جدد القطاع التجاري الأردني مطالبته للحكومة بوضع قيود على الطرود، التي ترد للأردن من الخارج تحت غطاء استخدامات شخصية مختلفة، بعدما زاد عددها بشكل كبير خلال العام الحالي، وأثرت على حركة التجارة التقليدية المحلية بحسب تصريحات ممثلي التجار.
ويرى التجار أن الطرود ألحقت خسائر فادحة بهم كونها تدخل الأردن برسوم مخفضة جداً ودون ضوابط، بينما السلع المماثلة الموردة للتجار من مناشئ مختلفة تخضع لرسوم جمركية مرتفعة وضرائب وقيود وفحوصات متعددة.
ووفقا لبيانات هيئة تنظيم قطاع الاتصالات فقد ارتفع عدد طرود التجارة الإلكترونية الواردة للمملكة أكثر من 100% في النصف الأول من العام الحالي مقارنة بذات الفترة من العام الماضي 2021، بواقع 450 ألف طرد مقابل 215 ألف طرد للفترة ذاتها من العام الماضي.
ووفق رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، بسام السرحان، فإن التجارة الإلكترونية ساهمت في زيادة عدد الشركات التي تقدم الخدمات البريدية، لاعتمادها بشكل أساسي على توصيل الطلبات من خلال تطبيقات الهواتف الخلوية والمتاجر الإلكترونية.
وقررت الحكومة في مارس/آذار من العام الماضي تخفيض الرسوم الجمركية على الطرود البريدية وتوحيدها ورفع سقف قيمة الطرود الخاضعة للتخفيض بمقدار الضعف إضافة لإجراءات تبسيطية أخرى في مجال التجارة الإلكترونية.
وبررت الحكومة قرارها بالتسهيل على المواطنين وتشجيع قطاع اللوجستيات وشريحة الرياديين في مجال التجارة الإلكترونية وتسريع عملية التخليص.
وبموجب القرار فقد تم تخفيض الرسوم الجمركية على الطرود البريدية المعدة للاستخدام الشخصي، والتي لا تزيد قيمتها عن 200 دينار (280 دولاراً) لتصبح رسماً موحداً بنسبة 10% من القيمة وبحد أدنى 5 دنانير (7 دولارات).
وجاء القرار تعديلاً للوضع السابق الذي يفرض بدل خدمات بقيمة 5 دنانير (7 دولارات) عن البضائع بقيمة أقل من 50 ديناراً (70 دولاراً)، و10 دنانير (14 دولاراً) عن البضائع بقيمة أقل من 100 دينار (140 دولاراً)، وبسقف لا يتجاوز 100 دينار (140 دولاراً) لقيمة الطرد.
وجرى إعفاء الطرود من الرسوم والضرائب الأخرى بما فيها الضريبة العامة على المبيعات ومن جميع بدلات الخدمات المتحققة ودون الحاجة إلى تنظيم بيان جمركي.
وينطبق هذا القرار على جميع محتويات الطرود البريدية الشخصية وجميع أنواع البضائع الآتية عبر التجارة الإلكترونية، باستثناء التبغ ومنتجاته بما فيها السجائر والسيجار والسجائر الإلكترونية ولوازمها ومكوناتها والمشروبات الكحولية والبضائع الواردة بكميات تجارية.
وقال عضو غرفة تجارة الأردن علاء ديرانية لـ"العربي الجديد" إن ارتفاع عدد الطرود البريدية، التي تشتمل على سلع مختلفة، أثر كثيرا على القطاع التجاري، الذي يعاني من تحديات كبيرة تفاقمت بسبب جائحة كورونا وتداعياتها وتراجع القدرات الشرائية للمواطنين.
وأضاف ديرانية أن التحول الواضح نحو الطرود البريدية والتجارة الإلكترونية من خلال شراء السلع من الخارج ودخولها البلاد على أنها معدات شخصية من شأنه التأثير سلباً على الحركة التجارية في ظل ارتفاع الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على السلع التي يستوردها التجار، فيما السلع التي ترد من خلال الطرود تدفع رسوماً متواضعة وبدون ضريبة مبيعات والتزامات مالية أخرى.
وأشار إلى أن غالبية الطرود تشتمل على ألبسة ومعدات عناية شخصية، ما أثر على محلات الألبسة والأحذية إذ تكبدت خسائر كبيرة في السنوات الأخيرة.
وطالبت نقابة تجار الألبسة الحكومة أخيراً، بإخضاع الطرود البريدية للجهات الرقابية المتخصصة، لاسيما المؤسسة العامة للغذاء والدواء ومؤسسة المواصفات والمقاييس حفاظا على حقوق المستهلك وصحة وسلامة المنتج. كما طالبت بإخضاع الطرود البريدية لتدقيق مديريتي القيمة والمخاطر في دائرة الجمارك للتحقق من القيمة الحقيقية لها.
وحذرت مما وصفتها بـ"مخاطر ترك الباب مفتوحاً للبيع الإلكتروني من دون ضوابط حقيقية"، أقلها المساواة بالضرائب والرسوم الجمركية لتحقيق العدالة والمساواة بين التجار، مؤكدة أن قطاع الألبسة والأحذية والأقمشة هو المتضرر الأكبر من تجارة الطرود البريدية.
وأشارت النقابة إلى "أضرار أخرى تتمثل في تخفيض المساحات المستأجرة والعزوف عن التوسع في الإشغال العقاري وهجرة العلامات التجارية إلى خارج البلاد والتحول المباشر نحو التجارة الإلكترونية العابرة للحدود وتعريض المستهلك لمخاطر استهلاك مواد غير خاضعة لرقابة سلامة المنتج وعدم الالتزام بمعايير التحقق من الملكية الفكرية للعلامات التجارية لغياب الرقابة على محتويات الطرد البريدي بالإضافة للأضرار بسياحة التسوق وتقليص فرص نموها كونها تحقق قيمة مضافة للقطاع وللقطاعات المتفرعة عنه".
بدوره، قال مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة والتموين لـ"العربي الجديد" إنه يجري العمل حالياً على تنظيم التجارة الإلكترونية التي شهدت توسعاً واضحا في السنوات الأخيرة سواء للطرود الواردة من الخارج أو عمليات التسويق التي تتم من خلال منصات التواصل الاجتماعي.
وأضاف المسؤول أنه جرى إنشاء وحدة للتجارة الإلكترونية في الوزارة وتجري دراسة التشريعات اللازم توفرها لضبط التجارة الإلكترونية وإلزام مزاوليها بأحكام قانون الصناعة والتجارة بما في ذلك جودة السلع وعدم المغالاة بالأسعار وضبط السوق بشكل كامل.