تهديد صحة الجزائريين: الشح وارتفاع الأسعار يطاولان الأدوية

06 مارس 2022
تشكو الصيدليات من مشاكل في إمدادها بالأدوية (رياض قرمدي/ فرانس برس)
+ الخط -

تفاجأ الكثير من المرضى الجزائريين خلال الأسبوع الماضي بزيادة جديدة في أسعار مئات الأدوية في الصيدليات، خصوصاً تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة مثل السكري والقلب والأورام، من دون إعلان الحكومة أو معامل إنتاج الأدوية عن هذه الزيادة.

وتعيش الجزائر منذ منتصف عام 2016 على وقع زيادات مستمرة في أسعار الأدوية، بعد توجه الحكومة الجزائرية إلى تعويم الدينار أمام الدولار، ما تسبب في ارتفاع أسعار أكثر من 20 صنفاً. لكن القفزات الأخيرة المتتالية في الأسعار أثرت على جيوب المرضى بشكل مضاعف، خاصة أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يُعوض 80 في المائة من سعر الأدوية ما يبقي النسبة المتبقية على حساب المواطنين.

وتزايدت الاتهامات التي تطاول وزارتي الصحة والصناعة الصيدلانية بالرضوخ المستمر لشركات الأدوية وغضها الطرف عن رفع الأسعار، خصوصاً أنها وافقت في مطلع السنة الحالية على رفع أسعار 17 صنفاً دوائياً بنسب راوحت بين 10 و50 في المائة بعد الضغط الذي مارسته شركات الأدوية السنة الماضية إلى حد خفض الإنتاج، ما أدى إلى اضطراب المعروض وحدوث ندرة في الصيدليات، خاصة في أدوية علاج آثار فيروس "كورونا" كمضادات تخثر الدم، وأدوية الحمى وصداع الرأس.

ومع تواصل انهيار الدينار أمام العملات الأجنبية، ترتفع أسعار الأدوية بشكل مستمر من دون سقف محدد لها، وهو ما أكده الصيدلي طاهر خلفوني لـ "العربي الجديد"، مشيراً إلى أن أسعار أدوية الأمراض المزمنة مثلاً في زيادة مستمرة يومياً نتيجة الإقبال عليها، ما أدى إلى إرهاق المواطنين مادياً.

وأكد الصيدلي الجزائري أن "الارتفاع تم سراً خلال الأيام الماضية خوفاً من سخط الجزائريين، خصوصاً في ظل موجة الغلاء التي تعصف بالبلاد والتي مست كل جوانب الحياة".

ولفت إلى أن زيادة الأسعار طاولت العديد من الأدوية على غرار "لوفينوكس" و"الأنسولين" و"كلوكوفاج" و"الدولسيل" وهي أدوية لمرضى السكري، و"السانتروم" لمرضى القلب، كذلك أدوية الضغط والأعصاب والمخ، ومحاليل التغذية للرعاية المركزة، وصبغات الأشعة.

كما تستمر ندرة بعض الأدوية في البلاد، لتمس صيدليات المستشفيات التي باتت عاجزة عن ضمان الحد الأدنى من العلاج في بعض التخصصات، ومنها أمراض القلب والشرايين والسكري. وأنعشت ندرة بعض الأدوية الحيوية مثل "بانوتيل" و"اُوتي باكس" "ستيل نوكس" وأيضاً "أتيميل 10" وقبلها "سانتروم"، تجارة الأدوية بطرق غير قانونية عبر وكلاء الأدوية أو عبر مسافرين إلى دول أجنبية، كما فتحت الباب أمام "تجّار الشنطة" الذين طرحوا أنفسهم بديلاً للصيدليات، وفي كثير من الأحيان أصبحوا هم من يمول رفوف هذه الأخيرة، ما أثر على الأسعار ارتفاعاً.

وقال مسعود بلعمبري، رئيس النقابة الجزائرية للصيادلة، لـ"العربي الجديد" إنّ "ارتفاع أسعار الأدوية في الحقيقة يعود إلى عاملين؛ الأول هو تراجع قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية ومعلوم أن استيراد الأدوية أو المواد الأولية يتم بالدولار، أما العامل الثاني فهو الندرة المستمرة للأدوية المطلوبة بكثرة في الجزائر، والتي تبلغ 200 دواء، منها 130 تصيبها الندرة بصفة مطولة، وهو أمر أحدث ضغطا على الطلب، ما دفع المنتجين والمستوردين إلى رفع الأسعار بطرق سلسة بعيداً عن رقابة الوزارة".

وواصلت العملة الجزائرية مطلع العام الحالي تسجيل انخفاضات غير مسبوقة، حيث وصلت في منتصف يناير/كانون الثاني المنصرم إلى 145.68 ديناراً للدولار الواحد للبيع في التعاملات الرسمية، و166.73 ديناراً للعملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، و199 ديناراً للجنيه الإسترليني الواحد.

وكان الدينار الجزائري قد أنهى سنة 2021، بتسجيل رقم غير مسبوق، في شهر ديسمبر/كانون الاول، بـ 139.2 ديناراً للدولار، و155 ديناراً لليورو، و185 ديناراً أمام الجنيه الإسترليني، علماً أنه في بداية الأزمة النفطية في منتصف 2014، كان سعر صرف العملة المحلية الجزائرية يساوي 83 ديناراً للدولار الواحد.

وكشف بلعمبري أن "الحكومة لم تفرج عن برامج استيراد الأدوية مبكرا إلى يومنا هذا، ما سيعطل وصول شحنات الأدوية الى غاية نهاية مايو/أيار المقبل". وأكد أنّ "الحكومة مطالبة بالتحكم في سوق الأدوية وكبح "لوبيات" الدواء المسيطرة على السوق حتى لا نضع المرضى تحت رحمتها".

ومست سياسة شد الحزام وكبح الواردات، المنتجات الصيدلية ذات الاستعمال البشري، والمعدات الطبية المصنعة بالجزائر الممنوعة من الاستيراد، والتي بلغ عددها 357 صنفاً، بالإضافة إلى 11 صنفاً مدرجاً ضمن المعدات الطبية المصنعة محلياً كالحقن والضمادات.

ورغم ذلك، عجزت الحكومة الجزائرية عن فرض سيطرتها على سوق الدواء في البلاد، إذ لم تنجح في كبح فاتورة استيراد الأدوية في وقت استطاعت تقليص واردات الوقود، والحليب، والسيارات، والحديد.

المساهمون