دفعت تبعات الحرب الروسية على أوكرانيا وأزمة الطاقة في أوروبا، وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، إلى بحث الدول الأوروبية عن وجهات بديلة لقضاء شتاء دافئ، وبرزت تركيا في هذا الإطار مع إعلان سلسلة متاجر "ليدل" الألمانية عن عروض رحلات سياحية شتاءً لتركيا انطلاقاً من 599 يورو.
إعلان الشركة شهد تفاعلاً كبيراً في تركيا، حيث حدد الإعلان فرصاً للعطلة في البلاد لمدة تصل إلى 22 يوماً شاملة تذاكر الطيران ووجبات الطعام، بدءاً من مبلغ 599 يورو، مقدمةً مجموعة من العروض الأخرى، متباينة الأسعار، وتحديد قرابة 4 آلاف وجهة للعطل في العالم وفي مقدمتها مدينة أنطاليا التركية السياحية ووجهات تركية أخرى كثيرة، فضلا عن وجهات في إيطاليا واليونان ونيبال.
وفسر إعلان الشركة في تركيا بأنها تستهدف ملايين المتقاعدين الذين ضاقت بهم الأحوال مع رفع فاتورة الغاز من 200 يورو إلى 1000 يورو، حيث توفر العروض المقدمة فرصة إمضاء شتاء دافئ في تركيا التي لا تعاني من أزمة انقطاع الغاز، وفي أجمل الأماكن السياحية.
ونقلت صحيفة "حرييت" التركية عن رئيسة وكالات السياحة الألمانية ماريجا لينهوف قولها إن "المتقاعدين الألمان، وبسبب التوفير في الطاقة، سيمضون شتاءهم في مايوركا أو تركيا، وسيتم تقديم دعم حكومي للمتقاعدين الراغبين بالسفر للدول الدافئة ما قيمته 500 يورو".
وأضافت الصحيفة أن قطع روسيا للغاز عن أوروبا أثر على قرابة 150 مليون متقاعد في القارة الأوروبية، وأن قطاع السياحة التركية الشتوية يشهد حراكا هو الأعلى منذ 3 سنوات وأن الأرقام الواردة لشهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل جيدة منذ الآن.
وفي تصريحات للصحيفة، قال رئيس اتحاد مشغلي الفنادق السياحية في البحر المتوسط، أركان ياغجي، إن "تركيا تبرز ليس بسبب رخص الأسعار بل بسبب أمنها وتميزها وأوضاعها الصحية المناسبة قياساً على منافسيها، وتعتبر أنطاليا من أبرز الوجهات المتوازنة بالأسعار والجودة".
وأضاف "هناك إمكانيات متوفرة للسياحة الشتوية، وهذا الحراك في تركيا ليس بسبب أزمة الطاقة في أوروبا وحسب بل بسبب الإمكانيات السياحية، والأرقام في نوفمبر جيدة وبعدها يحل أعياد رأس السنة، والحجوزات متكثفة من أوروبا".
من جهته، قال رئيس شركة "بينتور" السياحية في تصريحات نشرها موقع إخباري سياحي أن "رخص الأسعار لا يعني عموم تركيا بل يستهدف أماكن محددة حيث إن أقضية لارا وبيليك في أنطاليا لا يمكن العثور بها على أسعار مخفضة".
وأضاف أن "الطلب جاء بعد أنباء رفع فاتورة الغاز الطبيعي في ألمانيا إلى ألف يورو، وهو ما أدى إلى حالة ارتباك خاصة لدى المتقاعدين وهنا طرحت فكرة قضاء عطلة طويلة في تركيا شتاءً، وهي لا تخص المتقاعدين فقط، بل تشمل العاملين عن بعد في الوظائف التي جاءت بعد وباء كورونا".
وأوضح أنه "بسبب تكاليف العمالة في إسبانيا واليونان فإن أسعارها أعلى مقارنة بتركيا، وهو ما يعطي الأفضلية لتركيا وهذه الدول هي المفضلة لدى الألمان، ومن هذا المنطلق فإن حصة تركيا سترتفع خلال الشتاء من السياحة الألمانية".
وشدد على أن "تكاليف العطلة ضمن الباقات المعلنة في تركيا بالنسبة للمواطنين الألمان تعد أرخص من البقاء في المنزل وبهذا تكون العطلة مجانية بالنسبة لهم خاصة أن العروض شاملة كل شيء، وهو ما يعني أنه يتوقع أن يزور تركيا مليون سائح ألماني خلال الشتاء".
وتعاني ألمانيا والدول الأوروبية من تبعات فرضها عقوبات على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، وهو ما ردت عليه روسيا بقطع الغاز عن أوروبا الأمر الذي وضع القارة الأوروبية في وضع صعب مع قرب الشتاء البارد.
وفي السياق، تحافظ تركيا على علاقات متوازنة بين أوروبا وروسيا، ولم تشارك مع العقوبات الأوروبية وهو ما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقول لنظيره التركي رجب طيب أردوغان في قمة سوتشي قبل شهر إنه "يجب على أوروبا أن تكون ممتنة لتركيا إزاء تدفق الغاز الطبيعي من روسيا إليها دون انقطاع".