بعد الانفراجة في أزمة الحبوب الأوكرانية وبدء السفن المحملة بها الخروج من الموانئ، يأمل مزارع أوكراني يدعى فلاديمير إيفانوفيتش في قرية يريمييفكا الواقعة على بعد 50 كيلومتراً من مدينة أوديسا الساحلية، في توسع إمكانيات بيع الحبوب من إنتاجه لتجار سيصدرونها عبر الموانئ الثلاثة الرئيسية المطلة على البحر الأسود، أوديسا ويوجني وتشيرنومورسك، وليس عبر الموانئ النهرية فقط، كما هو الحال عليه الآن.
ويقول إيفانوفيتش في حديث لـ"العربي الجديد": "حالياً، لدينا إمكانية لنقل الحبوب إلى الموانئ النهرية القريبة نسبياً على بعد نحو 300 كيلومتر، وننتظر في طوابير طويلة لشحن الحبوب بسبب ضعف طاقة التحميل بواسطة البوارج بهذه الموانئ، لأن مياه نهر الدانوب ضحلة. لا نعلم الوجهات التي تذهب إليها الحبوب، لأن التجار لا يبلغوننا بها. أما الموانئ البحرية، فنشحن إليها حالياً، ولكنها لا تستقبل حتى الآن لا الشعير ولا القمح".
وحول توقعاته لمبيعات الحبوب في الموسم الحالي، يضيف: "لا نتوقع أن نبيع كمية كبيرة من الحبوب، لأننا سنبدأ بعد أيام بجني محصول عباد الشمس، وسيعمل السائقون به. فعلياً، سيسقط شهر من جدول إخراج الحبوب. نأمل أن نتمكن بعد ذلك من شحن الحبوب عبر الموانئ البحرية، وليس فقط عبر الموانئ النهرية في منطقة بيسارابيا، كما هو الحال عليه اليوم".
وبعد الانفراجة في ملف تصدير الحبوب الأوكرانية جراء مفاوضات إسطنبول في 22 يوليو/تموز الماضي، بدأت سفن الشحن الأوكرانية المحملة بالحبوب مغادرة موانئ البحر الأسود، وكانت أولاها سفينة الشحن "رازوني" المحملة بـ 26 ألف طن من الذرة تحت علم بنما، والتي غادرت ميناء أوديسا باتجاه لبنان في أول أغسطس/آب الجاري. وبعد خروج سفينتين محملتين بالصويا والذرة لإيطاليا وتركيا على التوالي صباح اليوم الاثنين، ارتفع إجمالي عدد السفن التي غادرت أوكرانيا منذ بدء تطبيق الاتفاق، إلى عشر.
وظلت حركة تصدير الحبوب عبر الموانئ الأوكرانية عالقة منذ بدء العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير/شباط الماضي، على إثر زرع القوات الأوكرانية ألغاماً بحرية في المنطقة الساحلية، مما أدى إلى تعطل عمل الموانئ المطلة على البحر الأسود لمدة تزيد عن خمسة أشهر. إلا أن مفاوضات إسطنبول التي جرت بحضور الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أسفرت عن التوقيع على اتفاقين منفصلين ضمن حزمة واحدة، أحدهما بين روسيا وتركيا والثاني بين أوكرانيا وتركيا، أسفرا عن الانفراجة في ملف تصدير الحبوب الأوكرانية.
وفي موسكو، يبرئ الخبير الاقتصادي والصناعي الروسي، ليونيد خازانوف، روسيا من المسؤولية عن تعطل حركة تصدير الحبوب، محملاً أوكرانيا المسؤولية عن زرع الألغام في البحر الأسود، لافتاً إلى أن الأزمة أثرت على دول لا تمت إلى النزاع في أوكرانيا بصلة، ومن بينها مصر التي تعد أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم.
ويقول خازانوف الذي يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد، في حديث لـ"العربي الجديد": "لا مجال لتحميل روسيا المسؤولية عن تعطل حركة تصدير الحبوب الأوكرانية، إذ ليست سفننا من زرعت الألغام في الموانئ البحرية الأوكرانية وعرقلت حركة سفن الشحن. على السلطات الأوكرانية أن تلوم نفسها، حيث ما كان ينبغي إفساد العلاقات مع بلادنا وزرع الألغام قبالة السواحل، بل كان يجب وضع مسارات لوجستية لتصدير الحبوب". ويلفت إلى أن بدء خروج السفن لا يعني وصول الحبوب إلى مستهلكيها على وجه السرعة تلقائياً، مضيفاً: "خلق توقف تصدير الحبوب الأوكرانية مشكلات للعديد من الدول، بما فيها مصر. تتيح طاقة ميناء أوديسا شحن 5 آلاف طن من الحبوب يومياً كحد أقصى، وعملية تحميل ناقلة صب واحدة قد تستغرق ما يصل إلى أسبوع، ما يعني أنه لن يتسنى إخراج كميات الحبوب المخصصة للتصدير على وجه السرعة. لكن على مصر ألا تقلق، إذ إن روسيا ستوفر لها حبوبا دائما".
وتعد أوكرانيا واحدا من أهم منتجي الحبوب في العالم، وتركز صادراتها الزراعية في القمح والذرة والشعير. وبحسب تقديرات المفوضية الأوروبية، تبلغ حصص أوكرانيا في الأسواق العالمية للقمح والذرة والشعير 10 و15 و13 في المائة على التوالي، كما تستحوذ أوكرانيا على حصة قدرها 50 في المائة بالسوق العالمية لزيت عباد الشمس.