تعرّف إلى الأصول الضخمة لصناديق الخليج السيادية وأبرز تحدياتها

17 فبراير 2021
+ الخط -

تواجه صناديق الثروة السيادية في دول الخليج تحديات متعددة بسبب تفاقم النفقات في الموازنات العامة بسبب تداعيات فيروس كورونا، في مقابل هبوط الإيرادات النفطية مع تراجع الأسعار، ما أفضى إلى صعود العجز في عدد من الدول الخليجية إلى مستويات غير مسبوقة.
تدور الأزمة الأساسية حول أصول هذه الصناديق، إذ تسود توقعات المحللين ومؤسسات التصنيف الدولية بأن عددا من الدول سيلجأ إلى تسييل مليارات الدولارات من الصناديق السيادية لتغطية العجز المتراكم، وتقليص عمليات اللجوء إلى احتياطات المصارف المركزية، والحفاظ على توازن العملة.

تقدر وكالة "ستاندرد آند بورز" أن يصل عجز ميزانيات دول الخليج إلى 490 مليار دولار في السنوات الأربع الممتدة من 2020 إلى 2023. وهذا الرقم يؤرق السلطات، مع تراجع العائدات النفطية التي تسيطر على غالبية التدفقات النقدية في غالبية دول الخليج... ماذا عن التفاصيل؟
حجم الصناديق السيادية

صناديق الثروة السيادية، كيانات استثمارية تقدر بتريليونات الدولارات، وهي مكلفة بإدارة الثروات والاحتياطيات المالية للدول، وتتكون من أصول متنوعة، مثل العقارات والأسهم والسندات، وتمثل الأذرع الاستثمارية للدول ذات الفوائض المالية.

يشرح تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية العام الماضي، أن صناديق الثروة في الشرق الأوسط قامت بتكوين أصول تزيد عن تريليوني دولار خلال العقود القليلة الماضية، ما أدى إلى بناء وسادة دعم عند نفاد النفط أو انخفاض الإيرادات. وتمتلك هذه الصناديق حصصاً في كبرى الشركات العالمية ومساحات شاسعة من العقارات الأوروبية والأميركية.

وحذر صندوق النقد الدولي، في فبراير/ شباط من العام الماضي، قبل التراجع الأخير لأسعار النفط، من أنه من الممكن أن تذهب هذه المدخرات البالغة تريليوني دولار في غضون 15 عامًا إذا لم تنوع الحكومات في المنطقة اقتصاداتها ولم تقلص الإنفاق.

تاريخياً، تعود فكرة إنشاء الصناديق السيادية في العالم إلى منطقة الخليج، وتعتبر الهيئة العامة للاستثمار بالكويت أول صندوق للثروة السيادية في العالم، وتم إنشاؤه عام 1953 لاستثمار فائض العائدات النفطية، وفقاً لتقرير نشرته وكالة "الأناضول".
وتضم قائمة أكبر 10 صناديق سيادية في العالم 4 صناديق عربية، يتصدرها جهاز أبوظبي للاستثمار (الإمارات)، وأصوله 579.6 مليار دولار، كما يأتي في المركز الثالث عالميا، بحسب أحدث بيانات معهد صناديق الثروة السيادية (swfi).
وتأتي هيئة الاستثمار الكويتية كثاني أكبر صندوق خليجي والرابعة عالميا بأصول 533.65 مليار دولار، وصندوق الاستثمارات العامة السعودي بالمرتبة الثامنة بأصول 399.45 مليار دولار.
تليها مؤسسة الاستثمارات لحكومة دبي بالمركز العاشر بأصول 301.52 مليار دولار، فيما يأتي جهاز قطر في المرتبة الـ11 عالميا بحجم أصول 295.2 مليار دولار.

تفاوت القدرة على الصمود
قالت وكالة "موديز" لخدمات المستثمرين، إن السعودية وعُمان أكثر عرضة لانخفاض الأصول السيادية على المدى المتوسط، بسبب تداعيات جائحة كورونا والسحب المتزايد لتعويض انخفاض أسعار النفط.
وأضافت "موديز" أن التداعيات ستؤدي إلى تآكل كبير في الهوامش الوقائية في السعودية وسلطنة عمان، ما يقلل القوة المالية لصناديقهما السيادية ويزيد المخاطر الخارجية.
وجاء في التقرير: "في حالة عُمان، سيؤدي العجز المزدوج الكبير إلى انخفاض في كل من الاحتياطيات الدولية وأصول صناديق الثروة السيادية، ما يزيد من مخاطر الضعف الخارجية على المدى المتوسط".
وأفاد بأن مخزون أصول صناديق الثروة السيادية في قطر وأبوظبي ما زال أكثر من كاف لتغطية عقود من العجز المالي عند المستويات الحالية.
وفي الكويت، رصد التقرير أن العجز المالي الضخم أدى إلى استنفاد الجزء السائل من صندوق الاحتياطي العام الأصغر.
وأشار إلى زيادة مخاطر السيولة بالكويت في ظل عدم وجود قانون للديون، رغم المخزون الضخم من الأصول المحتفظ بها في صندوق الأجيال القادمة.

ويسعى عدد من الدول الخليجية إلى الامتناع عن السحب من الصناديق السيادية، واستبدال أدواتها النقدية المتاحة بالاقتراض، وهذا ما يظهر جلياً في تحركات الدول الخليجية بغالبيتها في أسواق السندات المحلية والعالمية.

ليست صناديق الثروة في الشرق الأوسط وحدها التي تعاني. فالنرويج أيضاً تواجه أزمة في دفع تكاليف إجراءات التحفيز، والواقع ذاته ينسحب على روسيا وغيرها من الدول.

إلا أن دييغو لوبيز، المدير الإداري لشركة Global SWF، وهي شركة استشارية متخصصة، قال لـ"بلومبيرغ" إنه "من المهم أن نتذكر أن معظم صناديق الثروة السيادية مصممة لتكون بمثابة حواجز واقية من عجز الميزانية، وأن عمليات السحب غالبًا ما تحدث حتى لو لم تتصدر عناوين الصحف. وعملياً النشاط الاستثماري قد يتباطأ في بعض فئات الأصول وقد يزيد في فئات أخرى".

المساهمون