اتفقت منظمة أوبك وحلفاؤها (أوبك+) على التمسك بالزيادات التدريجية الشهرية في إنتاج النفط بعد مؤتمر فيديو قصير، إلا أن السوق النفطية لا تزال تتخبط في ظل مؤشرات عدم اليقين التي تسيطر على مسار التعافي الاقتصادي العالمي، خاصة مع ازدياد حالات الإصابة بفيروس كورونا وعودة الإغلاقات في عدد من الدول.
وصدّق الوزراء على زيادة الإمدادات البالغة 400 ألف برميل يوميًا المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول بعد أقل من ساعة من المحادثات، وهو أحد أسرع الاجتماعات في الذاكرة الحديثة ويمثل تناقضًا كبيراً مع المفاوضات المطولة التي أجريت في يوليو/ تموز وفقاً لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية. وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مارست ضغوطا واسعة خلال الأيام الماضية لتوسيع زيادات الإنتاج، وبعد إعلان أوبك+ عن قرارها، أبدى البيت الأبيض سعادته متعهداً بالحث على بذل المزيد لدعم التعافي الاقتصادي، وفقاً لوكالة "رويترز". وقال متحدث باسم البيت الأبيض "يسعدنا أن تواصل أوبك الزيادات التدريجية في إنتاج النفط مثلما اتفقت على زيادة الإنتاج في يوليو".
وأضاف "نقوم بالتواصل مع أعضاء أوبك+ بشأن أهمية الأسواق التنافسية في تحديد الأسعار وبذل المزيد لدعم التعافي". ولم تتلقف السوق خطوة أوبك+ كعامل مساعد على رفع الأسعار، حيث شهدت الأخيرة تراجعاً صباح الخميس معززاً بالشكوك حول ارتفاع الطلب النفطي مع ازدياد الإصابات بفيروس كورونا في أنحاء العالم فيما بقيت الكثير من شركات التكرير الأميركية، وهي مصدر رئيسي للطلب على الخام، متوقفة عن العمل بسبب تداعيات الإعصار "أيدا".
وستستغرق مصافي التكرير أسابيع لاستئناف نشاطها. وقالت الهيئة المنظمة لأنشطة الطاقة البحرية في الولايات المتحدة إن شركات الطاقة تسارع لإعادة تشغيل المنصات وخطوط الأنابيب في خليج المكسيك الأميركي، فيما لا يزال إنتاج نحو 1.4 مليون برميل يوميا من النفط متوقفاً. إلا أن عاملا آخر دخل على خط الأسعار ليرفعها في فترة بعد الظهر متأثرة بتقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية حول مخزونات الخام التي انخفضت 7.2 ملايين برميل.
وفي السياق، قال كريستيان مالك، رئيس قسم النفط والغاز في جيه. بي مورغان تشيس، في حديث مع تلفزيون بلومبيرغ إن "أوبك أثبتت مرة أخرى أنها تستطيع الاجتماع والقيام بالأشياء بسلاسة." وتابع "من المحتمل أن يتم استخدام الانسجام للاستجابة بمرونة لأي تحولات أخرى في السوق خلال العام المقبل". في حين أن الظروف قد تبدو مواتية للكارتل في الوقت الحالي، إلا أن هناك شكوكاً تلوح في الأفق، إذ حتى مع تعافي الطلب، فقد تأثرت السوق بشكل واسع بظهور أنواع جديدة من فيروس كورونا.
كذا فإن مسألة ما إذا كانت إيران والولايات المتحدة ستبرمان صفقة لرفع العقوبات عن صادرات النفط للجمهورية الإسلامية، التي تبدو حاليًا أقل احتمالاً، معلقة أيضاً، وترخي تداعياتها على السوق. ووفق ما قاله رئيس أسواق النفط في "ريستاد إينيرجي"، بيورنار تونهوجين في مذكرة نشرتها "رويترز"، فإنّ "ما هو غير مؤكد، هو ما إذا كان الطلب سيكون قادرًا على النمو بالسرعة التي تتوقعها أوبك + والسوق، نظرًا لخطر عمليات الإغلاق الجديدة لمحاربة انتشار متحورات كورونا".
وتعمل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وأبرزهم روسيا على التراجع عن تخفيضات الإنتاج غير المسبوقة التي تم تنفيذها في ظل أزمة كوفيد -19 العام الماضي. وقد تم بالفعل إحياء حوالي 45 في المائة من الإمدادات المعطلة، وفي يوليو وضعت المجموعة خطة لإعادة الباقي تدريجيًا حتى سبتمبر/ أيلول 2022. ومع تعافي أسعار النفط الخام في الغالب من الركود الذي سجلته في منتصف أغسطس/ آب وتوقعات العرض الضيقة نسبيًا لبقية العام، لم يكن لدى الإئتلاف المكون من 23 دولة سبباً وجيهاً لتغيير الجدول الزمني المحدد للزيادات الشهرية التدريجية في المعروض.
وكانت هناك بعض الشكوك حول الخطة عندما تذبذبت أسواق النفط خلال الصيف حيث هدد انتشار الفيروس الطلب. لكن استخدام الوقود أثبت أنه مرن، حيث ارتفع إجمالي المنتجات النفطية الموردة في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي في أواخر أغسطس/ آب، وفق بعض التحليلات.
وقالت أوبك + في بيان إنه "بينما تستمر آثار جائحة كوفيد -19 في إلقاء بعض عدم اليقين على مسارات التعافي الاقتصادي، تعززت أساسيات السوق النفطية من ناحية الطلب، ما يشير إلى تسارع التعافي. ولفتت معلومات "بلومبيرغ" إلى أن المجموعة ستلتقي مرة أخرى في 4 أكتوبر/ تشرين الأول لدراسة التغييرات في السوق. وكشف البيانات المقدمة للوزراء عن تحدٍ جديد للمملكة العربية السعودية وشركائها في عام 2022. كان من المتوقع أن تعود الأسواق إلى الفائض العام المقبل، بمتوسط فائض في المعروض يبلغ 1.6 مليون برميل يوميًا.
ومع ذلك، تفترض التوقعات أن المجموعة ستستعيد ما يقرب من 6 ملايين برميل يوميًا من الإنتاج، حيث قد تكافح العديد من البلدان للوصول إلى أهدافها الكاملة. ويعتمد حجم إنتاج النفط الخام الذي توقفه منظمة أوبك + نظريًا عن العمل على أرقام مشكوك فيها. لدى روسيا خط أساس متضخم أعلى بكثير من ناتج ما قبل الجائحة. بعض الأعضاء الآخرين لديهم أرقام طاقة عفا عليها الزمن، حيث تكافح دول مثل أنغولا ونيجيريا بالفعل لتحقيق الزيادات في العرض المسموح بها بموجب الاتفاقية، وفق "بلومبيرغ".