استمع إلى الملخص
- **حنون اتهم القاضي ضياء جعفر بالتقصير في مكافحة الفساد، مشيراً إلى منح رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي قطع أراضٍ لشخصيات قضائية وسياسية لشراء الولاء.**
- **قضية سرقة القرن أثارت سخطاً في العراق، حيث أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن استرداد 182 مليار دينار، وتم الاتفاق مع المتهم نور زهير على جدولة لاسترداد المبلغ بالكامل.**
أثار رئيس هيئة النزاهة العراقية، حيدر حنون، معلومات جديدة وخطيرة عن قضية الأمانات الضريبية التي تُعرف إعلامياً باسم سرقة القرن في العراق، إذ كشف عن اختفاء ملفات مهمة تخص المتهم الأول نور زهير، موجها الاتهامات لشخصيات بارزة في السلطة القضائية.
وأمس الأربعاء، بدا رئيس هيئة النزاهة، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، متوتراً ومرتبكاً وهو يتحدّث عن القضية، ويطلق سيلا من الاتهامات لشخصيات وجهات بارزة، مؤكدا أنه "غاضب من استضعاف هيئة النزاهة واختفاء ملفات من قضية المتهم نور زهير لدى القاضي ضياء جعفر (القاضي المسؤول عن ملف القضية)"، مؤكدًا أن هذه التطورات "تشكل تحديا كبيرا لجهود مكافحة الفساد واستعادة أموال الدولة المنهوبة".
وأوضح حنون أن "ملف نور زهير، الذي تمت إحالته إلى محكمة الجنايات المركزية، يحتوي على 114 صكا ماليا"، مشيرا إلى أن القانون يقتضي فتح 114 قضية منفصلة، إلا أنه جرى التعامل معها كقضية واحدة، مؤكدا: "أريد من البرلمان أن يسألني لماذا تم فتح قضية واحدة فقط، رغم وجود جرائم أخرى لنور زهير، منها التلاعب بـ420 دونمًا من الأراضي في البصرة، والتي سُجلت بأسماء وهمية"، مشيرا إلى أن "هذه القضية جرى نقلها إلى بغداد بناء على قرار القاضي ضياء جعفر".
وأشار إلى أن "رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي منح قطع أرض لرئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى ورئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية والوزراء لشراء الولاء، وقبلناها جميعا"، مضيفا أن "هناك قضايا فساد أخرى كشف عنها، بما في ذلك سرقة سكك حديدية تقدر قيمتها بـ18 مليار دولار، حيث جرى بيع السكك بالكامل ولم يتم اتخاذ أي إجراء من قبل القاضي ضياء جعفر منذ شهرين".
تحقيقات في سرقة القرن
وشدد على أن "زهير متورط في سرقة الودائع الجمركية بما يزيد عن تريليون دينار عراقي"، مطالبا "بعقد جلسة علنية بحضور القاضي ضياء جعفر لكشف الحقائق أمام الشعب"، ووجه حنون اتهامات للقاضي ضياء جعفر، مؤكدا أن الأخير أصدر أمر قبض بحقه، وأنه "يلاحقني بشكل شخصي".
كما دعا حنون مجلس النواب إلى "إثبات ما إذا كانت هيئة النزاهة تجامل الفاسدين أو تتستر على أموال الشعب المنهوبة"، داعيا مجلس القضاء الأعلى إلى "استبدال قضاة هيئة النزاهة سنويًا لضمان النزاهة والشفافية في التعامل مع ملفات الفساد الكبرى". وشدد: "أفضّل السجن بشرف على التستر على المتهمين في قضية سرقة القرن".
وكان المتهم (زهير) قد ظهر أخيرا في مقابلة تلفزيونية وهو يدافع عن نفسه، وطالب بأن تكون محاكمته علنية، وهدد بكشف أسماء متورطين في القضية، لكنه بعد أقل من أسبوع ظهر في حادث سير في بيروت، وظهر في لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يُنقل إلى مستشفى، وسرعان ما أفادت مصادر صحافية وبرلمانية عراقية بأن الحادث "مفتعل"، وقد تغيب زهير عن الحضور لجلسة محاكمته التي كانت مقررة في الـ27 من الشهر الفائت.
ولم يصدر عن الجهات الرسمية أي تعليق بشأن المعلومات والاتهامات التي كشفها رئيس هيئة النزاهة، على الرغم من تفاعلها على منصات التواصل الاجتماعي، وما أثارته من جدل.
النائب عن الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، علق على المؤتمر في تدوينة له، قائلا: "مؤتمر رئيس هيئة النزاهة يؤكد أن التناقضات الداخلية للنظام السياسي القائم على المحاصصة والتخادمات الحاضن للفساد باتت تخرج عن السيطرة، وتظهر إلى السطح وبصورة حادة".
سخط في العراق
وأثارت "سرقة القرن" التي كُشفت، منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتورط بها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال، سخطاً شديداً في العراق الغني بالنفط، والذي يستشري فيه الفساد.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد أعلن، في نوفمبر 2022، استرداد 182 مليار دينار (نحو 124.7 مليون دولار) من الأموال المسروقة من الأمانات الضريبية، وقد أكد أن النتيجة التي تم التوصل إليها من قبل اللجان التحقيقية أنه تم صرف 114 صكا للمتهم نور زهير جاسم، مالك شركتي "القانت" و"المبدعون"، وبمبلغ إجمالي يبلغ تريليون و618 مليارا و370 مليونا و882 ألف دينار عراقي، وأنه قد اعترف وأقر بهذا المبلغ، وقد سلم منها 182 مليار دينار كدفعة أولى.
وقد جرى الاتفاق بين محكمة تحقيق الكرخ الثانية مع زهير على جدولة لاسترداد المبلغ بالكامل وإصدار القاضي المختص أمرا بإطلاق سراحه بكفالة، مع حجز أمواله المنقولة وغير المنقولة بما يضمن سداد المبلغ، وأن هذه التسوية أو الاتفاق بين المحكمة والمتهم تسوية مكتوبة لتسهيل عملية استرداد وبضمانة الأجهزة الأمنية التي ستتابعه وتمنع هروبه، وأن "القسم الأكبر من المبلغ هو عقارات يملكها المتهم في بغداد، وسيطلق سراحه ليتمكن من بيع عقاراته وسداد المبلغ، ومن ثم سينظر بأمره أمام القضاء بعد سداد المبلغ، وهو لديه أملاك كثيرة تفوق المبلغ المطلوب، وسنتمكن من استعادة المبلغ".