تحسين سعر الليرة السورية بالإكراه

22 سبتمبر 2021
الليرة السورية (فرانس برس)
+ الخط -

حار نظام بشار الأسد، كيف يمكن استعادة بعض هيبة وقيمة الليرة السورية، بعد أن تهاوى سعر صرفها مقابل الدولار، مذ أعلن الحرب على الثورة وحلم السوريين عام 2011، من 50 إلى 3600 ليرة اليوم، وبعد أن أخذ بجميع الوصفات، الاشتراكية والليبرالية، ولم تجد جميعها نفعاً.

حتى الوعيد بالسجن سبع سنوات لمن يتعامل بغير الليرة، لم يفلح. كما لم يتحسن سعر الصرف جراء مصادرة السلع المسددة قيمتها بغير الليرة، بعد فشل حلول ملاحقة محال الصيرفة وإغلاق الشركات التي لم تعمل "مخبرا سريا" ومقترحات "ترشيد الاستيراد" وتحويل غذاء السوريين إلى قوائم الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها، كرمى عيون الليرة وقهر المؤامرة الكونية.

بيد أن ضغط الإفلاس الذي تعانيه الدولة السورية وعريها حتى أمام تسديد قيم "لزوم ما يلزم" من قمح ونفط، دفع النظام المقاوم منذ مطلع العام الجاري، للاستمرار بالوصفات المختلطة التي تخدم المصلحة العامة.

فألزم التجار الممولة مستورداتهم "دواء ومواد أولية" بتعهد إعادة قطع التصدير بنسبة 50%، وحدد المصرف المركزي مبالغ السحب اليومية ومنع، عبر أدوات غير تقليدية، سحب الأموال المودعة إلا من صاحب العلاقة، بعد أن ألغى، الشهر الجاري، التوكيل المصرفي الخاص، علّ تجميد الأموال يضبط العرض النقدي ويحسن سعر الليرة.

ولكن لم تفلح الحلول بتحسين سعر الصرف، بل يتسارع تدحرج الليرة نحو الهاوية، بعد تراجع سعر الصرف من 300 إلى 3600 ليرة مقابل الدولار، منذ مطلع العام حتى اليوم.

ضغط الإفلاس الذي تعانيه الدولة السورية وعريها حتى أمام تسديد قيم "لزوم ما يلزم" من قمح ونفط، دفع النظام المقاوم منذ مطلع العام، للاستمرار بالوصفات المختلطة التي تخدم المصلحة العامة

أي جاءت قرارات حكومة الأسد كما تجارة جحا. بمعنى أنها لم تفشل فقط بعدم إسعاف الليرة وتحسين سعر صرفها، بل أتت القرارات على الإنتاج الصناعي والعرض السلعي بالأسواق، بعد جملة الشروط التي أصدرها المصرف المركزي، بحق الصناعيين والتجار، ابتداء من نهاية آب الماضي وحتى شباط العام المقبل.

فشرط تمويل مستوردات القطاعين الخاص والمشترك عن طريق حساب المستورد المفتوح بالقطع الأجنبي في أحد المصارف العاملة في سورية، وعدم تخليص البضائع المستوردة، إلا بعد تقديم المستورد ثبوتيات القطع إلى المصرف المركزي، أخرجت، القرارات والشروط، صناعيين وتجارا من نشاطهم الاقتصادي، بسبب عدم قدرتهم على تحقيق المعايير التي حددها القرار لتمويل مستورداتهم وتشغيل منشآتهم.

هذا إن لم نسئ النية ونبحث بمن استفاد من تلك القرارات التي أعادت زمن الحصر والقيد، وسوقت وكلاء حصريين لسلع ومنتجات، فتفردوا بالأسواق والأسعار، بدليل ارتفاعها أكثر من 30% بالتزامن مع القرارات الرشيدة، حتى بلغت كلفة معيشة الأسرة السورية وفق تقديرات أبحاث من دمشق لهذا الشهر، 1.8 مليون ليرة، مرتفعة بنحو 560 ألف ليرة عن التقديرات السابقة.

نهاية القول: إن لم ندرج السياسة وخراب سورية المرشحة للمزيد، ضمن أسباب تهاوي سعر الصرف، ولم نأت على الأسباب النفسية ومخاوف أي مكتنز من عملة بلد محتل ومرشح، وفق أكثر المتفائلين للتقسيم، لنذكر فقط ببعض الأسباب الاقتصادية التي أوصلت الليرة السورية إلى هذا الدرك السحيق.

سورية الأسد بددت كامل الاحتياطي النقدي الأجنبي بالمصرف المركزي، والبالغ نحو 20 مليار دولار عام 2011

فسورية الأسد بددت كامل الاحتياطي النقدي الأجنبي بالمصرف المركزي، والبالغ نحو 20 مليار دولار عام 2011، وبديهي أن الاحتياطي النقدي من أهم عوامل إسعاف العملة، عبر التدخل المباشر، إن لم نقل استقرارها وزيادة ثقة المتعاملين والمكتنزين.

وسورية الأسد، ضمن حربها على حرية السوريين، هدمت المنشآت وهجرت البشر، فتراجع الإنتاج والتصدير وتوقفت السياحة، وهذه الثلاثية من أهم الأسباب الاقتصادية لدعم العملة واستقرارها.

لتزيد الديون الهائلة وغير المعلنة، من شريكي الأسد بالحرب، إيران وروسيا، طين تهاوي سعر الليرة وتلاشي الثقة فيها بلّة. 

لكن الفكر المقاوم والذهنية الممانعة، تدفعان الأسد لمزيد من السعي، بالقوة والإكراه، لإسعاف ميت عبر مسكنات المنع وإسعافات ملاحقة حيازة العملات، ولو كانت الماء هي النتيجة الوحيدة لكل جهود تفسير الماء، ففكر النضال يقتضي التجريب "غلب الواثب أن لم يغلب".

المساهمون