تركيا تبقي على سعر الفائدة المرتفع لجذب رؤوس الأموال

20 اغسطس 2024
أمام البنك المركزي التركي، 9 يونيو 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تثبيت سعر الفائدة وتأثيره على الاقتصاد التركي**: قررت لجنة السياسة النقدية بالمصرف المركزي التركي تثبيت سعر الفائدة عند 50% للشهر الخامس على التوالي، مما يعكس تركيزهم على إدارة السيولة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي.

- **تأثيرات سعر الفائدة على التضخم وسعر الصرف**: لم يتأثر سعر الصرف بعد قرار تثبيت الفائدة، حيث بقيت الليرة التركية منخفضة. تخفيض الفائدة قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم، مما يؤثر سلباً على ثقة وكالات التصنيف والمستثمرين.

- **استراتيجية تركيا لجذب الاستثمارات الأجنبية**: أعلنت تركيا عن استراتيجية جديدة لزيادة حصتها من الاستثمارات الدولية إلى 1.5% بحلول 2028، مع التركيز على تشديد السياسات النقدية وإدارة السيولة لتحقيق هدف تخفيض التضخم.

ثبتت لجنة السياسة النقدية بالمصرف المركزي التركي اليوم الثلاثاء، سعر الفائدة عند 50% ولم يخرج قرار اللجنة عن توقعات الخبراء والمصرفيين بتثبيت سعر الفائدة من دون تغيير للشهر الخامس على التوالي، وتركيز صناع السياسة النقدية على إدارة السيولة في ظل إشارات على تباطؤ النمو الاقتصادي وملامح جمود في الأسواق. 

ويرى محللون أن واقع الاقتصاد التركي، من تضخم وواقع إنتاج، لم يسمح بعد بكسر سعر الفائدة وتخفيضها، رغم الضرورة، في رأيهم، على التشديد النقدي لتحقيق هدف تخفيض نسبة التضخم إلى 38%، بعد أول تراجع لتضخم أسعار المستهلكين في تركيا من 71.60 في شهر يونيو/حزيران إلى 61.78% في يوليو/تموز على أساس سنوي، بحسب بيانات معهد الإحصاء التركي الذي برر استمرار ارتفاع التضخم لنسبة 61.78 على أساس سنوي و3.23% على أساس شهري في يوليو، يعود إلى استمرار زيادة الأسعار في قطاعات التعليم والإسكان والفنادق. 

ولم يتأثر سعر الصرف، بعد قرار المصرف المركزي اليوم، إذ بقيت الليرة التركية منخفضة عند 33.826 ليرة مقابل الدولار و37.5054 ليرة لليورو، لتستمر في سلسلة التراجع الطفيف من 32.5 ليرة مقابل الدولار منذ تثبيت سعر الفائدة الشهر الماضي.

تأثير الفائدة على التضخم

ويقول المحلل المالي، فراس شعبو: "بعد التوقعات ببدء تركيا تخفيض سعر الفائدة، بعد أن وصلوا بها إلى الذروة، حالت المؤشرات الاقتصادية الكلية دون العبث بسعر الفائدة خوفاً من عودة التضخم إلى الارتفاع، بعد أول تراجع الشهر الماضي". ويضيف أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول شعبو أن ملامح انتعاش بدأت تظهر أخيراً، سواء على مؤشر القدوم السياحي الذي زاد 8% عن العام الماضي أو الصادرات، لذا قد لا يكون من الحكمة الاقتصادية، تخفيض سعر الفائدة، لأن توقعات زيادة التضخم ممكنة كما يخشى من عودة وكالات التصنيف الائتماني تخفيض تصنيف تركيا، بعد أن حظيت بثقة تلك الوكالات وثقة المستثمرين وبدء استقطاب استثمارات مباشرة.

ولا يستبعد المحلل شعبو تدخل المصرف المركزي، بطريقة ما، إلى ضبط سعر الصرف، مستدلاً بتراجع الاحتياطي الأجنبي في المصرف المركزي عن 142 مليار دولار التي أعلنت الشهر الماضي، ولا ضير في ذلك برأيه، لأن تركيا في طريقها إلى الانتعاش وتحقيق خطتها الاقتصادية وتحرص على تقليل الآثار عن الإنتاج، خاصة الصناعي، بعد شكايات منظمات تركية من ارتفاع سعر المنتج التركي عن مثيله في المنطقة، وطلب تلك المنظمات تسعير الدولار بنحو 38 ليرة.

ويقول خبراء إن تركيا تستمر في سياستها النقدية المتشددة بوصفها إجراءً حاسماً للوصول إلى هدف تخفيض التضخم، مما يعكس التزام البنك المركزي بالحفاظ على استقرار الأسعار وسط التحديات الاقتصادية الراهنة، خاصة في المنطقة جراء الحرب الإسرائيلية على غزة والتوجس من توسع دائرة النار، أو الحرب لدى أهم شركاء تركيا الاقتصاديين، في روسيا وأوكرانيا.

ويشير الخبراء إلى ضرورة استمرار تركيز البنك المركزي على خطوات تشديد تكميلية، مثل إدارة ظروف السيولة مع تثبيت الأسعار وتعقيم السيولة الزائدة، بما في ذلك الاقتراض عبر غرفة المقاصة الرئيسية وعقد مزادات لشراء الليرة.

أسباب داخلية

ويقول مدير أكاديمية إسطنبول، باكير أتاجان إن تركيا مضطرة إلى تثبيت سعر الصرف المرتفع، لضرورات داخلية تتعلق بالتضخم وخشية تهاوي الليرة وارتفاع الأسعار، كما في ذلك تأكيد المراقبين ووكالات التصنيف استقلاليةَ القرار النقدي والمالي، بعد سلسلة الاتهامات بعدم استقلالية قرارات المصرف المركزي.

وحول ما يقال عن تدخل المصرف المركزي في سعر الصرف، يضيف أتاجان لـ"العربي الجديد" لا أتوقع التدخل المباشر، من خلال ضخ دولار، كما كان في الماضي خاصة خلال وقبل الانتخابات الرئاسية، مستدلاً باستمرار زيادة الاحتياطي من 126 مليار دولار قبل ثلاثة أشهر إلى 142 مليار الشهر الماضي بحسب تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان.

ويضيف أتاجان أنه ورغم رفع تركيا شعار لا للفائدة المرتفعة في الماضي، وتخفيض سعرها إلى 8.5 % العام الماضي، إلا أن ضرورات تطبيق الخطة الاقتصادية وامتصاص التضخم، فرضت على الفريق الاقتصادي الذي يقوده وزير المال محمد شيمشك، الرفع المتتالي من 8.5 حتى 50% اليوم إلى جانب إجراءات عديدة، ربما أهمها ضبط الإنفاق الحكومي والتوجه إلى جذب الاستثمارات، بغية إيجاد حلول تتصف بالديمومة، لتحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية، وفي مقدمتها النمو المرتفع.

وكانت تركيا قد أعلنت أخيراً الاستراتيجية الجديدة لجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيزه، وتأثيراتها المتوقعة على النمو الاقتصادي، مشيرة خلال وثيقة "استراتيجية تركيا من عام 2024 إلى عام 2028 التي أعدها مكتب الاستثمار ووصلت نسخة إلى "العربي الجديد" عن هدف زيادة حصتها من الاستثمارات الدولية إلى 1.5% بحلول عام 2028 والحصول على حصة 12%، من تدفقات الاستثمارات الدولية المباشرة القادمة إلى منطقتها التنافسية الواسعة بحلول 2028.

وتشير الوثيقة إلى تدفقات استثمارية دولية مباشرة بلغت 4.7 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، وفقاً لتقرير صادر عن جمعية المستثمرين الدوليين. وكانت هولندا والولايات المتحدة وألمانيا وأيرلندا والنرويج والمملكة المتحدة من أبرز الدول التي ساهمت بهذه الاستثمارات.

وحققت تركيا قفزة نوعية في تدفقات الاستثمارات المباشرة بفضل الأداء الاقتصادي المتصاعد الذي سجلته بين عامي 2003 و2023، إلى جانب العروض القيمة التي قدمتها للمستثمرين. ونتيجة لهذا، احتلت تركيا المرتبة الثانية في منطقتها، بإجمالي استثمارات مباشرة بلغت 262 مليار دولار.

المساهمون