- بكري الجاك يناقش تحديات الطاقة المتجددة مثل التكلفة العالية والحاجة لدعم حكومي، معتبرًا موقف أبوظبي استراتيجيًا لتحسين فرصها التنافسية.
- رائد المصري يبرز الأبعاد الإنسانية والصحية للطاقة المتجددة، مؤكدًا على أهميتها في تقليل انبعاثات غازات الدفيئة وتغير المناخ، وجاذبيتها للحكومات عالميًا.
بينما اعتبر رئيس شركة أرامكو السعودية أمين الناصر أن استراتيجية تحول الطاقة عالمياً "لم تحقق نجاحاً"، دعت دولة الإمارات، خلال اجتماع مجموعة أصدقاء الطاقة المستدامة الذي استضافته البعثة الدائمة للدنمارك لدى الأمم المتحدة، إلى زيادة قدرة الطاقة المتجددة عالميا إلى 3 أضعاف، ما قدم مؤشراً إلى اتجاه أبوظبي لدعم تحول الطاقة في إطار منافستها الاقتصادية مع الرياض.
وفي هذا الإطار، شدد بيان بعثة الإمارات لدى المنظمة الأممية، الصادر في 19 مارس/ آذار، على ضرورة "امتلاك دول الجنوب العالمي، والأسواق الناشئة، الموارد اللازمة للتحول الفعال إلى الطاقة المتجددة"، مشيراً إلى ضرورة "تفعيل مخرجات مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP28)، وتوجيه الالتزامات نحو التحول إلى الطاقة النظيفة".
دعم التنافسية
يشير الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة لونغ آيلاند في نيويورك بكري الجاك، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن ملف الطاقة المتجددة في غاية التعقيد لأسباب تتعلق بمعدل العائد على الاستثمار فيها، فأسعار الطاقات المتجددة لا تزال أغلى من أسعار طاقة المحروقات، ولكي تنافس لا بد لها من دعم حكومي منتظم، إضافة إلى تكثيف البحث العلمي.
ويلفت الجاك إلى أن الاتجاه نحو دعم الطاقات المتجددة يجد "مقاومة" من قبل أصحاب رؤوس الأموال في القطاعين الخاص والعام، معتبراً أن تصريحات رئيس "أرامكو" تنطلق من هذا المنظور.
أما موقف أبوظبي، فيراه الجاك ضمن "موقف استراتيجي" يتعلق بالسعي للريادة في مجال الطاقة المتجددة مبكراً، لتحسين فرص الإمارات التنافسية مستقبلاً، مشيراً إلى أن هذا التباين يعود إلى الفروقات بين اقتصاديات البلدين.
فالمملكة العربية السعودية ما زالت بحاجة إلى تنويع اقتصادها لتقليل الاعتماد على النفط، أما أبوظبي فقد قطعت شوطاً في تحقيق هدف التنويع بالفعل، كما أنّ الإمارات بلد صغير نسبياً ومصروفاته أقل بكثير من السعودية، ولذا فإن عائدات النفط والغاز تمكّن أبوظبي من المغامرة وأخذ خطوات نحو المستقبل بوتيرة أسرع من الرياض.
مع ذلك، يرى الجاك أن مستقبل اقتصاد السعودية التنافسي لا يزال "في وضعية أفضل" حتى في مجالات الطاقة المتجددة، مؤكداً أنه "ما أن تصبح كلفة إنتاج هذه الطاقة أقل وقادرة على المنافسة سيكون تحول الطاقة مسألة وقت".
أبعاد أكبر
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي رائد المصري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن مستند رئيس "أرامكو" في تصريحاته "صحيح من حيث الأرقام والوقائع"، لكن قضية تحول الطاقة لها أبعاد إنسانية وصحية أكبر، مبدياً تشككه في أن تدخل بإطار المنافسة الاقتصادية بين أبوظبي والرياض.
ويوضح المصري أن مصادر الطاقة المتجددة والتحول الحاصل في كلفتها لها أسباب وجيهة ومهمة، إذ إن طاقة الرياح والطاقة الشمسية لها انبعاثات قليلة من غازات الدفيئة، وتمثل مصادر متاحة بسهولة.
ويلفت المصري، في هذا الصدد، إلى أن العالم اليوم يشهد توليد جزء كبير من غازات الدفيئة التي تحيط بالأرض وتحبس حرارة الشمس من خلال إنتاج الطاقة عن طريق حرق الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء والحرارة، مثل الفحم والنفط والغاز، وهو إلى حد بعيد أكبر مساهم في تغير المناخ العالمي، إذ يمثل أكثر من 75% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية وحوالى 90% من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وبذلك، يعمل العالم على التخلص من الوقود الأحفوري تدريجياً والاستثمار في مصادر بديلة للطاقة تكون نظيفة ومتاحة ومستدامة وموثوقة، وذلك من خلال الطاقة المتجددة المتوفرة في كل مكان من خلال الشمس والرياح والمياه والنفايات وحرارة الأرض، بحسب المصري، الذي أشار مع ذلك إلى أن الوقود الأحفوري لا يزال يمثل أكثر من 80% من إنتاج الطاقة العالمي، لكن مصادر الطاقة الأنظف تزداد قوة، وباتت تشكل حوالي 29% من إنتاج الكهرباء عالمياً.
ويعزو المصري تسارع تحول الطاقة أخيراً إلى توافر مصادر الطاقة المتجددة في كلّ مكان وإن لم تُستغل بالكامل حتى اليوم. ويشير المصري إلى أن الطاقة المتجددة باتت أقل كلفة في كل أنحاء العالم، وأسعار تقنياتها تنخفض، ولذا فهي الأكثر جاذبية لحكومات البلدان، بما فيها البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، إذ تشير التقديرات إلى أن معظم الطلب الإضافي على الكهرباء يتجه إلى المصادر المتجددة.