تسارعت المعاملات الإلكترونية بمختلف القطاعات والخدمات في البحرين، الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير في حجم السحب النقدي من أجهزة الصراف الآلي، ما يمثل قيمة مضافة للاقتصاد البحريني، حسب مراقبين.
وفي المقابل، أطلقت تحذيرات عبر دراسات حديثة وخبراء في القطاع المصرفي من عمليات احتيال تستغل هذه الطفرة في المعاملات الإلكترونية.
وسجلت إحصائيات حديثة لأنظمة المدفوعات الرسمية في البحرين تراجعاً قياسياً لسحب النقود من الصرافات الآلية خلال عام 2022 إلى 1.3 مليار دينار (3.4 مليارات دولار)، وهو أدنى مستوى منذ عام 2016. وأوردت الإحصائيات أن عدد عمليات السحب من الصرافات الآلية تراجع إلى 14 مليون عملية في 2022، وهو أيضاً أدنى مستوى منذ عام 2016.
ودفعت جائحة كورونا، منذ عام 2020، سحب النقود من الصرافات الآلية باتجاه منحنى هبوطي، حتى بلغ مستوى قياسيا في 2022.
وتعدى مفهوم الدفع الإلكتروني في البحرين التسوّق والشراء من المتاجر دون الاضطرار إلى حمل النقود، إلى دفع الفواتير، وتسديد الضرائب أو تحصيلها، وشراء العقارات والسيارات، وشحن واستيراد البضائع، وإجراء الصفقات التجارية.
هذا التراجع الكبير يعد "إيجابيا" لاقتصاد المملكة الخليجية من زاوية، إذ يعود "إلى التحول الكبير في الدفع الإلكتروني عبر تطبيقات الهواتف الذكية بعد جائحة كورونا في 2020"، حسب بيانات أنظمة المدفوعات البحرينية.
ودفعت فترة الجائحة إلى الاعتماد بشكل غير مسبوق على الدفع الإلكتروني في البحرين، بعدما منعت الحكومات كافة أنواع التعاملات المباشرة تقريباً في مجال البيع والشراء والدفع وإنجاز المعاملات للحد من الزحام والتقارب الجسدي.
وسهلت المتاجر الإلكترونية في المملكة الخليجية الصغيرة، إجراء عمليات التسوق "أونلاين"، وكانت سببا رئيسيا في انتشار خدمة المدفوعات الإلكترونية نظرًا لموثوقيتها ودرجة أمانها العالية وتوافرها بشكل واسع.
وساهم ذلك في تصنيف البحرين ضمن أفضل 5 دول في المؤشر الصادر عن الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي لعام 2022، بعد الإمارات والسعودية وقطر وسلطنة عمان.
ويرى الخبير في الاقتصاد السياسي أحمد ياسين، أن البحرين تواكب بذلك ظاهرة عالمية، لتحقق فوائد كبيرة لخزينتها، أهمها تنامي القدرة على "السيطرة والتنظيم" المالي وتحقيق أعلى مستويات التحصيل الضريبي، إذ يمكن تتبّع المدفوعات الإلكترونية حكوميا بشكل شامل، وهو ما لا يتحقق في أسلوب الدفع التقليدي.
ويضيف ياسين، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن سهولة الدفع إلكترونيا من شأنها زيادة ضخ الأموال في السوق المحلي، ما يمثل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
يرى الخبير في الاقتصاد السياسي أحمد ياسين، أن البحرين تواكب بذلك ظاهرة عالمية، لتحقق فوائد كبيرة لخزينتها، أهمها تنامي القدرة على "السيطرة والتنظيم" المالي
لكن هل تخلو هذه الإيجابيات من تهديدات؟ دراسات متخصصة في الأمن السيبراني وخبراء في آثارها القانونية أشاروا إلى مخاطر محدقة بمستخدمي الدفع الإلكتروني في البحرين.
في 29 يوليو/تموز من العام الماضي، أكدت دراسة استطلاعية، أجرتها شركة "كاسبرسكاي"، المتخصصة في الأمن الحاسوبي، على هذا الخطر، وأوردت أن 64% من مستخدمي الدفع الإلكتروني في البحرين، واجهوا محاولات تصيد عند استخدامهم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت أو خدمات المحافظ الرقمية.
وواجه 60% من المستخدمين مواقع ويب مزيفة، و75% محاولات احتيال عبر الرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية، بالاعتماد على أساليب الهندسة الاجتماعية، بحسب الدراسة.
وعقدت لجنة الاتصالات المؤسسية والتسويق في جمعية مصارف البحرين اجتماعًا بمقر معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية، في 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لإطلاق حملة وطنية للتوعية بمختلف عمليات الاحتيال الإلكتروني التي تستهدف عملاء المؤسسات المالية والمصرفية.
وتهدف الحملة إلى تثقيف عملاء القطاع المالي والمصرفي حول طرق حماية أنفسهم من الجرائم الإلكترونية، والمساهمة في تعزيز قدرة مملكة البحرين في مجال الأمن السيبراني، باعتباره ركيزة أساسية للتقدم في تطوير الخدمات المصرفية الرقمية، وحماية عملائها، بحسب تصريحات صحافية لرئيس جمعية مصارف البحرين التنفيذي، وحيد القاسم.
وكانت حكومة البحرين قد أطلقت استراتيجية وطنية للأمن السيبراني، تتضمن ركائز أساسية مترابطة تشكل إطار عمل شاملا ومتماسكا للمحافظة على فضاء إلكتروني آمن وموثوق، واستضافت النسخة الأولى من القمة العربية الدولية للأمن السيبراني في الفترة من 6-8 ديسمبر/كانون الأول 2022.
وجاءت استضافة المؤتمر تحت رعاية شركة "ريسيكيوريتي" للأمن السيبراني، التي تتخذ من مدينة لوس أنجليس الأميركية مقرًا لها، في إطار مساعي حكومة المملكة لحماية مواطنيها واقتصادهم.