استمع إلى الملخص
- تشكل تحويلات المغتربين وإيرادات السياحة نحو 40% من رصيد العملة الصعبة لدى البنك المركزي التونسي، بقيمة 10.2 مليارات دينار.
- ساهمت تحويلات التونسيين في المهجر في تغطية جزء كبير من خدمة الدين الخارجي، مما جنب البلاد اللجوء إلى تمويلات أجنبية مرتفعة الكلفة.
كشفت بيانات حديثة أصدرها البنك المركزي التونسي، الأربعاء، أن تحويلات التونسيين في المهجر ارتفعت خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي إلى أكثر من 5.3 مليارات دينار (نحو 1.7 مليار دولار)، محققة زيادة بنسبة 4.7% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وتفوّقت تحويلات المغتربين على إيرادات قطاع السياحة الذي حقق عائدات بقيمة 4.8 مليارات دينار، مسجلا بدوره تطوّرا في المداخيل مقارنة بالأشهر الثمانية الأولى من السنة الماضية التي لم تتجاوز عائداتها 4.5 مليارات دينار.
وتشكل مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالمهجر مجتمعة نحو 40% من رصيد العملة الصعبة لدى البنك المركزي، وذلك بقيمة 10.2 مليار دينار من مجموع موجودات صافية من النقد الأجنبي بقيمة 25.8 مليار دينار، أي ما يعادل 8.6 مليارات دولار.
وتقترب تحويلات التونسيين بالمهجر خلال 8 أشهر من قيمة قرض صندوق النقد الدولي الذي كانت تونس تنوي الحصول عليه مقسّطا على 4 سنوات.
وعام 2022 أحرزت تونس تقدما في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض التسهيل الممد بقيمة 1.9 مليار دولار، مقابل إصلاحات اقتصادية رفضتها السلطات سابقا، ما أدى إلى توقف المباحثات مع مؤسسة القرض الدولية. وسجّل البنك المركزي حينها رقما قياسيا في قيمة التحويلات المالية حين ناهزت الـ9.4 مليارات دينار، أي ما يعادل 3.1 مليارات دولار.
وفي عام 2023، عرف حجم التحويلات المالية للتونسيين تراجعا ملحوظا بنسبة قدّرت بنحو 8.3% لتستقر في حدود الـ8.6 مليارات دينار، أي ما يعادل 2.8 مليار دولار. وتعتبر تحويلات العمالة التونسية في الخارج إحدى موارد النقد الأجنبي للبلاد، فيما يدعو خبراء اقتصاد إلى ضخ مزيد من السيولة الأجنبية من التونسيين المغتربين على شكل استثمارات.
تزايد تحويلات التونسيين
ويقدّر عدد الجالية التونسية في الخارج بأكثر من مليون و800 ألف تونسي مقيمين بطريقة نظامية في العديد من البلدان، أي ما يمثل 15% من مجموع السكان في تونس، 85% منهم في أوروبا. وفي تقرير حول موجز الهجرة والتنمية، بيّن البنك الدولي أن تونس احتلّت المرتبة السادسة في قائمة أهم الدول المتلقية للتحويلات المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2023.
وساعدت تحويلات التونسيين اقتصاد بلادهم في أكثر من أزمة مرّت بها خلال العقود الماضية، لعل أبرزها تلك التي فرضتها جائحة كورونا، أو السنوات اللاحقة للإجراءات الاستثنائية التي فرضها الرئيس سعيّد في يوليو/تموز 2021.
واعتبر الخبير المالي مراد الحطاب أن تحويلات التونسيين في المهجر وإيرادات صناعة السياحة ساهمتا في تغطية قسط مهم من خدمة الدين الخارجي، ما جنّب البلاد البحث عن تمويلات أجنبية مرتفعة الكلفة أو الخروج إلى السوق الدولية للاقتراض.
وقال الحطاب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن تحويلات التونسيين في المهجر هي إيرادات دائمة، حيث إن هذه الأموال تحوّل فور وصولها إلى الدينار التونسي، على عكس الإيرادات المتأتية من الاستثمارات الأجنبية.
وأشار في سياق متصل إلى أن هذه التحويلات تساعد أيضا على تنشيط محرك الاستهلاك باعتباره دافعا للنمو، حيث تستفيد أسر المغتربين من هذه التحويلات التي تساعد في تحسين قدرتهم على الإنفاق أو الدخول في استثمارات عقارية أو تجارية.