تابعت أسعار السلع والمنتجات الغذائية ارتفاعها بالأسواق السورية، متأثرة باستمرار تراجع سعر صرف الليرة إلى أدنى مستوى على الإطلاق، وانسحاب وزارة التجارة الداخلية من الرقابة على الأسواق وعدم انتظام إصدار التسعيرة الأسبوعية للأسعار الرسمية.
ويقول تاجر المواد الغذائية من دمشق، لؤي شباط لـ"العربي الجديد" إن وزارة التجارة لم تصدر اليوم الإثنين، نشرة الأسعار الدورية الأسبوعية، علماً أن نشرة الأسبوع الماضي "جاءت موجزة وشكلية"، مشيراً إلى أن الأسعار بالسوق تزيد بين 300 و1000 ليرة عن أسعار النشرة الرسمية، وتزيد عن 3 آلاف ليرة بالنسبة للحوم لافتاً إلى غياب أسعار المحروقات والخبز عن النشرة الحكومية رغم أنها الأكثر طلباً وانتشاراً بالسوق السوداء.
ويضيف شباط خلال اتصال، أن سعر كيلو الفروج الحي بنشرة الأسبوع الماضي الحكومية نحو 10.2 آلاف ليرة في حين وصل بالسوق إلى 14 ألفاً وسعر عبوة البيض "30 بيضة" 13.5 ألف ليرة في حين تعدى اليوم 19 ألف ليرة بالسوق، كما أن فارق أسعار السكر والأرز والشاي، بين السعر الرسمي والسوق، يتراوح بين 500 و1000 ليرة، لافتاً بالوقت نفسه إلى ما أسماها فوضى التسعير والمزاجية بواقع غياب الرقابة الحكومية والتذرع بتهاوي سعر الليرة.
أسعار ثابتة على ارتفاع
وكانت العملة السورية قد سجلت اليوم الإثنين أدنى سعر بعد تعدي سعر الدولار 5200 ليرة بدمشق، في حين لم يزد سعر صرف الدولار مطلع العام الجاري عن 3500 ليرة سورية، الأمر الذي تسبب بتراجع قيمة دخل السوريين المقدرة بنحو 100 ألف ليرة وزيادة نسبة الفقراء التي تعدت، وفق إحصاءات دولية، عتبة 90%.
لكن بعض الأسعار لم يتبدل مطلع الأسبوع الجاري بحسب المحلل السوري، علي الشامي، لأنها وصلت لذروتها وربما بدأ الكساد يلف الأسواق، بواقع عدم قدرة السوريين على مجاراة ارتفاع الأسعار، خاصة السلع المستوردة.
ويلفت خلال اتصال مع "العربي الجديد" إلى أن أسعار الأرز ثبتت عند عتبة 6 آلاف ليرة للكيلو الواحد والسكر عند 5500 ليرة وكذلك البقوليات "عدس وفول وفاصولياء".
وحول إمكانية تراجع الأسعار إن استمر العزوف عن الشراء، يقول الشامي: "لا أعتقد" لأن الأسعار تعكس التكلفة، سواء للمنتج المحلي الذي تزيد تكاليفه بسبب ارتفاع أسعار الطاقة أو بالنسبة للمنتجات المستوردة التي تتأثر بسعر الصرف ويتحمل المستوردون تكاليف وضرائب مرتفعة ويفرض عليهم شروط الإفصاح عن مصدر القطع الأجنبي وأحياناً التصريف لنسبة من عمليات التجارة بسعر شركات الصرافة البالغ 3015 ليرة، في حين سعر السوق اليوم اقترب من 5200 ليرة للدولار.
وفي حين يعتبر المحلل الشامي نشرة أسعار وزارة التجارة "شكلية ولا يلتزم بها أحد" لأنها بعيدة بالفعل عن التكاليف الحقيقية، يشير إلى أن إجراءات وزارة الاقتصاد بتقييد الاستيراد وتوقف دعم المستوردين، تزيد من ارتفاع الأسعار، كما هناك دور للتصدير بارتفاع أسعار بعض المنتجات، خاصة اللحوم والخضر والفواكه.
معاناة مستمرة
وقفزت أسعار الخضر والفواكه الشهر الجاري بأكثر من 30% بحسب مصادر من العاصمة السورية دمشق، سجل سعر كيلو البندورة "طماطم" اليوم 1600 ليرة وزاد سعر البطاطا عن 3 آلاف ليرة وسجل الخيار 2900 ليرة والكوسا 2200 ليرة سورية. ولم تنج الفواكه من ارتفاع الأسعار، بحسب المصادر نفسها، إذ وصل سعر كيلو الموز المستورد إلى 14 ألف ليرة، وتراوح سعر كيلو التفاح بين 4 و5 آلاف ليرة "حسب النوع والصنف" وزاد سعر كيلو الليمون عن 4 آلاف ليرة.
وتبقى أسعار المحروقات ومستلزمات التدفئة، الهاجس الأكبر والمعاناة الحقيقية للسوريين مع حلول فصل البرد، بحسب الإعلامية حنان محمد من دمشق، فبواقع تراجع حصة السوريين من مازوت التدفئة المدعوم إلى 100 ليتر سنوياً وعلى دفعتين، بسعر 520 ليرة لليتر وحاجة الأسرة إلى نحو 400 ليتر سنوياً، يضطر السوريون لشراء المازوت من الأسواق، والذي يصل سعر الليتر فيها إلى 7 آلاف ليرة، مقدرة كلفة تدفئة الأسرة السورية بنحو 1.5 مليون ليرة خلال فصل الشتاء.
ويأتي الخبز كمعاناة أخرى للسوريين، بحسب الإعلامية التي أكدت لـ"العربي الجديد" انتشار سوق سوداء للخبز بالشوارع بسعر 1500 ليرة للربطة "1100 غرام" في حين سعرها الرسمي 200 ليرة، متوقعة رفع سعر ربطة الخبز بواقع تراجع إنتاج سورية من القمح إلى أقل من 1.5 مليون طن وتراجع الاستيراد، بعد ما أسمته تمهيد وزير التجارة، عمرو سالم، أخيراً، وتطرقه إلى أن كلفة ربطة الخبز على الحكومة 3700 ليرة سورية.
وفيما يتعلق بالرقابة على الأسواق، تكشف محمد أن عدد مراقبي التموين بدمشق لا يغطي سوقاً واحداً، كما أن انسحاب مؤسسات التدخل الحكومية زاد من ارتفاع الأسعار وسيطرة التجار على التسعير، مشيرة في الوقت نفسه إلى التفاوت الكبير بالأسعار بين سوق وأخرى بالعاصمة دمشق.