تركيا ترفع سعر الفائدة إلى 40% والليرة في تراجع مستمر

23 نوفمبر 2023
مقر البنك المركزي التركي (Getty)
+ الخط -

في نسبة أكثر من التوقعات، واستكمالاً لسياسة تركية بالسيطرة على التضخم وتحسين سعر صرف الليرة، رفعت لجنة السياسة النقدية برئاسة حفيظة غاية أركان، محافظة المصرف المركزي، سعر الفائدة المصرفية من 35% إلى 40% اليوم الخميس.

وتهدف الخطوة إلى محاولة امتصاص فائض التضخم وسحب السيولة من الأسواق وتوجيهها إلى المصارف، لتحسين سعر صرف العملة التركية التي سجلت، اليوم الخميس، 28.8309 ليرة للدولار و31.5429 ليرة مقابل العملة الأوروبية الموحدة.

ولم تبتعد قرارات المصرف المركزي اليوم، عن توقعات الشارع والمختصين بتركيا، بعدما أظهر استطلاع للرأي أن متوسط توقعات الاقتصاديين زيادة أسعار الفائدة بمقدار 250 نقطة أساس.

وفقاً لنتائج الاستطلاع، تراوحت توقعات سعر الفائدة السياسي التي توقعها الاقتصاديون بين 37.5% و40%، مع زيادة تراوح بين 250 و500 نقطة أساس، ليكون متوسط توقعات الاقتصاديين لسعر الفائدة بنهاية العام عند 40%، علماً أن الشهر المقبل سيشهد آخر جلسة للسياسات النقدية بالمصرف المركزي حول سعر الفائدة.

ويرى أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول فراس شعبو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن النسبة جاءت أعلى من التوقع للوصول إلى ذروة التضخم ليبدأ تراجع التضخم، وفق الخطة المالية والبرنامج الاقتصادي الذي أعلنته الحكومة الجديدة منذ تعيينها في مايو الماضي.

وأضاف: "فهم، على ما يبدو، مستمرون بالسياسة رغم تراجع سعر الصرف، متوقعا وصول سعر الدولار إلى 30 ليرة في نهاية العام، رغم عدم تأثر سعر الصرف اليوم بعد قرار المصرف المركزي".

ويضيف المتخصص شعبو، متحدثا لـ"العربي الجديد"، أن الآمال اليوم على الاستثمارات الخارجية بالتدفق إلى تركيا، وإلا فالحكومة ستواجه تحديات الركود الاقتصادي وزيادة تكاليف الإنتاج وتراجع الصادرات "إن لم تحقق تركيا هدفها باستقطاب الأموال والاستثمارات الخارجية".

وتأتي خطوة رفع سعر الفائدة التي اعتمدتها تركيا منذ تشكيل الحكومة الجديدة في مايو/أيار الماضي، في إطار سياسات المصرف المركزي الموجهة نحو تقديم رسائل واضحة حول التزامه بالسياسات المالية الصارمة والبحث عن تحقيق استقرار في الاقتصاد الوطني.

وتعاني تركيا من زحف متواصل لنسبة التضخم التي أشارت هيئة الإحصاء التركية إلى ارتفاعها خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 61.53% على أساس سنوي، رغم رفع المصرف المركزي سعر الفائدة من 8.5 حين وصلت الحكومة الجديدة إلى 35% قبل رفع سعر الفائدة اليوم بمعدل 500 نقطة أساس.

ويتخوف الاقتصادي التركي مسلم أويصال من عدم تحقيق المصرف المركزي ووزارة المال سياستهما بالتعامل مع التضخم من خلال رفع سعر الفائدة، ما يعني برأيه ضربة مزدوجة للاقتصاد الذي ترتفع تكاليف الإنتاج فيه ويتراجع التصدير، وللمواطن التركي الذي يأكل التضخم أجره وترتفع الأسعار باستمرار.

ويضيف أويصال، متحدثا لـ"العربي الجديد": "وفق ما نرى من تصميم على تلك السياسة النقدية، هل سنرى سعر فائدة يوازي نسبة التضخم مثلاً، فيستمر المصرف المركزي برفع سعر الفائدة إلى 50% وأكثر في مطلع العام الجديد؟ لا أعلم، ولكن سنكون أمام مشاكل اقتصادية صعبة على تركيا، أهمها الركود وتراجع قيمة الصادرات".

في المقابل، يرى المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو أن "الحكومة والمصرف المركزي تطبقان سياسة ومطالب الغرب" وربما تنعكس هذه السياسة بعد فترة طويلة على سعر العملة والتضخم، ولكن ستكون تركيا قد خسرت قوتها الإنتاجية وصادراتها التي تتطلع لوصولها إلى 300 مليار دولار هذا العام.

وحذر كاتب أوغلو في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، من نسف السياسة الجديدة لما يراه نجاحات حققتها تركيا، إن على مستوى النمو، حيث بلغت تركيا ثاني أعلى نسبة بمجموعة العشرين، أو الإنتاج والصادرات التي بلغت 254 مليار دولار العام الماضي.

لكن في المقابل، تجد السياسة الجديدة قبولاً بأوساط تركية واسعة، خاصة بعد استعادة المصرف المركزي للاحتياطي الأجنبي الذي تجاوز اليوم 134.5 مليار دولار، وهو أعلى مستوى منذ سبتمبر/ أيلول 2014، في عودة إلى الاتجاه التصاعدي بعدما تبنى البنك سياسة نقدية أكثر تقليدية منذ انتخابات مايو/أيار الماضي. وتوجه الفريق الاقتصادي بالحكومة إلى إعطاء الأولوية للاستثمار والتوظيف والإنتاج والتصدير، في مسعى للحفاظ على نمو اقتصادي مرتفع مستدام.

ويستدل هؤلاء إلى بدء ظهور آثار رفع سعر الفائدة على أسعار المنتجات وثقة المستهلك، إذ أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية أن معدل ثقة المستهلكين في تركيا ارتفع في نوفمبر/ تشرين الثاني إلى أعلى مستوى له في 4 أشهر.

وقالت هيئة الإحصاء التركية في بيان إن مؤشر ثقة المستهلك ارتفع بنسبة 1.1% على أساس شهري ليصل إلى 75.5 في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. وارتفعت المؤشرات الفرعية للوضع المالي الحالي للأسر بنسبة 2.7%، وارتفعت توقعات الوضع المالي للأسر خلال الـ12 شهراً القادمة بنسبة 2.6%.

ويشير بيان هيئة الإحصاء اليوم إلى ارتفاع مؤشر توقعات الوضع الاقتصادي العام خلال الأشهر الـ12 المقبلة بنسبة 0.6%، إلى جانب انخفاض تقييمات الإنفاق على السلع المعمرة خلال الأشهر الـ12 المقبلة بنسبة 0.6%.

وتنعكس السياسة المالية والنقدية سوءاً على المستهلك التركي بعد ارتفاع إيجارات المنازل وأجور النقل وأسعار السلع والمنتجات الغذائية والاستهلاكية، بأكثر من 150% خلال عام، ما رفع من نسبة الفقر بتركيا، بحسب بيانات وحدة البحوث في اتحاد عمال المعادن (BİSAM).

المساهمون