تحويلات مغتربي اليمن: تلاعب يهبط بقيمتها ويؤجج الأزمة المعيشية

22 ابريل 2023
هبوط في قيمة التحويلات (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -

تراجع سعر صرف الدولار الأميركي بشكل تدريجي من 555 ريالاً يمنياً مطلع الأسبوع إلى ما دون 530 ريالاً، وسط توقعات باستمرار هذا التراجع خلال الفترة المتبقية من شهر إبريل/ نيسان إلى أقل من 500 ريال، في جين يتجاوز سعر الصرف في عدن 1200 ريال للدولار الواحد.

وفي الوقت الذي تعيش فيه أسواق صرف العملة في عموم المدن اليمنية على وقع صدمة هذه التغيرات المفاجئة في التداول النقدي، وتسببه في توسيع الفجوة المالية والنقدية والمصرفية وفوارق التحويلات والتعاملات التجارية، لا يجد مصرفيون بالمقابل أي تفسير لهذا الهبوط المتواصل سوى أنه عبارة عن تلاعب بسعر الصرف بهدف نهب ما تبقى لليمنيين من مدخرات، خصوصاً لدى القطاع المالي والتجاري.

الخبير الاقتصادي مطهر عبد الله يعتبر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن ما يحصل نهب واضح لليمنيين في هذه الفترة، والظرف الحرج الذي اعتاد فيه كثير من المواطنين والأسر تلقي مساعدات مالية من ذويهم وأقاربهم المغتربين في الخارج، مع ارتفاع نسبة التحويلات المالية إلى اليمن في مثل هذه الفترات أكثر من 200 في المائة.

ويعبر المواطن محمود القاضي، لـ"العربي الجديد"، عن صدمته عندما توجه منذ يومين لمحال صرافة لمبادلة ما حصل عليه من ابنه المغترب في السعودية، ليجد المبلغ منخفضاً بشكل كبير عما كان يخطط له مع أسرته. نفس الأمر ينطبق على المواطن أحمد عبد الملك، الذي يتحدث لـ"العربي الجديد" عن اضطراره لتقليص قائمة الاحتياجات التي كانت قد وضعتها أسرته لشراء كثير من المتطلبات، خصوصاً مستلزمات العيد. وينفي صرافون وملاك شركات ومحال صرافة تحقيق أي مكاسب من التغيرات الطارئة والمتسارعة في سوق صرف العملة المحلية، مؤكدين أن الجميع خاسرون، مواطنين وصرافين.

يؤكد صراف عامل في صنعاء أن الجهات النقدية التابعة للحوثيين في صنعاء لم تعمل على تغذية احتياجات الأسواق من السيولة النقدية المحلية، لذا يجرى وضع الصرافين في موقف محرج لتوفير الريال ولو اضطر الأمر إلى البيع بخسارة، في حين يرى صراف آخر أن الفترة الراهنة التي تسبق العيد تتطلب توفير سيولة من الأوراق النقدية للتعامل مع حوالات المواطنين الخارجية.

ويرى الخبير المصرفي نشوان سلام، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن للأمر علاقة بالمفاوضات والتحركات السياسية المتصاعدة مؤخراً لإيجاد حل سياسي للأزمات الراهنة المعقدة في اليمن، عبر هدنة طويلة تمتد لأشهر تتخللها حلحلة للملفات المعقدة، التي يأتي في طليعتها ملف رواتب الموظفين المدنيين وفتح الطرقات وما يرتبط بهما من مواضيع وقضايا اقتصادية ومصرفية تتطلب حلها كالانقسام المالي والنقدي.

ويعتقد سلام أن ما يجري في صنعاء وجزء من المناطق اليمنية في هذه الفترة الحساسة للغاية مع اقتراب العيد وازدهار الحركة التجارية والتداول النقدي، ستكون له آثار وتبعات قد تزيد من تعقيدات حسم هذه الملفات الاقتصادية الشائكة في ظل هذه التدخلات الطارئة للتلاعب بسعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، في وقت كان يسود استقرار ملحوظ يهيئ لإطار وأرضية مشتركة تجمع مختلف الأطراف لحل مشكلة الانقسام النقدي وإعادة توحيد التداول النقدي والعملة المجزأة.

ويشكو مواطنون من غلاء فاحش وتضخم واسع يشملان جميع السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية، ما يفوق قدراتهم على تلبية احتياجات ومستلزمات العيد والمتطلبات المعيشية، في الوقت الذي يستمر سعر صرف العملة المحلية بالارتفاع التدريجي والذي لا ينعكس على التعاملات التجارية والتداول السلعي في الأسواق. ويعيش اليمن على وقع اضطراب متواصل في سعر صرف العملة المحلية في ظل وجود بنك مركزي برأسين في صنعاء وعدن، ونظامين مصرفيين مختلفين، وسط فقدان نسبة كبيرة من الموارد وتوقف الدعم المباشر وتراجع المساعدات الإنسانية، مع تضاعف الالتزامات نتيجة المؤثرات السلبية الداخلية والخارجية.

في المقابل، تعاني البلاد من نفاد الاحتياطي النقدي وصعوبات بالغة في توفير الدولار لاستيراد الغذاء والدواء، حيث لاحت مؤشرات إيجابية مطلع العام الحالي 2023 بإعلان السعودية عن وديعة مالية بمليار دولار مقدمة لليمن، لكن مصيرها لا يزال مجهولاً في ظل التغيرات الأخيرة على المستوى السياسي والحراك الدبلوماسي لإحلال السلام في البلاد.

ويعزو الباحث المصرفي علي التويتي، لـ"العربي الجديد"، أسباب ما يحصل في سوق الصرف إلى أزمة السيولة الحاصلة، التي يقابلها كما هو معروف ارتفاع ملحوظ في الطلب على العملة المحلية من ناحية والدولار والعملات الأجنبية من ناحية أخرى، لافتاً إلى أن ما يجري غير طبيعي وضار ويتطلب التدخل العاجل لتحقيق الاستقرار.   

المساهمون