يرتفع الطلب على الذهب في لبنان بشكل كبيرٍ ولا سيما على الأونصات والليرات وذلك بداعي الادخار وتحويل الأموال إلى معدن يودع في المنزل بعدما فقد المواطنون الثقة بالقطاع المصرفي.
ويحتل لبنان المرتبة 20 في قائمة الدول التي تحوز على احتياطي الذهب بكمية تبلغ نحو 287 طناً أي حوالي 10 ملايين أونصة، قسم محفوظ في خزائن البنك المركزي اللبناني، والآخر تحت حراسة قلعة فورت نوكس الأميركية.
ويقول مواطنون لـ"العربي الجديد"، إنهم يقبلون على شراء الذهب بكثرة لأسباب عدة، منها مخافة على أموالهم المخزنة في المنازل، التي قد تتضرر بفعل عوامل طبيعية، في حين يبقى الذهب ولو مرّت سنوات عليه محافظاً على قيمته، ويمكن بيعه في أي وقتٍ في حال المرور بأي ضائقة اقتصادية.
في السياق، يقول رئيس نقابة تجار الذهب والمجوهرات في لبنان، نعيم رزق، لـ"العربي الجديد"، إن "الطلب على الذهب أو المعدن الأصفر مرتفعٌ ومستمرٌّ بمساره التصاعدي ولا سيما منذ بداية عام 2022 وبعد جائحة كورونا، مع وصول سعر الأونصة إلى 1625 دولاراً".
ويلفت رزق أخيراً إلى أن الناس تقبل على شراء الذهب خصوصاً لأن قيمته ترتفع على مرّ السنين، مثلاً، في السبعينيات كانت أونصة الذهب بسعر 40 دولاراً، وعام 2000 وصلت إلى حدود 250 و300 دولار، وها هي عام 2023 تتخطى الـ2000 دولار.
من جانبه، يقول صاحب محلات مجوهرات في لبنان، جو كيروز، لـ"العربي الجديد"، إنه عند بداية الأزمة في لبنان من استطاع سحب أمواله من البنوك أو كان لديه أموال في المنزل، اتجه إلى شراء الذهب، وأصبحت مدخرات الناس تنقسم بين الأراضي والعقارات أو الذهب، ولا سيما أنه لا يمكنها ايداعها في البنوك.
أما في سورية، فترتبط قيمة الليرة السورية ومن خلفها كل الأسواق بتحولات الدولار المحلية لا العالمية؛ يُسجل للمعدن الأصفر تبعيته الكاملة صعوداً أو نزولاً لقيمة صرف الدولار مقابل العملة المحلية أولاً، ويأتي تأثير سعر الأونصة عالمياً في المركز الثاني.
ورصدت "العربي الجديد" أن سعر الدولار خلال 11 مايو/ أيار كان 9150 ليرة سورية، وكان سعر غرام الذهب 527 ألف ليرة سورية للعيار 21، أي مايعادل 57.6 دولاراً، وعندما تراجع سعر صرف الدولار بتاريخ 19 مايو إلى 8650 ليرة تراجع سعر الذهب إلى 482 ألف ليرة، ما يعادل 55،7 دولاراً، ثم عاد سعر صرف الدولار للارتفاع ليصل في 28 مايو إلى 8975 ليرة ليتبعه سعر الذهب بالارتفاع إلى 495 ألف ليرة للغرام الواحد بما يعادل 55.15 دولاراً.
العامل في قطاع المجوهرات إبراهيم شتي قال لـ "العربي الجديد" إن المتابع لأسعار الذهب يستطيع أن يلاحظ ارتباطه الكبير مع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، ولكن ما لا يمكن فهمه اندفاع المواطن لشراء الذهب أثناء ارتفاع سعره وبيعه أثناء انخفاض السعر. وأضاف أن الإشاعة والخوف محركان رئيسيان لمدخرات المواطن من الذهب والدولار. وينساق المُدخر للإشاعة خوفاً على مقتنياته من الذهب أو الدولار بوصفهما الملاذ الآمن للادخار.
ولفت الخبير الاقتصادي كمال الظاهر لـ "العربي الجديد" إلى أن النظام استفاد خلال السنوات الماضية من المتاجرة بمدخّرات المواطنين من الذهب والدولار، وباتت هذه التجارة تشكل جزءا هاما من اقتصاده، فقد شارك المواطنين بأرزاقهم وجرهم إلى لعبة السوق.
العامل في قطاع المجوهرات إبراهيم شتي قال لـ "العربي الجديد" إن المتابع لأسعار الذهب يستطيع أن يلاحظ ارتباطه الكبير مع سعر صرف الدولار في السوق السوداء
فكلما أرادت أجهزة النظام سحب الدولار من الأسواق؛ خفضت من سعره قليلاً، وأطلقت الإشاعات، وهذا الأمر ينطبق على المعدن الأصفر.
ثم تتبعها إشاعة بارتفاع قريب لسعر الذهب عالمياً لأسباب متعلقة بجائحة ما أو الحروب، وبالتالي يتوجه الحشد باتجاه بيع الدولار وشراء الذهب.
وأكد أن المواطن لم يعد جزءا من اللعبة بل أصبح هو اللعبة التي تقودها أجهزة النظام عبر إشاعة أو حركة مضاربة، ليؤدي دوره في عمليات البيع والشراء دون أي قراءة لحركة الأسواق العالمية.
وفي مثال قريب أضاف الظاهر أنه عندما ارتفع سعر الدولار قبل مؤتمر القمة العربية إلى أكثر من 9000 ليرة، وبطبيعة الحال ارتفع غرام الذهب لأكثر من 500 ألف ليرة، فسارع المواطنون لشراء الذهب والدولار أثناء صعودهما، ثم أشاعت أجهزة النظام عن تحسن الوضع الاقتصادي وأسعار الصرف بعد القمة العربية، فبدأ الذهب بالتراجع وسارع المواطنون إلى عمليات البيع، ثم عاد للارتفاع خلال أيام وهكذا..