تضييق الخناق على رياض سلامة: الملاحقات الدولية تتزايد

24 مايو 2023
هل يستقيل رياض سلامة؟ (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

شهد ملف حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة تطورات متسارعة، أمس الثلاثاء، وسط تأكيدات بأن لبنان أصبح على المحك في ما يخص قضايا الفساد المتفاقمة.

ودخلت ألمانيا بعد فرنسا والإنتربول الدولي على خط المطالبة باعتقاله. وفيما قال مصدر قضائي كبير لوكالة "رويترز"، أمس الثلاثاء، إن ألمانيا أبلغت لبنان شفهياً بمذكرة اعتقال بحق حاكم المصرف المركزي رياض سلامة "بتهم فساد وتزوير وتأليف عصابة أشرار لتبيض الأموال والاختلاس"، أكد وزير العدل اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، هنري خوري، لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يصلني بعد أي تبليغ بذلك".

ولكنه شدد على أنه من الداعمين لاستقالة أو تنحي أو إزاحة (إقالة) حاكم البنك المركزي رياض سلامة، باعتبار أن الأمور لا يمكن أن تستمرّ على هذا الشكل، ومصداقية الدولة والسلطة ككلّ باتت على المحكّ.

دور القضاء اللبناني
وأكد خوري أن القضاء اللبناني سيقوم بواجباته كاملةً، موضحاً أنه رفض وضع الكرة في ملعب القضاء بعد صدور مذكرة التوقيف الفرنسية بحق سلامة، وطالب بالتعاطي مع الملف انطلاقاً من هذه المذكرة كي يُبنى على أساسها المقتضى، وهو ما أعلنه أمس الإثنين عقب اللقاء التشاوري الوزاري الذي عقد في مقرّ رئاسة الوزراء.

وحول المعلومات الصحافية التي انتشرت حول مخابرة الادعاء العام الألماني القضاء اللبناني وإبلاغه شفهياً بإصدار مذكرة توقيف بحق سلامة، قال وزير العدل اللبناني: "لم يصلني بعد أي تبليغ بذلك، وقرأت الخبر في الإعلام، وعادة يأتي التبليغ بداية من الإنتربول الدولي مباشرة إلى النيابة العامة التمييزية وسأكون على تواصل معها".

وتعليقاً على الادعاء الألماني، والأخبار المتداولة عن احتمال وضع لبنان على القائمة الرمادية للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يقول وزير العدل اللبناني لـ"العربي الجديد": لقد توقعت تدحرج الأمور بهذا الشكل، من هنا كانت دعوتي لاستقالة أو تنحي أو إقالة حاكم البنك المركزي.

لقاء تشاوري للوزراء
وعقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لقاءً تشاورياً مع الوزراء بعد ظهر أول من أمس الإثنين، بحث ملف حاكم البنك المركزي رياض سلامة، بعد تسلّم لبنان مذكرة من الإنتربول بتوقيفه، إثر ادعاء القضاء الفرنسي عليه بتهم الاختلاس وتبييض الأموال.

وتقرّر بعد الاجتماع كما سربت أوساط وزارية ترك الملف للقضاء كي يأخذ مجراه، مع إقفال الباب أمام إقالته من جانب مجلس الوزراء، صاحب الصلاحية باتخاذ هذا الإجراء، وذلك بذريعة الحفاظ على مؤسسات الدولة.

وقال أحد الوزراء المشاركين في اللقاء (فضل عدم الكشف عن اسمه) لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاء خُصِّصَ لبحث قضية سلامة، والمذكرة الصادرة بحقه، وتداعيات القرار على لبنان من الجوانب كافة، وانقسمت الآراء بين مؤيد لإقالته ورافض لها، بالنظر إلى إيجابيات وسلبيات الخطوة، وحصلت بعض البلبلة داخل الاجتماع، وبين من يفضل أن يتنحّى بنفسه ويستقيل".

وأشار الوزير اللبناني إلى أن "اللقاء خلص إلى أن الحكومة لا تدعم سلامة ولا تغطّيه لكنها تفضّل ترك الملف بيد القضاء اللبناني، حتى يكون صاحب القرار في القضية، وذلك حفاظاً على ما تبقّى من مؤسسات الدولة"، لافتاً إلى أن "مجلس الوزراء سيعقد جلسة بعد ظهر يوم الجمعة المقبل، وعلى الأرجح لن تشمل قضية سلامة أو إقالته التي تعدّ مستبعدة من جانب مجلس الوزراء".

وتسلّم لبنان الجمعة مذكرة من الإنتربول بتوقيف رياض سلامة بعد الادعاء الفرنسي عليه، وفق ما أعلنه وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال بسام مولولي، الذي دعا سلامة إلى التنحّي فوراً، كحال نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، في وقتٍ لا يزال حاكم البنك المركزي يرفض تقديم استقالته ويتمسّك بالبقاء على رأس الحاكمية حتى انتهاء ولايته في يوليو/تموز المقبل.

المدعي الفرنسي
ويوم الجمعة الماضي، أكد المدعي العام الفرنسي المختص بالقضايا المالية في بيان إصدار مذكرة اعتقال بحق سلامة. وينفي سلامة ارتكاب أي مخالفة.

وذكر وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، الأسبوع الماضي، أن لبنان تلقى مذكرة من منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) بحق حاكم المصرف المركزي، قائلا إنه سينفذ الإشعار إذا أمر القضاء بذلك.

وحظي سلامة لفترة طويلة بدعم شخصيات رئيسية من النخبة السياسية اللبنانية، لكن يبدو أن هذا الدعم بدأ يتلاشى بسرعة كبيرة بعدما صرح مسؤولان كبيران بأنه يجب عليه ترك منصبه.

وسيمثّل رحيله علامة فارقة في الانهيار المالي اللبناني الذي نجم عن عقود من الإسراف والفساد والسياسات المالية غير المستدامة التي نفذها زعماء تركوا الأزمة تتفاقم منذ عام 2019.

المساهمون