حلّت أمس، الجمعة، ذكرى مرور 20 عاماً على استيقاظ سكان روسيا على أنباء صادمة عن تعثر بلادهم في سداد كافة ديونها الخارجية والداخلية وتعويم العملة الروسية (الروبل) التي فقدت الكثير من قيمتها.
وفي الوقت الذي توقفت فيه المصارف عن إجراء عمليات السحب، لا يزال مشهد احتشاد العملاء في طوابير طويلة أمام فروعها، راسخا في ذاكرة الروس ويحدد طبيعة العلاقة بين المواطن والدولة حتى اليوم، خصوصاً مع استمرار الاعتماد على النفط في تكوين الإيرادات الأساسية.
وفي الوقت الذي توقفت فيه المصارف عن إجراء عمليات السحب، لا يزال مشهد احتشاد العملاء في طوابير طويلة أمام فروعها، راسخا في ذاكرة الروس ويحدد طبيعة العلاقة بين المواطن والدولة حتى اليوم، خصوصاً مع استمرار الاعتماد على النفط في تكوين الإيرادات الأساسية.
في 17 أغسطس/ آب 1998، أعلن رئيس الوزراء الروسي آنذاك، سيرغي كيريينكو، عن تطبيق "مجموعة من الإجراءات من شأنها تطبيع السياسات المالية والميزانية" التي كانت تعني، في الواقع، تعثراً مالياً وتعويم الروبل وتعليق الوفاء بالالتزامات أمام الدائنين الأجانب لمدة 90 يوماً.
وما زاد من خيبة أمل المواطنين أن الإعلان عن تعثر الدولة جاء بعد أيام معدودة من استبعاد الرئيس الروسي آنذاك، بوريس يلتسين، احتمال انهيار قيمة العملة، وهو ما فاقم فقدان الثقة بين الشعب والسلطة.
ومن تداعيات أزمة 1998، انهيار قيمة الروبل من 6 روبلات للدولار الواحد إلى 21 روبلاً، وما ترتب على ذلك من تآكل قيمة مدخرات المواطنين وإفقارهم، وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 63 في المائة خلال أشهر معدودة، وارتفاع الدين العام (الخارجي والداخلي) إلى 200 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لتصبح روسيا من أكبر الدول المدينة في العالم. وبحسب تقديرات "اتحاد موسكو المصرفي"، فإن سكان روسيا خسروا 19 مليار دولار جراء الأزمة آنذاك.
اقــرأ أيضاً
سنوات طويلة مرت على الأزمة، تمكنت روسيا خلالها من سداد ديونها والتحول إلى لاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمية وتكوين احتياطات دولية تقارب 460 مليار دولار. إلا أنها باتت منذ عام 2014 تواجه أزمة اقتصادية طويلة الأمد ناجمة عن العقوبات الغربية وتدني أسعار النفط، وسط تساؤلات حول مدى قدرة الاقتصاد الروسي على الصمود أمام هاتين الصدمتين الخارجيتين.
ومع ذلك، تعتبر المحللة المالية بشركة "ألباري" للتداول، ناتاليا ميلتشاكوفا، أن ظروف الأزمة الحالية تختلف كثيراً عن عام 1998، إذ قللت روسيا من الاقتراض من الخارج، ولكن اقتصادها لا يزال يعتمد على تصدير النفط والغاز.
وتقول ميلتشاكوفا في حديثها لـ"العربي الجديد": "في عام 1998، كانت ديون روسيا تفوق إجمالي ناتجها المحلي بأضعاف، بينما ظلت الصناعة في تراجع لـ12 عاماً. وبعد هبوط أسعار المواد الخام واندلاع الأزمة المالية الآسيوية وانهيار النفط، تراجعت عوائد روسيا التصديرية كثيراً، فلجأت للاقتراض من السكان ومن الخارج، إلى أن عجزت عن الوفاء بالتزاماتها".
بعد عشر سنوات على أزمة 1998، اصطدمت روسيا بالأزمة المالية العالمية القادمة من الغرب عام 2008 وانهيار أسعار النفط، ولكن تعافي أداء اقتصادها بشكل عام جنبها تداعيات كارثية، دون أن يجنبها تراجعا في معدلات التنمية. وتذكّر ميلتشاكوفا بأن الدولة الروسية أنفقت في عام 2008 نحو 200 مليار دولار من احتياطاتها لإنقاذ المصارف الكبرى والأسواق، دون أن تترك موارد لتنمية الاقتصاد الحقيقي.
وحول خصائص الاقتصاد الروسي اليوم ودروس أزمتي 1998 و2008، تضيف: "يبلغ الدين العام الروسي 33 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا أقل كثيراً من دول جنوب أوروبا مثل البرتغال وإسبانيا واليونان. من جانب آخر، لا تزال روسيا تعتمد على تصدير النفط والغاز، بالإضافة إلى المعادن والمنتجات الزراعية مثل القمح، ولكنها سلع تمر أسعارها بمنعطفات أيضاً. لم يبدأ تنويع الاقتصاد سوى أخيرا".
منذ منتصف عام 2014، سجل الروبل تراجعا كبيرا أمام الدولار من نحو 33 روبلاً للدولار الواحد إلى أكثر من 80 روبلاً مطلع عام 2016، قبل أن يبدأ بالتعافي ويستقر عند مستوى 56 - 57 روبلاً للدولار في عام 2017.
إلا أن العملة الروسية عادت إلى التراجع بعد تشديد العقوبات الأميركية على روسيا في إبريل/ نيسان الماضي، قبل أن تأتي الموجة الثانية بعد إعلان واشنطن عن تطبيق عقوبات جديدة في 22 أغسطس/ آب الحالي، ليستقر الدولار عند مستوى 67 روبلاً.
وما زاد من خيبة أمل المواطنين أن الإعلان عن تعثر الدولة جاء بعد أيام معدودة من استبعاد الرئيس الروسي آنذاك، بوريس يلتسين، احتمال انهيار قيمة العملة، وهو ما فاقم فقدان الثقة بين الشعب والسلطة.
ومن تداعيات أزمة 1998، انهيار قيمة الروبل من 6 روبلات للدولار الواحد إلى 21 روبلاً، وما ترتب على ذلك من تآكل قيمة مدخرات المواطنين وإفقارهم، وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 63 في المائة خلال أشهر معدودة، وارتفاع الدين العام (الخارجي والداخلي) إلى 200 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لتصبح روسيا من أكبر الدول المدينة في العالم. وبحسب تقديرات "اتحاد موسكو المصرفي"، فإن سكان روسيا خسروا 19 مليار دولار جراء الأزمة آنذاك.
سنوات طويلة مرت على الأزمة، تمكنت روسيا خلالها من سداد ديونها والتحول إلى لاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمية وتكوين احتياطات دولية تقارب 460 مليار دولار. إلا أنها باتت منذ عام 2014 تواجه أزمة اقتصادية طويلة الأمد ناجمة عن العقوبات الغربية وتدني أسعار النفط، وسط تساؤلات حول مدى قدرة الاقتصاد الروسي على الصمود أمام هاتين الصدمتين الخارجيتين.
ومع ذلك، تعتبر المحللة المالية بشركة "ألباري" للتداول، ناتاليا ميلتشاكوفا، أن ظروف الأزمة الحالية تختلف كثيراً عن عام 1998، إذ قللت روسيا من الاقتراض من الخارج، ولكن اقتصادها لا يزال يعتمد على تصدير النفط والغاز.
وتقول ميلتشاكوفا في حديثها لـ"العربي الجديد": "في عام 1998، كانت ديون روسيا تفوق إجمالي ناتجها المحلي بأضعاف، بينما ظلت الصناعة في تراجع لـ12 عاماً. وبعد هبوط أسعار المواد الخام واندلاع الأزمة المالية الآسيوية وانهيار النفط، تراجعت عوائد روسيا التصديرية كثيراً، فلجأت للاقتراض من السكان ومن الخارج، إلى أن عجزت عن الوفاء بالتزاماتها".
بعد عشر سنوات على أزمة 1998، اصطدمت روسيا بالأزمة المالية العالمية القادمة من الغرب عام 2008 وانهيار أسعار النفط، ولكن تعافي أداء اقتصادها بشكل عام جنبها تداعيات كارثية، دون أن يجنبها تراجعا في معدلات التنمية. وتذكّر ميلتشاكوفا بأن الدولة الروسية أنفقت في عام 2008 نحو 200 مليار دولار من احتياطاتها لإنقاذ المصارف الكبرى والأسواق، دون أن تترك موارد لتنمية الاقتصاد الحقيقي.
وحول خصائص الاقتصاد الروسي اليوم ودروس أزمتي 1998 و2008، تضيف: "يبلغ الدين العام الروسي 33 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا أقل كثيراً من دول جنوب أوروبا مثل البرتغال وإسبانيا واليونان. من جانب آخر، لا تزال روسيا تعتمد على تصدير النفط والغاز، بالإضافة إلى المعادن والمنتجات الزراعية مثل القمح، ولكنها سلع تمر أسعارها بمنعطفات أيضاً. لم يبدأ تنويع الاقتصاد سوى أخيرا".
منذ منتصف عام 2014، سجل الروبل تراجعا كبيرا أمام الدولار من نحو 33 روبلاً للدولار الواحد إلى أكثر من 80 روبلاً مطلع عام 2016، قبل أن يبدأ بالتعافي ويستقر عند مستوى 56 - 57 روبلاً للدولار في عام 2017.
إلا أن العملة الروسية عادت إلى التراجع بعد تشديد العقوبات الأميركية على روسيا في إبريل/ نيسان الماضي، قبل أن تأتي الموجة الثانية بعد إعلان واشنطن عن تطبيق عقوبات جديدة في 22 أغسطس/ آب الحالي، ليستقر الدولار عند مستوى 67 روبلاً.