تركيا تربط استعادة العلاقات التجارية مع إسرائيل بوقف دائم لحرب غزة

03 مايو 2024
بولات بلقاء غرفة التجارة التركية الألمانية ببرلين، 27 إبريل 2024 (خليل ساغيركايا/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وزير التجارة التركي، عمر بولات، أعلن استمرار تعليق العلاقات التجارية مع إسرائيل حتى تحقيق وقف إطلاق نار دائم في غزة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، معتبرًا هذا القرار دعمًا للقضية الفلسطينية.
- القرار التركي قوبل بردود فعل متباينة؛ وزير الخارجية الإسرائيلي انتقد الخطوة بشدة، بينما أشادت حركة حماس بها، ويسعى المصدرون الأتراك لإيجاد طرق بديلة للتجارة مع إسرائيل.
- تعكس هذه الإجراءات التركية تصاعد التوترات بين تركيا وإسرائيل وتأثيرها على التجارة الثنائية، فيما تواجه تركيا تحديات اقتصادية داخلية تدفعها للبحث عن أسواق بديلة.
أوضح وزير التجارة التركي عمر بولات، اليوم الجمعة، أن وقف العلاقات التجارية مع إسرائيل سيستمر حتى تأمين وقف إطلاق نار دائم في غزة وتدفق المساعدات الإنسانية بدون عوائق للفلسطينيين، ما يعني أن وقف هذه العلاقات يبقى ساري المفعول ما دام العدوان مستمراً، بحسب "رويترز". وخلال كلمة له في إسطنبول، بينما كان يعلن بيانات التجارة لشهر إبريل/ نيسان، قال بولات إن موقف إسرائيل المتشدد والوضع المتدهور في غزة دفعا تركيا إلى تعليق التجارة، علماً أن قرار تركيا الذي أعلنته في وقت متأخر من أمس الخميس، جعلها أول شريك من الشركاء التجاريين الرئيسيين لإسرائيل يوقف التصدير إليها والاستيراد منها بسبب حملتها العسكرية في غزة.
وفيما انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس تحرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقال إنه ينتهك اتفاقيات التجارة الدولية وإنه "هكذا يتصرف الديكتاتور"، أشادت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس بقرار تركيا ووصفته بأنه شجاع وداعم لحقوق الفلسطينيين، فيما كشفت مصادر لـ"رويترز" أن مصدّرين أتراكاً يبحثون عن طريق بديلة لإرسال البضائع عبر طرف ثالث.

ووضعت تركيا، الشهر الماضي، قيوداً على تصدير الصلب والأسمدة ووقود الطائرات ضمن 54 فئة من المنتجات الأخرى لإسرائيل، وقالت إن ذلك بسبب رفض إسرائيل السماح لأنقرة بالمشاركة في عمليات إسقاط المساعدات جوا على غزة. وسيتوقف الآن كل ما تبقى من التجارة التي بلغت العام المنصرم 5.4 مليارات دولار للصادرات التركية و1.6 مليار دولار للواردات الإسرائيلية. وتظهر بيانات التجارة التركية أن أهم صادرات البلاد إلى إسرائيل هي الصلب والمركبات والبلاستيك والأجهزة الكهربائية والآلات، بينما هيمن الوقود على الواردات وجاء بقيمة 634 مليون دولار العام الماضي.

وفي خبر منفصل، نقلت "رويترز" عن أربعة مصادر في قطاع التصدير قولها إن المصدّرين الأتراك الذين لديهم طلبات قوية من إسرائيل يدرسون سبلاً بديلة لإرسال بضائعهم إليها عبر دولة ثالثة بعدما علقت تركيا التجارة الثنائية، ما يعني أن العلاقات التجارية مع إسرائيل قد تُستعاد وإن بشكل غير رسمي في حال أفلحت خطط المصدّرين.

ولدى حضوره المؤتمر الصحافي لبولات، قال صاحب شركة تصدير لوازم منزلية إن قرار تعليق التجارة فاجأهم وأربكهم مع وجود سلع لدى الجمارك، مما اضطرهم للبحث عن بدائل. وأضاف: "عانينا مع الجمارك خلال اليوم ولم نفهم ماذا كانت المشكلة. أنظمة العمل متوقفة من قبل إعلان قرار الحظر". وذكر مالك شركة تصدير أغذية إن قرار تعليق التجارة يعني أيضاً حجب سلع وجهتها الأراضي الفلسطينية التي يجب أن تمر عبر الجمارك الإسرائيلية، قائلاً: "سيتضرر الفلسطينيون أيضاً، وسنرى إن كنا سنتمكن من إرسال الطلبيات عبر مصر أو الأردن أو لبنان. لا أعرف كيف سنخرج من هذا المأزق".

بدوره قال رئيس جمعية المصدرين الأتراك مصطفى جولتيبي، اليوم الجمعة، وفق ما أوردته "رويترز"، إنه سيتعين على تركيا تعديل هدف التصدير لنهاية العام من 267 مليار دولار إلى 260 مليار دولار إذا لم يتم حل مشكلة التجارة مع إسرائيل في غضون شهرين. وفي حديثه للصحافيين، قال جولتيبي إنه ليس من السهل تعويض الخسارة المحتملة الناجمة عن ذلك والتي تتراوح بين خمسة إلى ستة مليارات دولار من خلال الأسواق الأخرى في فترة زمنية وجيزة. 

وأتى قرار تركيا قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل متأخراً، مساء الخميس، وفق ما يقول لـ"العربي الجديد" خبراء أكدوا أن الهدف هو الضغط لوقف العدوان على غزة. فماذا قالوا حيال ما أعلنته وزارة التجارة التركية، التي أكدت أمس الانتقال إلى المرحلة الثانية من إجراءاتها ضد الكيان بقطع كل علاقات التجارة مع إسرائيل، معلنة وقف كل التعاملات التجارية مع إسرائيل إلى حين السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون قيود؟

وتعقيباً على صدور القرار رسمياً عن الوزارة، قال المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد"، إن قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل "بدأ فعلاً منذ أمس الخميس"، ضمن الرد التركي على الأفعال الوحشية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة واستمرارها بمنع وصول المساعدات الإنسانية للشعب المحاصر بالقطاع، واعتبر أن الحزمة الجديدة "غير النهائية" تأتي رداً على الممارسات الإسرائيلية، وهي ضمن تسلسل عقابي تركي مرشح للزيادة طالما لا تستجيب إسرائيل لقوانين ووقف إطلاق النار، ملمحاً لانضمام تركيا إلى جنوب أفريقيا بالدعوى على إسرائيل بمحكمة العدل الدولية على جرائم الإبادة التي ترتكبها، ومعتبراً أن قطع علاقات التجارة سلك "طريق اللاعودة"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، إغلاق الموانئ التركية بوجه السفن الإسرائيلية.

تركيا: التضخم في إبريل 2024 الأعلى منذ عام 2022

على صعيد آخر، أظهرت بيانات رسمية اليوم الجمعة، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في تركيا ارتفع إلى 69.8% في إبريل/ نيسان الفائت، مسجلاً مستوى أقل قليلاً من التوقعات، لكنه الأعلى منذ أواخر 2022، بسبب الزيادات الكبيرة في أسعار التعليم والمطاعم والفنادق. ووفقاً لمعهد الإحصاء التركي، بلغ تضخم أسعار المستهلكين 3.18% في إبريل على أساس شهري مقارنة مع 3.16% في مارس/ آذار. وتوقع استطلاع أجرته "رويترز" أن يبلغ التضخم السنوي 70.33% في إبريل، مع انخفاضه ​​إلى 43.5% بنهاية 2024، بظهور تأثير دورة التشديد النقدي على مدار عام كامل.

وكان أكبر ارتفاع سنوي في أسعار المستهلكين في قطاع التعليم إذ ارتفعت الأسعار 103.86%، يليه قطاع المطاعم والفنادق 95.82%. وارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية 68.5%. وفي يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط، ارتفع التضخم 6.7% و4.53% على الترتيب على أساس شهري، بما يرجع أساساً إلى زيادة قوية في الحد الأدنى للأجور ومجموعة من تحديثات الأسعار في العام الجديد.

وقد رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 3650 نقطة أساس منذ يونيو/ حزيران، ومنها زيادة 500 نقطة أساس في مارس، بسبب تدهور توقعات التضخم. وأبقى البنك على أسعار الفائدة دون تغيير الشهر الماضي، مشيرا إلى تأخر ظهور آثار التشديد النقدي، وتعهد بتشديد السياسة النقدية بشكل أكبر في حال حدوث تدهور كبير في التضخم. ويتوقع البنك المركزي أن يصل التضخم إلى ذروته عند حوالي 73-75% في مايو/ أيار، ثم يبدأ بالانخفاض في النصف الثاني من العام ليصل إلى 36% في نهاية 2024. وأظهرت البيانات أن مؤشر أسعار المنتجين المحلي ارتفع 3.6% على أساس شهري في إبريل، مسجلاً ارتفاعاً سنوياً بنسبة 55.66%.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون