تشكيك في قدرة الحكومة اليمنية الجديدة على وقف الانهيار الاقتصادي

25 ديسمبر 2020
اليمنيون يواجهون أزمات صعبة (Getty)
+ الخط -

الإعلان عن الحكومة اليمنية الجديدة بعد نحو عام كامل من المناقشات ضمن مخرجات اتفاق الرياض، لم يبدد المخاوف من الانهيار الاقتصادي الشامل. الشكوك واسعة بين الخبراء والمواطنين حول قدرة حكومة تستند إلى اتفاق هش وتتكون من أطراف متصارعة على معالجة ملفات صعبة.

التركة التي خلفها الصراع الدائر بين طرفي الحكومة، ثقيلة. الأزمات التي تلف البلاد منذ التوقيع على اتفاق الرياض تطاول المستويات المعيشية والإنسانية والخدمية كافةً. وعلى الرغم من التشاؤم، يتسلل خيط أمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بلد مدمّر.

يرى الخبير الاقتصادي حسن العديني أن إيقاف الانهيار الاقتصادي والسيطرة على الأسعار ووقف تدهور قيمة العملة أولوية قصوى لهذه الحكومة، إضافة إلى الاستقرار الأمني والذي يعتبره العديني أولوية أخرى بالغة الأهمية لتأمين المجتمع وتوفير مناخ مناسب لإنقاذ الاقتصاد.

ويقول العديني لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة الحالية شكلت في وضع أصعب مما كانت عليه الأحوال عند تشكيل حكومات سابقة منذ اجتياح صنعاء واندلاع الحرب. ما يمكن ملاحظته في السنوات السابقة أن الحكومات كانت تتشكل لكي يتربح الوزراء، وليس لإيجاد حلول للأزمات المتراكمة. لكن هذه الحكومة حتى على مستوى إعداد موازنة عامة، تواجه تحديات كبرى منها عدم توفر أي بيانات تقريبية بعد سبع سنوات من توقف الإحصاءات، وفق العديني.

يشرح أن الجهاز الإداري المفرغ من التكنوقراط صادره السياسيون لأقاربهم ومعارفهم، إضافة إلى أن أكثر وكلاء الوزارات والمستشارين لا يتواجدون داخل اليمن، وليست لهم علاقة بوزارتهم ولا علم لهم بأوضاعها. ويلفت إلى أن جميع موظفي الدولة على سبيل المثال، بمن فيهم الذين يشتغلون في المحافظات الخاضعة لسلطة الحوثي، يطالبون هذه الحكومة برواتبهم.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ويشير الخبير الاقتصادي إلى صعوبة التعامل مع كل هذه التناقضات من قبل حكومة مشتتة. والتحق المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً كشريك رئيسي بالحكومة الجديدة، محملاً بكشوفات التشكيلات العسكرية التي تتبعه مطالباً بصرف رواتبهم، بينما على الطرف الآخر في العاصمة صنعاء ومناطق شمال اليمن خصم يتواجد في مناطق نفوذه مئات الآلاف من الموظفين المنقطعة رواتبهم منذ سبتمبر/أيلول 2016.

وتتحدث مصادر مطلعة في هذا الخصوص عن جهود قام بها مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أخيرا، عبر محادثات غير معلنة في العاصمة العمانية مسقط لتضييق هوة الانقسام المالي بين طرفي الصراع في اليمن وفق "إعلان مشترك"، بما يؤدي إلى إعادة توحيد المؤسسات المالية وصرف رواتب الموظفين المدنيين.

ولمّحت هذه المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى وضع الحوثيين شروطاً للقبول بالإعلان المشترك، أهمها إيجاد حل فوري يفضي إلى صرف رواتب الموظفين المدنيين. وكان الموظفون المدنيون في الجهاز الإداري للدولة في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين ينتظرون بفارغ الصبر عام 2020 لحل أزمة رواتبهم المتوقفة والتي دخلت عامها الرابع، إذ كانت قد بدأت في مدينة الحديدة الساحلية غرب اليمن حركة ترتيبات واسعة لإعادة تشغيل فرع البنك المركزي بالمحافظة وإدارة حساب حكومي مشترك لاستيعاب إيرادات الوقود ومختلف القنوات الإيرادية الأخرى في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وذلك بإشراف وإدارة الأمم المتحدة.

كشفت المرحلة الثالثة من التقييم المستمر للاحتياجات في اليمن الصادر عن البنك الدولي الأسبوع الماضي، عن تركة ثقيلة خلفها الصراع الدائر في البلاد، على مستوى القطاعات كافة

ولكن الأزمة النقدية أوقفت هذا القرار، بعد قرار الحوثيين منع تداول العملة "المطبوعة" في مناطق سيطرتهم. يستغرب الموظف في وزارة الصناعة والتجارة بصنعاء عمار الحمادي في حديثه مع "العربي الجديد"، توقف صرف رواتبهم، قائلاً: "ما الذنب الذي ارتكبناه حتى يقطعوا رواتبنا وقوت أطفالنا؟".

فيما المواطن عيدروس مهدي من سكان مدينة عتق بمحافظة شبوة جنوب شرقي اليمن، لا يأمل أي خير قد تأتي به الحكومة الجديدة، إذ يقول لـ"العربي الجديد"، إن "فاقد الشيء لا يعطيه"، ملمحاً إلى ضعف الحكومة وعدم قدرتها على التواجد بشكل طبيعي وبكامل الصلاحيات في العاصمة المؤقتة عدن والمناطق المفترض وقوعها تحت سيطرتها.

بالمقابل، كشفت المرحلة الثالثة من التقييم المستمر للاحتياجات في اليمن الصادر عن البنك الدولي الأسبوع الماضي، عن تركة ثقيلة خلفها الصراع الدائر في البلاد، على مستوى القطاعات كافة، في حين تم تدمير الطرق والجسور، وتضررت خطوط الكهرباء، وتعطل إنتاج النفط والغاز. وتقدر الاحتياجات الخاصة بالتعافي وإعادة الإعمار للقطاعات التي تم تقييمها والمناطق الجغرافية التي تشملها هذه المرحلة الثالثة من التقييم المستمر للاحتياجات، بما بين 20 و25 مليار دولار على مدى خمس سنوات.

ويرى الباحث الاقتصادي عصام مقبل أن حكومة بهذا الشكل التوافقي الهش تضم أطرافاً متنازعة، لا يمكن لها أن تحقق أي شيء في مواجهة ما تشهده البلاد من تدهور اقتصادي مريع وانهيار العملة وتفكك لمؤسسات الدولة المتنازع عليها على مستوى كل منطقة في اليمن.

ويسأل في حديث مع "العربي الجديد": "كيف ستتعامل حكومة منقسمة مسبقاً وتحمل أسماء تفتقد الخبرة مع هذه الملفات؟".

المساهمون