ارتفع سعر صرف الليرة التركية قليلاً، الخميس، مسجلة 23.3655 مقابل الدولار، بعد التهاوي الكبير الأربعاء وخسارة الليرة نحو 7.5% من قيمتها حين تراجعت إلى 23.43 مقابل الدولار، مسجلة أدنى سعر على الإطلاق وخسائر تراكمية وصلت العام الجاري إلى نحو 20 في المائة.
ورجحت مصادر تركية مسؤولة عدم اتخاذ الحكومة أي إجراء الآن فيما يتعلق بالليرة التركية، في انتظار حركة سوق العملة للوصول إلى السعر الحقيقي.
وأضافت المصادر الخاصة لـ"العربي الجديد" أن تعيين محافظ جديد للمصرف المركزي "سيكون قريبا"، وبعدها سيلتقي وزير المالية والخزانة والمحافظ الجديد ونائب الرئيس، جودت يلماظ، لـ"تدارس التطورات واتخاذ القرار اللازم"، غير مستبعدة تحريك أسعار الفائدة "إن تطلّب الأمر لتحسين سعر الصرف".
ورأى أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة ماردين، عبدالناصر الجاسم، أن وراء تراجع سعر الليرة "أسبابا اقتصادية حقيقية" يجب عدم تجاهلها، معتبرا استقرار سعر الصرف خلال الفترة الماضية، كان تثبيتا وليس ثباتا، نتج عن ضخ الدولار في السوق، ولكن بعد نشوء سوق مواز في تركيا زادت المضاربة وتكشّف السعر "العادل والحقيقي لليرة".
وتوقع الاقتصادي التركي الاتجاه تدريجيا نحو الاقتصاد التقليدي، خاصة ما يتعلق بـ"التشنج من الفائدة المرتفعة". فالفريق الجديد، برأيه، سيضع آلية متكاملة تتماشى مع السوق والقرارات الدولية. ولكن، استدرك المتحدث، من دون المساس بالاستراتيجية التركية العامة وخطة القرن "بمعنى رفع نسبة النمو والصادرات والقطاع الإنتاجي أولا".
وحول ما تردد بأن الحكومة التركية تركت سعر الصرف يتراجع بهدف تقليل تكاليف الإنتاج وزيادة الصادرات التي تعوّل تركيا على وصولها إلى 300 مليار دولار، قال الجاسم إن هذا الاحتمال "غير معقول أبدا"، لأن أثر تذبذب سعر الصرف يؤثر على مصداقية القرارات ومناخ الاستثمار، وليس في صالح تركيا ضرب بيئتها بالتركيز على جذب الأموال والاستثمارات، خاصة بعد مجيء وزير المالية الجديد الذي يعتبر عامل جذب إضافي.
وفي حين تعددت أسباب التراجع في نظر المختصين، وإن كان لانسحاب المصرف المركزي من الدعم المباشر لليرة السبب الأهم، تأتي مخاوف استمرار التراجع خلال الفترة المقبلة في مقدمة عوامل اهتزاز الليرة، ما يؤثر على ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة التضخم، ما دفع وزير المالية والخزانة التركي، محمد شيمشك، إلى طلب التهدئة وعدم الانجرار وراء الشائعات. وقال شيمشك، مساء الأربعاء، خلال تغريدة على "تويتر"، إن أولوياته في الفترة الحالية الصعود بالاقتصاد التركي وأن المبادئ التوجيهية التي سيتبعها لجعل تركيا أكثر ازدهارا وقوة، ستتضمن الشفافية والاستقرار والمساءلة والمقدرة على التنبؤ.
وتابع الوزير التركي “نعيد تأكيد التزامنا بوضع السياسات القائمة على القواعد لزيادة القدرة على التنبؤ خلال مواجهتنا للتحديات المحلية والعالمية”، وأنه ورغم عدم وجود طرق مختصرة أو حلول سريعة، يمكنكم الاطمئنان إلى أن خبرتنا ومعرفتنا وتفانينا ستساعدنا في التغلب على العقبات المحتملة في المستقبل". من جهته، لم يستبعد الاقتصادي التركي خليل أوزون أثر المضاربة، داخلية وخارجية، في زيادة المخاوف وتهاوي سعر الصرف بهذا الشكل، الأربعاء.
وأضاف أوزون لـ"العربي الجديد" أن بلاده لن تنقلب فجأة بسياستها وقراراتها الاقتصادية "كما يشاع عن الفريق الاقتصادي الجديد"، معللاً وجود نائب الرئيس، جودت يلماظ، لضبط أي جنوح أو قرارات لا تتناسب مع أهداف تركيا العامة، من زيادة الإنتاج والصادرات وتقليل التضخم والبطالة.
ولكن، لفت الاقتصادي التركي إلى الاستثمارات، والتي هي هدف أول بالمرحلة المقبلة، بقرارات طمأنة من قبيل استقلال القرار الاقتصادي وخاصة في المصرف المركزي، أو حتى تحريك أسعار الفائدة، ولكن بنسب قليلة، لأن بلاده لن تعود، من جديد، موطناً للأموال الساخنة التي تهدد الاقتصاد.
وختم أوزون أن بلاده تستعد لموسم سياحي وزيادة الصادرات، ما يعدل من عرض القطع الأجنبي بالسوق، لأن الفترة السابقة، من زلزال وانتخابات، أثرت على دخل تركيا من الدولار وزادت من عرض العملة التركية، سواء من خلال مساعدات المتضررين أو زيادة الأجور مرتين.