تعويم الجنيه والغلاء يخفضان عدد المواليد في مصر

08 فبراير 2024
ازدياد الضغوط المعيشية على الأسر (Getty)
+ الخط -

واصل معدل المواليد تراجعه في مصر على إثر إعلان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي)، الخميس، عن تسجيل عدد السكان في الداخل 106 ملايين نسمة، مقارنة بـ105 ملايين نسمة في 3 يونيو/ حزيران الماضي، أي بزيادة تقدر بمليون نسمة خلال 250 يوماً وسط ترقب لخطوة جديدة على درب تعويم الجنيه المصري.

وانخفض معدل المواليد في مصر من 30.2 مولوداً لكل 1000 نسمة عام 2015، إلى 21.2 مولوداً في 2021، و21.1 مولوداً في 2022، و19.4 مولوداً في 2023، على وقع تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين منذ بدء برنامج "الإصلاح الاقتصادي" بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، وما صاحبه من قرارات تعويم الجنيه (تحرير سعر الصرف)، وزيادة أسعار بيع الوقود والطاقة سنوياً، وفرض المزيد من الضرائب والرسوم.

وأدت معدلات التضخم والغلاء غير المسبوقة في تاريخ البلاد، خلال السنوات الأخيرة، إلى عزوف كثير من المصريين عن الزواج، وارتفاع نسب الطلاق، لا سيما مع فقدان الجنيه أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار منذ مارس/ آذار 2022، حيث كان الدولار يساوي 15.70 جنيهاً، مقابل 30.95 جنيهاً الآن في البنوك، ونحو 58 جنيهاً في السوق السوداء.

وأفاد جهاز التعبئة والإحصاء بأن محافظات أسيوط وسوهاج وقنا والمنيا والأقصر سجلت أعلى معدلات للمواليد في مصر على الترتيب، فيما سجلت محافظات بورسعيد ودمياط والدقهلية والسويس والغربية أقل معدلات للمواليد على الترتيب، مشيراً إلى تراجع متوسط أعداد المواليد اليومية من 5683 إلى 5599 مولوداً، على الرغم من الزيادة الإجمالية في عدد السكان.

وادعى الجهاز أن تراجع أعداد المواليد خلال آخر خمس سنوات "يعكس الجهود الحكومية الملموسة في مواجهة الزيادة السكانية، وهو ما أظهرته بيانات المسح الصحي للأسرة المصرية"، مستدركاً بأن "معدل التراجع في أعداد المواليد السنوية لا يزال يمثل تحدياً كبيراً في شتى المجالات، اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً وأمنياً".

وتابع أن "الزيادة في السكان تستنزف موارد الدولة، وتقف عائقاً أمام جهود التنمية المستمرة لرفع مستوى المعيشة، في ظل الأزمات التي يشهدها العالم في الوقت الراهن"، خاتماً أنه "من المتوقع تسجيل عدد سكــــان مصـر 116 مليون نسمة عـام 2030، و144 مليون نسمة عام 2050، في حال استمرار التراجع في مستويات الإنـجاب، ونجاح جهود الدولة في ضبط معدلات الزيادة السكانية".

وتشكل الفئة العمرية الأقل من 15 سنة نحو ثلث عدد السكان في مصر، بينما قدرت نسبة كبار السن (65 سنة فأكثر) بنحو 3.9%. وبلغت نسبة السكان في الحضر نحو 43%، مقابل 57% في الريف.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد حمل الزيادة السكانية "المسؤولية في تردي الأوضاع الاقتصادية في مصر"، بقوله "إنه ضد الحرية المطلقة في الإنجاب، لأن هذه الحرية قد تمثل كارثة للبلد والمجتمع كله"، على حد تعبيره.

وقال السيسي، في مؤتمر السكان والصحة الذي استضافته بلاده قبل 5 أشهر، إن "هناك أهمية في عدم تجاوز عدد المواليد في مصر 400 ألف مولود سنوياً، بسبب العجز الذي تواجهه في الموارد"، مستشهداً بـ"تجربة الصين في تطبيق سياسة الطفل الواحد عام 1978، ونجاحها في السيطرة على الزيادة السكانية".

وأضاف السيسي أن "المواطن في بلاده كان يتقاضى جنيهات معدودة في خمسينيات القرن الماضي، وكان سعيداً بها جداً، بينما يتقاضى حالياً آلاف الجنيهات شهرياً، وغير سعيد بها"، في إشارة غير متعمدة إلى موجات الغلاء والتضخم المتعاقبة التي شهدتها مصر، منذ تولي الجيش مقاليد الحكم قبل أكثر من 70 عاماً.

وارتفعت ديون مصر الخارجية من 45.2 مليار دولار، عند تولي السيسي السلطة عام 2014، إلى 164.5 مليار دولار في سبتمبر/ أيلول الماضي، بزيادة بلغت نسبتها 264%، على خلفية التوسع في الاقتراض من الخارج لإقامة مشاريع "ترويجية" عملاقة، على غرار العاصمة الإدارية الجديدة والقطار السريع والمونوريل.

وتترقب خطوة جديدة على درب تعويم الجنيه في ظل نقص حاد في النقد الأجنبي، وتصاعد الأزمات الناجمة عن ارتفاع مديونية الدولة، وأعباء سداد أقساط القروض الخارجية.

المساهمون