توقعات بإقبال عالمي على أصول الإسترليني وسط الاضطرابات بفرنسا وأميركا

06 يوليو 2024
سقوط المحافظين يعيد الجاذبية إلى حي المال البريطاني/10 إبريل 2024،(مايكب كيمب/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **استقرار الجنيه الإسترليني**: رغم انزعاج الأثرياء من فوز حزب العمال، استفاد الجنيه الإسترليني من هذا الفوز وسط اضطرابات في أوروبا والولايات المتحدة، مغلقاً عند 1.18 مقابل اليورو.

- **تحول حزب العمال**: تحت قيادة ستارمر، تحول الحزب إلى الوسط الاقتصادي، مبتعداً عن سياسات كوربين الراديكالية، مما أثار ردود فعل إيجابية في الأسواق المالية، مع تداول الجنيه عند حوالي 1.27 دولار.

- **تأثير الانتخابات الدولية**: يتوقع المحللون أن الانتخابات المقبلة في فرنسا والولايات المتحدة ستؤثر على مسار الجنيه الإسترليني، مما يعزز الشهية للأصول البريطانية كملاذ آمن.

خلافاً لما أبداه الأثرياء الإنكليز من انزعاج من فوز حزب العمال الكاسح بالانتخابات البرلمانية ووصولهم إلى الحكم، لم يكن الجنيه الإسترليني منزعجاً من الفوز الكبير، بل كان المستفيد وسط محيط هائج من الاضطراب في أوروبا والولايات المتحدة. ويقول محللون لموقع "باوند ستيرلنغ" الذي يتخصص في توجهات أسعار الصرف، إنهم متفائلون بشأن سعر العملة البريطانية. وأغلق سعر صرف الإسترليني  مقابل اليورو ند 1.18، حيث إن النتيجة جاءت متطابقة مع التوقعات.

وبعد  الاضطرابات السياسية التي سببتها حكومة حزب المحافظين للعملة والسندات البريطانية يرحب المستثمرون بالفوز الساحق لحزب العمال الذي يأتي للحكم بسياسة مالية متوازنة تديرها سيدة كانت عضواً في البنك المركزي البريطاني، وهي ريشيل ريفيز. وكانت الأصول البريطانية قد عانت اضطرابات سياسية جلبت أربعة رؤساء وزراء للحكم فقط في خمس سنوات دفعت صرف الإسترليني إلى الحضيض وكادت تفلس ببريطانيا. ومنذ تقدم حزب العمال في استطلاعات الرأي تعافى الجنيه الإسترليني من مستوى قياسي منخفض بلغ 1.03 دولاراً في عام 2022، عندما سبّبت ميزانية ليز تروس المصغرة في انهيار الأسواق المالية، الأمر الذي تطلب من بنك إنكلترا التدخل لمنع صناديق التقاعد من الإفلاس. وكان الجنيه الإسترليني واحداً من أقوى العملات أداء في الاقتصادات الكبرى في الأسابيع الأخيرة بسبب توقعات الفوز الساحق لحزب العمال.

وبقي الجنيه الإسترليني ثابتاً بعد نشر استطلاعات الرأي يوم الخميس، مع تداول الجنيه الإسترليني من دون تغيير عند مستوياته في وقت سابق من اليوم عند حوالي 1.27 دولار.

وتحول حزب العمال تحت قيادة ستارمر أيضاً إلى الوسط الاقتصادي، بهدف إبعاد الحزب عن السياسات الأكثر راديكالية لجيريمي كوربين بعد أن تعرض الزعيم السابق لهزيمة ثقيلة أمام حزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون في عام 2019.

وقال محللون إن أغلبية حزب العمال التي تقل عن ثلاثة أرقام يمكن أن تثير رد فعل في الأسواق المالية. وركز المتداولون أيضاً على ما إذا كان حزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج قد يفوز بعدد كبير من المقاعد، باعتباره مؤشراً محتملاً للضغوط السياسية المستقبلية على ستارمر بشأن الاتحاد الأوروبي والهجرة. وتوقع استطلاع الخروج أن يفوز الإصلاح بـ 13 مقعداً فقط. 

ووفق محللين لصحيفة "ذا غارديان"، سعى ستارمر إلى الحفاظ على نهج حذر في التعامل مع السياسة الاقتصادية بعد هزيمة حزب العمال في عام 2019، عندما وعد كوربين بتحول بعيد المدى للاقتصاد، وبعد تجربة تروس الاقتصادية المشؤومة.

ووفق بيانات بلومبيرغ ظلت تكاليف الاقتراض الحكومي في المملكة المتحدة ثابتة في الأسواق الدولية في الفترة التي سبقت انتخابات الخميس، على النقيض من الارتفاع الحاد في عوائد السندات الفرنسية بسبب عدم اليقين بشأن نتائج الانتخابات المبكرة التي دعا إليها إيمانويل ماكرون. وقال مستثمرون إن عدم اليقين بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر / تشرين الثاني عزز أيضاً الشهية للأصول البريطانية، وكان هناك حديث عن أن تصبح بريطانيا ملاذاً آمناً نسبياً للمستثمرين في عالم متقلب تقلباً متزايداً.

وقال كريس بوشامب، كبير محللي السوق في منصة التداول عبر الإنترنت IG: "أثار استطلاع الرأي المبكر بفوز العمال تقلبات قليلة في أسواق العملات الأجنبية، حيث تم التنبؤ بالانهيار الساحق لحزب المحافظين. ويرى محللون أن الاستقرار الذي سيوفره مثل هذا الفوز العمالي يعني أن المستثمرين يمكنهم شطب "المخاطر السياسية في المملكة المتحدة" من قائمة مخاوفهم في الوقت الحالي. وينتقل التركيز الآن عبر القناة إلى فرنسا، حيث يمكن أن يكون لانتخابات ليلة الأحد تداعيات أكبر.

في هذا الشأن، يقول روبرتو مياليتش الخبير النقدي لموقع "باوند ستيرلنغ": "في سوق العملات الأجنبية، ظل الجنيه الاسترليني ثابتاً بعد الانتخابات العامة في المملكة المتحدة، والتي حصل فيها حزب العمال على الأغلبية الكبيرة التي توقعتها استطلاعات الرأي، حيث لا يزال تداول الجنيه الإسترليني مقابل الدولار عند 1.28 وبالقرب من 1.18بالنسبة إلى اليورو.  

ويقول محللون حول مستقبل مسار الإسترليني، إن الانتخابات الأكثر أهمية للجنيه الإسترليني واليورو، ستكون تلك التي ستجري في فرنسا، حيث ستؤدي نتائج الجولة الثانية من التصويت التي ستجرى غداً الأحد إلى تعزيز التوقعات السياسية والمالية غير المؤكدة  لفوز تحالف الجبهة الوطنية اليمينية. وتقول مذكرة بحثية جديدة صادرة عن بنك كريدي أجريكول الفرنسي قبل الجولة الثانية من التصويت: "نحن لا نعرف حقاً كيف يمكن أن يعمل تحالف الجبهة الوطنية". ويلخص هذا التقييم بدقة حالة عدم اليقين التي تواجه الأسواق والتي تفرضها فرنسا. ويذكر أن أسواق العملات الأجنبية لا تحب عدم اليقين.

"بالنظر إلى رد فعل السوق على نتائج الجولة الأولى، يعتبر سيناريو تعليق البرلمان أكثر إيجابية من السيناريو الذي يحصل فيه حزب التجمع الوطني على أغلبية مطلقة. ومع ذلك، حتى في حالة وجود رد فعل إيجابي غير محسوب، يقول مياليتش: "إن مثل هذه النتيجة ستؤثر في النهاية على العملة الموحدة". ومن المتوقع أن يستفيد صرف الإسترليني من حالة عدم اليقين في فرنسا ومن الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة التي تهدد عدم الاستقرار السياسي في  أكبر الأسواق المالية وأهمها في العالم.

المساهمون