كشف مصدر مسؤول من العاصمة السورية دمشق أن حكومة بشار الأسد طلبت إلى وزارة المالية واتحاد العمال "تقديم دراسة مفصّلة حول الدخل والإنفاق للبحث بزيادة الأجور"، لتصدر الزيادة بالتوازي مع حملة الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها سورية منتصف العام الجاري.
وأشار المصدر لـ"العربي الجديد" إلى أن وزير المالية كنان ياغي أعلم رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس بإمكانية تحقيق الزيادة من خلال مكافحة التهرب الضريبي "إن لزم الأمر".
لكن المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، رجّح الزيادة من خلال التمويل بالعجز، لأن نظام الأسد بصدد طرح كتل نقدية جديدة من فئة 5000 ليرة التي طبعها في روسيا وطرحتها الحكومة للتداول خلال شهر كانون الثاني/يناير الماضي، غير مستبعد أن يتم طباعة ورقة نقدية من فئة 10 آلاف ليرة وطرحها للتداول خلال العام الجاري.
من جهته، لم يحدد رئيس الاتحاد العام للعمال في دمشق جمال القادري موعد زيادة الأجور، مكتفياً بالقول لإذاعة محلية اليوم الاثنين "قد تتحقق في أي لحظة وفقاً لسياسات الدولة"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن آثار الحرب والحصار انعكست على كافة الشرائح، خاصة أصحاب الدخل المحدود، وأصبحت أجور الوظيفة في القطاع العام غير جاذبة لليد العاملة، ما يؤثر على الخطط الإنتاجية وإعادة البناء في المجال الاقتصادي.
ولم يستبعد رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية الدكتور أسامة قاضي "لجوء نظام الأسد إلى هذه الرشوة خلال فترة تطلعه لإعادة إنتاج نفسه، لأن السوريين، ومؤيديه وحواضنه بالمقدمة، بلغوا مراحل من الفقر أوصلتهم إلى اشتهاء الخبز، بعد تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار اليوم الاثنين، ولأول مرة، إلى 4200 ليرة، ما جعل حتى أبسط مستلزمات المعيشة حلماً لأكثر من 90% من السوريين".
ولكن، استدرك القاضي، "ما هي النسبة التي يمكن أن يزيدها النظام إلى الأجور، وما هي آثارها على تحسين الوضع المعيشي أو التضخم النقدي؟ هذا هو السؤال"، مضيفاً أن حكومة الأسد مفلسة ولا تمتلك الموارد لتزيد الأجور، ما يعني أنه، إن قامت بالإجراء، فسيكون من خلال طرح أوراق نقدية جديدة، ما سينعكس سلباً على النظام والمستهلكين في الوقت نفسه.
وشرح القاضي أن هذه الخطوة تزيد التضخم وترفع الأسعار، ولن تردم الزيادة المتوقعة الفجوة بين الدخل والإنفاق، والنتائج المتوقعة، إن تمت زيادة الأجور من دون تحسين الإنتاج وتغطية النقد الجديد، هي زيادة بالفقر وتسريع بانهيار العملة السورية.
ويعاني السوريون من تجويع وتفقير، تزايدا خلال العام الأخير وقت هوى سعر صرف الليرة من 900 مطلع عام 2000 إلى أكثر من 4200 ليرة اليوم، مع تثبيت الأجور عند نحو 50 ألف ليرة، في حين يقدر مركز "قاسيون" من دمشق متوسط كلفة معيشة الأسرة السورية بنحو 750 ألف ليرة شهرياً.
وبحسب المكتب المركزي للإحصاء في دمشق، وصلت نسبة التضخم في سورية بنهاية آب/ أغسطس 2020 إلى 2,107.8%، مقارنة بسنة الأساس وهي 2010.
كما كشفت تقديرات "برنامج الأغذية العالمي" عن معاناة 12.4 مليون شخص سوري من انعدام الأمن الغذائي، أي ما يقارب 60% من السكان، بزيادة بلغت 4.5 ملايين شخص خلال العام الأخير.