تصاعد التضخم في الجزائر: ضغوط على الأسر مع بدء العام الدراسي

13 اغسطس 2022
 تصاعد أسعار مستلزمات الدراسة (مصعب رويبي/ الأناضول)
+ الخط -

لم تسلم الأدوات المدرسية من حمى ارتفاع الأسعار التي تعيشها الجزائر منذ أشهر بسبب تهاوي قيمة الدينار وارتفاع نسب التضخم، حيث سجلت قفزات فاقت 100 في المائة، وهو ما كانت تخشاه الأسر الجزائرية التي ستواجه ميزانياتها امتحانا جديدا في مسلسل تعاقب المناسبات منذ مايو/أيار الماضي.

وأرجع رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، الحاج طاهر بولنوار، غلاء الأدوات المدرسية إلى عوامل رئيسة، على غرار ضعف الإنتاج الوطني، وتراجع عمليات الاستيراد.

وأوضح بولنوار في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "فترة الدخول المدرسي تشهد زيادة الطلب على الأدوات المدرسية بنسبة 50 في المائة، فيما الطلب ليس مقتصراً على التلاميذ والطلبة وإنما يتعداه إلى المؤسسات الاقتصادية، التجار، المكتبات، حيث يعتمد هؤلاء وبشكل يومي على الكراريس، الأقلام، الورق وغيرها من اللوازم المكتبية".

وكشف أن "الإنتاج الوطني للأدوات المدرسية لا يرقى لتطلعات الجزائريين وهو الذي لا تتجاوز نسبته 30 في المائة من حاجة السوق، بالرغم من اتباع الدولة سياسة تقليل الواردات، وبالتالي فإن السوق المحلي سيبقى بحاجة إلى 70 في المائة من الأدوات".

وبخصوص تأثر هذا القطاع بالإجراءات التي فرضتها الحكومة الجزائرية، الهادف إلى تقليص الواردات، قال بولنوار إن "الأمر ساهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار وتراجع الكميات المعروضة بالأسواق والمحلات، في ظل غياب البديل محليا".

وأمام هذه الوضعية التي باتت تؤرق الأسر الجزائرية، قررت الحكومة الجزائرية استحداث أسواق خاصة تُعرف بـ "أسواق الرحمة" عبر كافة ولايات الوطن تحسبا للدخول المدرسي المقبل. وأفاد محمد عبدالقادر بن بريش نائب مدير النشاطات التجارية في وزارة التجارة الجزائرية في حديث مع "العربي الجديد" بأن هذه الأسواق فُتحت من الأسبوع الثاني من شهر أغسطس/ آب الحالي، يكون فيها العرض من المُنتِج إلى المستهلك مباشرة بهوامش ربح مضبوطة مسبقا، أي من دون وسطاء، ما سيسمح بتخفيض الأسعار مباشرة".

كما كشف نفس المتحدث أن "الوزارة قررت مضاعفة فرق المراقبة لضبط الأسواق والأسعار وتتبع وتيرة تموين الأسواق، حتى لا يكون هناك خلل أو مضاربة". وتعرف أسعار الأدوات المدرسية ارتفاعا غير مسبوق، بحسب ما لاحظت "العربي الجديد" خلال جولة قامت بها في العاصمة الجزائرية.

إذ إن محافظ (شنط) مختلف الأطوار التعليمية يتراوح سعرها ما بين 1700 و3500 دينار (11 و24 دولاراً) ومنها ما يتراوح بين 4500 و9500 دينار (31 و65 دولاراً)، بحسب درجات الجودة والبلد المستوردة منه. وتباينت أسعار المآزر حسب جودتها بين 700 و1300 دينار (4 و8 دولارات)، أما المآزر المعروضة على طاولات الأسواق الشعبية، فلا تتعدى 500 دينار (2.4 دولار) ولكنها بنوعية رديئة نوعا ما.

وأقلّ سعر يمكن رصده في المكتبات والأسواق الشعبية كان للمبراة والممحاة اللتين يساوي ثمن كل واحدة منهما أو يفوق مبلغ 100 دينار (0.68 دولار)، خاصة وأنهما باتتا تصنعان بأشكال متنوعة تجذب الأطفال. أمّا الكراريس فشهدت قفزات كبيرة في الأسعار، إذ لا تقل عن 80 ديناراً (0.55 دولار)، وهو يخص كراس 64 صفحة الذي كان سعره لا يتعدى 40 ديناراً السنة الماضية، ويصل السعر حتى 300 دينار (2.06 دولار) لبعض الكراريس.

وتتربع مصاريف الدراسة على قائمة الإنفاق لدى الجزائريين لشهر آب/أغسطس مع مصاريف العطلة الصيفية، فتعاقب المناسبات جعل الأسر تشرع في التحضير مبكرا للدخول المدرسي المنتظر مطلع سبتمبر/أيلول، نتيجة تخوفهم من الارتفاع المفرط للأسعار الذي أصبح ميزة هذه المناسبات.

سعيد الناظور موظف وأب لثلاثة أطفال، أوضح أن "حجم المصاريف كان كبيرا أخيراً، لأن الدخول المدرسي على بعد أسابيع، فالأولى التفكير في مصاريف التمدرس القادم". وقال سعيد في حديث مع "العربي الجديد" إن "مصاريف التدريس في السنوات الأخيرة أصبحت مكلفة جدا، من أدوات مدرسية وملابس، أنا على سبيل المثال راتبي لا يتعدى 40 ألف دينار (300 دولار) ولدي 3 أطفال مسجلين في المدارس، واحد في مدرسة خاصة والآخرون في مدارس حكومية".

وتتطلب مصاريف العام الدراسي تخصيص مبالغ مهمة من ميزانية الأسرة، لشراء الكتب ومستلزمات الدراسة ودفع أقساط المدارس واشتراكات المواصلات. وتضع الأسر الجزائرية نصب عينيها المدارس ومتطلباتها، لأن اقتناء الأدوات المدرسية ليس خياراً كالأضحية مثلاً، بل ضرورة لا بد منها.

وفي السياق، شرحت ربة المنزل صاليحة مشدال أن "تكلفة تمدرس طفل واحد من أبنائها الأربعة تتعدى 15 ألف دينار (110 دولارات) بما فيها الملابس الجديدة والأدوات المدرسية وأقساط الدراسة". وأضافت نفس المتحدثة أن راتب زوجها لا يتعدى 35 ألف دينار (250 دولاراً)، وهو لا يكفيه لتغطية مصاريف الدراسة ومصاريف البيت، يضاف إلى ذلك أنه اضطر إلى الاستدانة لتوفير أضحية العيد وعليه أن يقضي الدين هذا الشهر".

المساهمون