استمع إلى الملخص
- يُعد "ذا لاين" جزءاً من مدينة نيوم، يمتد بطول 170 كيلومتراً، باستثمارات 1.2 تريليون ريال للمرحلة الأولى، ويهدف لجذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع مصادر الدخل وتنمية القطاع السياحي والضيافة.
- تواجه السعودية تحديات في تسريع تطوير "ذا لاين"، مع استحقاقات مثل كأس العالم 2034، لبناء مدينة بلا شوارع أو سيارات، مما يعزز الاستدامة ويخلق بيئة حديثة.
رغم تأكيد سابق لوزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، تأجيل عديد المشروعات في خطة 2030، على خلفية تحديات مالية تتعلق بعجز الموازنة، أعلنت الحكومة السعودية بذل مساعٍ لـ"تسريع" تنفيذ مشروع "ذا لاين"، من خلال التعاقد مع 3 شركات عالمية متخصصة في التصميم والتخطيط، وهي "ديلوغان مايسل" و"جينسلر" و"موت ماكدونالد"، ما سلط الضوء على أسباب المفارقة، خصوصاً أن "ذا لاين" يُعَدّ أكبر المشاريع العملاقة في رؤية 2030.
و"ذا لاين" مدينة مستقبلية ثورية، مصممة لتكون خالية من الانبعاثات الكربونية، وتركز على الاستدامة واستخدام التقنيات المتقدمة، حيث صُمِّمَت المدينة لتوفير نمط حياة عصري وصحي، مع مراعاة البيئة وتعزيز جودة الحياة، وفقاً لتصريحات حكومية سعودية سابقة. ويهدف المشروع إلى خلق 460,000 وظيفة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بمقدار 180 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030. وبالرغم من التقارير التي تحدثت عن تقليص حجم المشروع، إلا أن المسؤولين السعوديين نفوا هذه الادعاءات، وأكدوا أن خططهم مستمرة كما هو مخطط لها، وفقاً لما أوردته وكالة بلومبيرغ.
وفي هذا الإطار، أعلنت مدينة نيوم، في بيان أصدرته في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التعاون مع فرق التصميم والتطوير في "ذا لاين"، لتقديم استشارات بشأن تسريع التخطيط وتنفيذ التصميم الحضري، وتطوير البنى التحتية للمرحلة الأولى من المدينة.
وكانت بلومبيرغ قد نقلت في وقت سابق عن مسؤولين سعوديين تأكيدهم تقليص "ذا لاين"، بحيث يحتضن 300 ألف شخص فقط عام 2030، بينما كان المشروع يهدف إلى استيعاب 1.5 مليون شخص. لكن الإعلان الأخير عن تسريع العمل بالمدينة أعاد التركيز على تعديل بخطط المملكة على الصعيدين الاقتصادي والبيئي.
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، نهاد إسماعيل، لـ "العربي الجديد"، إلى أن "ذا لاين" يُعد جزءاً أساسياً من مدينة نيوم المستقبلية التي تضم 10 مشاريع رئيسية، لافتاً إلى أنه يُعَدّ واحداً من أكثر المشاريع طموحاً على الإطلاق، حيث يمتد بطول 170 كيلومتراً وعرض 200 متر وارتفاع 500 متر.
ويؤكد إسماعيل أن "ذا لاين" يتطلب استثمارات ضخمة، إذ تقدر تكلفة المرحلة الأولى وحدها بـ1.2 تريليون ريال سعودي، أي ما يزيد على 325 مليار دولار، مضيفاً أن مشاريع بهذا الحجم تحتاج إلى تخطيط وتصميمات معقدة، وبنية تحتية متطورة، وميزانيات ضخمة، فضلاً عن جيش من العمالة والخبرات التقنية.
ورغم أن بدء تنفيذ "ذا لاين" أُجِّل إلى أوائل عام 2025، إلا أن المشروع لا يزال مستمراً، وأهدافه الطموحة تظل ثابتة، حسب تقدير إسماعيل، مشيراً إلى أن الإدارة المسؤولة عينت شركات استشارية وهندسية عالمية للعمل على التصميمات والبنية التحتية اللازمة، لضمان تحقيق الرؤية الطموحة التي ترتكز على الاستدامة، وحماية البيئة، وتقليل البصمة الكربونية، وخلق أجواء صديقة للطبيعة، ما يهدف إلى تحقيق تناغم مثالي بين الإنسان والطبيعة.
ويشير إسماعيل إلى أن أهمية مشروع "ذا لاين" تتجاوز التطوير العقاري، حيث يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز التنمية الاقتصادية، من خلال تنويع مصادر الدخل وزيادة الناتج الإجمالي المحلي، ويسهم في تنمية القطاع السياحي والضيافة، وتطوير بنية تحتية ذكية، بالإضافة إلى استقطاب المهارات والكفاءات العالمية.
ومن شأن الاستمرار في العمل بمشروع "ذا لاين" أن يبعث برسالة واضحة للمستثمرين حول جديته وأهميته في تحقيق رؤية نيوم المستقبلية، خصوصاً مع اقتراب استضافة المملكة لكأس العالم 2034، بحسب إسماعيل، الذي يشير إلى توقعات بأن تصبح نيوم نقطة جذب عالمية للزوار والمستثمرين على حد سواء.
ويؤكد إسماعيل أن أي تأجيل أو إلغاء للمشروع قد يضر بثقة المستثمرين وبمصداقية المملكة في تحقيق رؤيتها الطموحة، إذ إن فوائد المشروع بعيدة المدى تفوق بكثير مخاطره المحتملة، رغم التحديات المرتبطة بالتكاليف العالية والمتطلبات اللوجستية الضخمة.
ويعزز من هذه الرؤية أن المشروع يعكس طموحاً كبيراً في دفع عجلة الاقتصاد السعودي نحو مستقبل أكثر تنوعاً وابتكاراً، ما يجعله استثماراً حيوياً للمملكة في السنوات القادمة، بحسب إسماعيل.
مشروع "ذا لاين" يعكس طموحات كبيرة للمملكة
وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي رائد المصري، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أن إعلان شركة نيوم تعيين شركات عالمية للإشراف على التخطيط الأساسي والتصاميم الخاصة بمدينة "ذا لاين" يعكس مزيجاً من الطموحات الكبيرة والتعقيدات الهندسية لهذا المشروع، الذي يُعد من بين الأكبر على مستوى العالم، إذ تعمل هذه الشركات على تقديم استشارات متقدمة في التخطيط الحضري، وإدخال حلول وتصاميم مبتكرة تسعى لإعادة تعريف مفهوم المدن الحديثة، باستخدام تقنيات متطورة تحقق أهداف الاستدامة والابتكار.
ومن شأن هذه الخطوة أن تمثل انطلاقة نحو بناء مدينة تتوافق مع متطلبات المستقبل، حيث سيبدأ تنفيذ هذه المخططات والتصاميم في أوائل عام 2025، بحسب المصري، الذي أشار إلى أن المشروع يهدف إلى تحقيق توازن بين التنمية البيئية والبنية الحضارية المستدامة، مع التركيز على سياسات تصميم معيارية تشمل مرافق البنية التحتية، ومراكز النقل، والمرافق العامة.
غير أن السعودية تواجه تحديات كبرى تتطلب تسريع وتيرة تطوير مدينة "ذا لاين"، خصوصاً مع استحقاقات سياحية وثقافية كبيرة في المستقبل، مثل استضافة كأس العالم 2034، لذا فإنها تسعى لتحقيق إنجازات ملموسة بسرعة لضمان جاهزية المدينة لاستقبال هذه الاستحقاقات، مع التزام تطوير المشروعات التمهيدية والبنية التحتية الأساسية، بحسب المصري، الذي يشير إلى أن "ذا لاين" ليست مجرد مدينة، بل نموذج لمعالجة التحديات الحضرية المعاصرة، بما في ذلك التكدس السكاني، والازدحامات المرورية، وتدهور البيئة.
وستُبنى المدينة بلا شوارع أو سيارات، ما يجعلها نموذجاً فريداً لحياة حضرية مستدامة تجمع بين التكنولوجيا والهدوء، وتوفر مساحات خضراء تعزز منطق الاستدامة، وتخلق بيئة متطورة وحديثة دون استنزاف لموارد الدولة، مع التركيز على تكاليف منخفضة تتماشى مع رؤية المملكة الطموحة، بحسب المصري.