تسارع التضخم في منطقة اليورو يقلق البنك المركزي الأوروبي.. فماذا عن أسعار الفائدة؟

31 مايو 2024
صورة تعبيرية عن حالة مؤشرات الاقتصاد الأوروبي، 30 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- منطقة اليورو شهدت ارتفاعًا في معدل التضخم في مايو/أيار، مما يعكس تحديات أمام البنك المركزي الأوروبي لكبح جماح الأسعار، رغم خطط لخفض تكاليف الاقتراض.
- التضخم الأساسي ارتفع، مدفوعًا بزيادات في الأجور وانتعاش في قطاع الخدمات، مع تأكيدات على ضرورة الحذر في السياسة النقدية لضمان استقرار الاقتصاد.
- البنك المركزي الأوروبي يستعد لخفض سعر الفائدة في يونيو، مع التأكيد على أهمية استمرار السياسة النقدية المتشددة لضمان تراجع التضخم ودعم استقرار الاقتصاد.

ارتفع معدل التضخم في منطقة اليورو في مايو/أيار الماضي، في علامة على أن البنك المركزي الأوروبي لا يزال يواجه رحلة بطيئة وغير مؤكدة لتحقيق هدفه المتمثل في كبح الأسعار بشكل كامل، بحسب ما أظهرته بيانات اليوم الجمعة، فيما من غير المرجح أن تمنع الزيادة الأكبر من المتوقع في التضخم البنك المركزي الأوروبي من خفض تكاليف الاقتراض من مستوى قياسي الأسبوع المقبل، لكنها قد تعزز حالة التوقف المؤقت في يوليو/تموز وتباطؤ وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، وفقاً لتحليل أوردته وكالة رويترز.

الوكالة نقلت عن الخبير الاقتصادي في ناتيكسيس، ديرك شوماخر، قوله إن "هذه الأرقام تقوي أيدي أولئك الذين يقولون إننا بحاجة إلى توخي الحذر". وأظهرت الأرقام ارتفاع أسعار المستهلكين في الدول العشرين التي تستخدم اليورو بنسبة 2.6% على أساس سنوي في مايو، مبتعدة عن هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% بعد زيادات بنسبة 2.4% في الشهرين السابقين، وفقا لتقدير يوروستات الأولي. وكان اقتصاديون استطلعت "رويترز" آراءهم توقعوا أن يرتفع التضخم إلى 2.5%، مدفوعاً جزئياً بمقارنة غير مؤاتية مع العام الماضي عندما دعمت ألمانيا السفر بالسكك الحديدية، من بين عوامل أخرى لمرة واحدة.

والأهم من ذلك أن مقياس التضخم الأساسي الذي تتم مراقبته عن كثب والذي يستثني الغذاء والطاقة والكحول والتبغ، بلغ 2.9% من 2.7% في إبريل/نيسان. وانتعشت الأسعار في قطاع الخدمات، والتي وصفها بعض صناع السياسات بأنها ذات أهمية خاصة لأنها تعكس الطلب المحلي، إلى 4.1% من 3.7%. وكان من المرجح أن يعكس هذا زيادات أكبر من المتوقع في الأجور في الربع الأول من العام، والتي عززت الدخل المتاح للمستهلكين بعد سنوات من زيادات الأجور أقل من التضخم.

وساعدت أكبر سلسلة من زيادات أسعار الفائدة التي قام بها البنك المركزي الأوروبي على الإطلاق في خفض التضخم، الذي وصل إلى 10% في أواخر عام 2022 بسبب ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. وقد أدت هذه الزيادات إلى استقرار توقعات التضخم الاستهلاكي ولكنها أدت أيضا إلى خنق الائتمان. وهذا يعني أن صناع السياسة في اجتماعهم الأسبوع المقبل من المرجح أن يلتزموا بالخطط المعلنة جيدا لخفض أسعار الفائدة على الرغم من تزايد شكوك السوق حول السرد العالمي لانخفاض التضخم.

التضخم والفائدة على طاولة البنك المركزي الأوروبي في 6 يونيو

ويستعد البنك المركزي الأوروبي خلال اجتماع مجلسه المقرر في 6 يونيو المقبل لخفض سعر الفائدة الحالي البالغ 4.5% الذي أرادت السلطات النقدية من خلاله كبح التضخم وبات الآن يعيق النمو الاقتصادي المطلوبة إعادة تحفيزه. ورغم أن الطموحات التي حددها الأوروبي تهدف لتحقيق معدل تضخم 2% على المدى المتوسط باعتباره المستوى الأمثل لمنطقة اليورو، فإن أسواق المال والاقتصاديين يجدون أن الفرصة مناسبة لخفض أسعار الفائدة، وهذا ما ستكون له تأثيرات إيجابية على الأوضاع الاقتصادية مع التغير الطفيف في سعر الفائدة، ويشجع الأفراد للمبادرة والاقتراض مجدداً، وفي مقدمِها القروض العقارية التي سيطاولها تلقائيا تغير أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، مقابل تغير سلبي طفيف في سعر الفائدة على الحسابات البنكية الجارية والادخارية.

ومع ترجيح المستثمرين بأن يخفض الأوروبي سعر الفائدة بنسبة 0.25% إذا لم تكن هناك مفاجآت كبيرة في بيانات مؤشرات أسعار الاستهلاك، قال الباحث الاقتصادي في جامعة أولدنبورغ مارك التكروغر لـ"العربي الجديد"، إنه إذا عمد الأوروبي لخفض الفائدة فإن ذلك يعني في الواقع وكردة فعل أولية أن العملة الأوروبية اليورو ستكون أضعف، وأن يتحرك السعر الحالي هبوطاً من 1.08% إلى حدود 1.04% تقريباً. قبل أن يضيف أن ذلك مهم بشكل خاص للشركات لزيادة إنتاجها مع عودة طلبات التصدير إلى الخارج مع تراجع التكلفة على العميل بما ينسحب تلقائياً على المستهلك، لكن سيضر بالمواطن الأوروبي في قدرته على تحمل تكاليف السفر مثلاً مع تراجع نسبي لقيمة اليورو، ومن الممكن أن تصبح بعض المنتجات المستوردة مثل البن والسلع كالأجهزة والإلكترونيات والحديد والألمنيوم أكثر تكلفة في أوروبا.

ووفق معلومات من مصادر مصرفية مطلعة لـ"العربي الجديد"، فإن التوجه بأن يبقى الترقب سيد الموقف لأن هناك حاجة لاستمرار السياسة النقدية المتشددة على مدار العام، ومبرزة أنه على الرغم من أن الوضع يسمح حاليا بالتخفيف من الحد الأقصى من القيود، لكن التوقعات باستمرار نمو الزيادات على الأجور حتى العام 2026، وحيث تريد النقابات تعويض خسائر التضخم القياسية وفقدان الموظفين لقدرتهم الشرائية باتفاقيات الأجور المرتفعة والتي تنفذ على مراحل. ومن الضروري إبقاء تخفيض أسعار الفائدة ضمن نطاق ضيق لضمان استمرار تراجع التضخم وعدم بقائه أعلى من هدف المركزي الأوروبي.

الترقب سيد الموقف في منطقة اليورو

وفي وقت يراقب البنك المركزي الأوروبي عن كثب تطورات الأجور تجنباً لدوامة المضي قدماً بزيادة كبيرة عليها بطلب من بعض النقابات، ونقل الشركات هذه التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين، فإن عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي إيزابيل شنابل، وهي صانعة سياسات في المؤسسة النقدية، حذرت في حوار سابق مع مجلة الأعمال بلوس مينوس قائلة إنه "في الوضع الحالي، نرى أن الأجور ارتفعت بشكل حاد، ولكن نمو الأجور يتباطأ تدريجياً، مشيرة إلى أنه إذا استمر هذا الاتجاه، فإن المركزي يكون على حق تماماً في ما يتعلق بتخفيض أسعار الفائدة القادم".

كما أوردت صحيفة هاندلسبلات عن محللين بأن التخفيض الكبير في أسعار الفائدة قد يؤدي الى خفض قيمة اليورو والعودة لزيادة التضخم، ومن منطلق أن ضغط التكلفة وأسعار الخدمات لا يزال مرتفعا، مع تشديدهم على البقاء على اتباع السياسة النقدية حتى العام 2025، لا سيما أن الطريق إلى الاستقرار لا تزال وعرة.

المساهمون