية "مساحة سياسية" للإفراج عن ما يصل إلى 60 مليون برميل من النفط الخام لخفض أسعار الوقود في شهور الانتخابات الرئاسية.
وبصرف النظر عن احتياطي الولايات المتحدة الاستراتيجي من النفط، فإن تدمير الطلب يوفر "إجراء مضاداً قوياً" آخر لارتفاع أسعار النفط، حسبما قال المحللون في المصرف الأميركي، والذين كتبوا أن "تأثير ارتفاع أسعار النفط على الاستهلاك يعتمد بشكل كبير على ما إذا كان مصدر ارتفاع أسعار النفط هو صدمة الطلب أو صدمة العرض".
وفي هذا السياق، أوضحوا أن "صدمة الطلب"، تتطلب حدوث توسع اقتصادي قوي شبيه بما حدث في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حينما انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2001، وهو ما أدى إلى نمو قوي في الناتج المحلي الإجمالي زاد من الطلب العالمي على الخامات البترولية، وتبعاً لذلك ارتفعت أسعار النفط.
كذلك نبه المحللون إلى أن "سرعة حركة الأسعار مهمة أيضاً. إذ سيكون للارتفاع الحاد والسريع في أسعار النفط تأثير أكبر على معنويات الأسر والإنفاق، حيث إن المستهلكين لديهم وقت أقل للتكيف"، لافتين إلى أن أسعار النفط التي تزيد كثيراً عن 90 دولاراً للبرميل يمكن أن تسبب "اضطرابات شديدة" في الطلب العالمي على النفط، نظراً لقوة الدولار الأميركي، وارتفاع تكاليف الاقتراض. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط.
كما رصدوا دلائل أولية على أن المستهلكين ربما يخفضون بالفعل استهلاك الوقود، على الرغم من أن الأسعار اليوم قد لا تكون قريبة من "عتبة معاناة المستهلكين" التي لوحظت في عام 2022. إذ تكشف الرحلات الأسبوعية التي يقوم بها السائقون الأميركيون أن الرحلات التي تغطي مسافة تتراوح من ثلاثة إلى 100 ميل قد انخفضت منذ نهاية يناير/ كانون الثاني "بالتزامن مع الفترة التي بدأت فيها أسعار البنزين الأميركية في الارتفاع".
وعلى ضوء هذه المعطيات، اختار "جي بي مورغان" الإبقاء على توقعاته لأسعار النفط دون تغيير، بالنظر إلى "الإجراءات المضادة المتعددة التي يمكن أن تكون بمثابة آلية مناسبة لإعادة التوازن" لأسعار النفط المرتفعة.
ويتوقع المصرف أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 83 دولاراً في 2024، مع متوسط أسعار عند 84 دولاراً في الربع الثالث و85 دولاراً في الربع الرابع من هذا العام.