استمع إلى الملخص
- **تأثير التراجع على الأسواق العربية**: تكبدت البورصات العربية خسائر كبيرة، حيث خسرت البورصة المصرية نحو 60 مليار جنيه، وشهدت بورصات قطر والكويت والسعودية والإمارات تراجعات ملحوظة بسبب المخاطر الجيوسياسية.
- **مخاوف اقتصادية وجيوسياسية**: تزايد المخاوف من ركود الاقتصاد الأميركي والمخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى تقلبات حادة في البورصات العالمية، لكن من المبكر القول إن هذه التقلبات ستؤدي إلى انهيارات مشابهة لأزمات سابقة.
تهاوت البورصات الأميركية يوم الجمعة حيث فقدت نحو 3% من قيمها السوقية، وتكبد أثرياء العالم خسائر ضخمة، وصلت إلى نحو 134 مليار دولار في يوم واحد، فماذا عن أسواق المال العربية التي شهدت أيضا تراجعات على خلفية زيادة المخاطر الجيوسياسية في المنطقة عقب اغتيال قادة في المقاومة الفلسطينة واللبنانية؟
يوم 9 يوليو/تموز الماضي كتبت مقالاً بعنوان: "البورصات الأميركية على كف عفريت"، وقلت إن التوقعات متشائمة بالنسبة لأسواق "وول ستريت" والبورصات العالمية، مع حدوث ألم اقتصادي واسع النطاق داخل الولايات المتحدة قد يمتد إلى أوروبا واليابان والصين وغيرها، وإن هناك توقعات بتراجع أسعار الأسهم المتداولة في الولايات المتحدة بنحو 10%، في حين رفعت بنوك استثمار عالمية كبرى نسبة التراجع إلى أكثر من 30%، بل وصل الأمر ببعض التقارير أن توقعت حدوث انهيارات حادة في سوق الأسهم الأميركية حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وربما بعد ذلك.
ساعتها استغرب البعض تلك التوقعات مستندين إلى النجاحات التي حققها الاقتصاد الأميركي في الفترة الأخيرة، ومنها تراجع معدل التضخم إلى حاجز 3% بعد أن كان قرب 9%، وبلوغه أعلى مستوى له منذ 40 عاماً في إبريل/نيسان 2022، وتراجع نسبة البطالة، وزيادة معدل النمو والتشغيل، وإفلات ذلك الاقتصاد من خطر الركود أو الكساد بعد أن اقترب منه بشدة بسبب زيادة التضخم وسعر الفائدة إلى أعلى معدلاتها، والتحسن الإيجابي في مؤشر ثقة المستهلك الأميركي، وتراجع مخاطر القطاع المصرفي والمالي داخل الولايات المتحدة بعد أن أدت قلاقل به إلى إفلاس أربعة بنوك كبرى، منها وادي السيليكون وسيلفرغيت المتخصص في صناعة العملات المشفرة وفيرست ريبابليك.
لكن يوم الجمعة الماضي حدث ما لم يتوقعه كثيرون، فقد اهتزت أسواق الأسهم العالمية وتهاوت بشدة بعد أن أظهرت بيانات أن معدل البطالة في الولايات المتحدة قفز إلى أعلى مستوى منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول 2021، مع حدوث تباطؤ كبير في نمو عمليات التوظيف، وزادت المخاوف من ركود أكبر اقتصاد في العالم.
في ذلك اليوم شهدت البورصات الأميركية هبوطاً حاداً وخسائر هي الأعلى منذ جائحة كورونا، وامتد الهبوط للمؤشرات الرئيسية ومنها ستاندرد آند بورز S&P500 وناسداك وداو جونز الصناعي. ومع الهبوط الحاد تهاوت أسهم الشركات الأميركية الكبرى ذات القيمة السوقية الضخمة، مثل أمازون وإنتل وإنفيديا، وخسرت أسهم شركة إنتل الأميركية، في تعاملات ناسداك 32 مليار دولار، يوم الجمعة.
وتكبد أثرياء العالم خسائر واسعة، بعد أن شهدت الأسواق الكبرى خسائر مليارية بسبب التقرير السلبي عن الاقتصاد الأميركي وارتفاع البطالة إلى أعلى مستوى خلال ثلاث سنوات. وامتدت الخسائر لتطاول معظم بورصات العالم بما فيها البورصات العربية. ومع هذا التهاوي ارتفع مؤشر "الخوف في وول ستريت"، والذي يقيس التقلبات المتوقعة في سوق الأسهم الأميركية، بأعلى وتيرة يومية منذ قرابة ثلاث سنوات.
عربيا تراجعت معظم البورصات العربية، فقد تكبدت البورصة المصرية نحو 60 مليار جنيه خسائر، ما يعادل 1.2 مليار دولار في ختام تعاملات اليوم الأحد، حيث سجل رأس المال السوقي 1.946 تريليون جنيه مقابل 2.006 تريليون في إغلاق يوم الخميس.
وسجلت بورصات قطر والكويت والسعودية والإمارات وغيرها تراجعات في الأيام الأخيرة مع تزايد المخاوف من ركود الاقتصاد العالمي، وارتفاع المخاطر الجيوسياسية بالشرق الأوسط عقب اغتيال إسرائيل زعيم حركة حماس إسماعيل هنية، واغتيال قادة في حزب الله اللبناني.
ومع تلك القلاقل باتت البورصات العالمية على موعد مع تقلبات حادة ولحظات عصيبة لأسباب عدة، منها ما هو اقتصادي مثل وجود مخاوف واسعة النطاق من ركود الاقتصاد الأميركي، وربما إصابته بالانكماش أو الكساد، بعدما أظهرت البيانات الأخيرة التباطؤ الحاد في سوق العمل واستمرار انكماش القطاع الصناعي، وبقاء خطر التضخم، وتأخر البنك الفيدرالي في خفض سعر الفائدة، ومنها ما هو متعلق بالمخاطر الجيوسياسية حول العالم مع استمرار حرب غزة واحتمال توسعة رقعتها، وسياسة الاغتيالات الإسرائيلية المتزايدة.
لكن من المبكر القول إن أسواق المال والبورصات العالمية أصبحت قريبة من موجات انهيارات تشبه تلك التي جرت في عام 2008 وصاحبت الأزمة المالية العالمية، أو تشبه ما صاحب أزمة الكساد العظيم في العام 1929.