تبأطؤ عمليات إعادة الإعمار بعد مرور عام على زلزال الحوز

08 سبتمبر 2024
إعادة الإعمار لمناطق زلزال الحوز في المغرب، 5 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

أنهت قرابة ألف أسرة فقط بناء مساكنها التي دمرها زلزال الحوز العنيف الذي تحل الأحد ذكراه السنوية الأولى في المغرب، وسط انتقادات لبطء عمليات إعادة الإعمار رغم الترخيص بإعادة بناء أكثر من 55 ألف بيت. ووفق إحصاءات رسمية، بلغ عدد المتضررين من الزلزال 2.8 مليون نسمة، فيما بلغ عدد القرى المتضررة 2930، ما يمثل ثلث القرى في المنطقة.

وسبّب زلزال الحوز الذي ضرب مناطق شاسعة في نواحي مراكش في وسط البلاد، ليل 8 أيلول/سبتمبر الماضي، مقتلَ نحو ثلاثة آلاف شخص وألحق أضراراً في حوالي 60 ألف بناية، تهدم 32% منها كلياً والباقي جزئياً، وبلغت شدته 7 درجات، ما يجعله الأقوى في تاريخ المملكة. وغداة الكارثة التي خلفت صدمة وتضامناً واسعين في المغرب وخارجه، أعلن برنامج طموح لإعادة الإعمار تناهز قيمته 120 مليار درهم (حوالي 11.7 مليار دولار) على خمسة أعوام، من بينها 8 مليارات درهم (740 مليون دولار تقريباً) لدعم الأسر المنكوبة على إعادة بناء البيوت المهدمة كلياً أو جزئياً، على أن تصرف الأموال على دفعات.

وبحسب آخر حصيلة لعمليات إعادة الإعمار "تمت الإشادة بنجاح قرابة ألف أسرة في إنهاء أشغال إعادة بناء وتأهيل منازلها"، وفق بيان لرئاسة الحكومة هذا الأسبوع. وأتى ذلك على الرغم من "إصدار 55142 ترخيصاً لإعادة البناء، وكذا تقدم أوراش بناء وتأهيل المنازل المتضررة في 49632 مسكناً". ويرتبط التقدم في إعادة البناء بتلقي الدعم الذي يصرف على أربع دفعات، ويراوح بين 80 ألف و140 ألف درهم بحسب درجة تضرر البناية (بين 8 آلاف و14 ألف دولار)، لكن أيضاً بالحصول على التراخيص اللازمة للبناء والتصاميم الهندسية. ولم تحصل سوى 939 أسرة على الشطر الأخير من هذا الدعم، في مقابل حوالي 58 ألفاً حصلوا على الشطر الأول منه، وفق الأرقام الرسمية.

وأكدت الحكومة "ضرورة حثّ باقي الأسر المتضررة من زلزال الحوز على تسريع أشغال إعادة بناء وتأهيل منازلها، حتى يتسنى لها الاستفادة من باقي دفعات الدعم". 

فشل في إعادة إعمار ما تضرر جراء زلزال الحوز

إلا أن نشطاء انتقدوا الحكومة على "فشلها الذريع" في تدبير إعادة الإعمار، على ما أفاد محمد بلحسن، منسق تنسيقية منكوبي زلزال الحوز في بلدة أمزميز في إقليم الحوز الأكثر تضرراً بالزلزال في ضواحي مراكش. وأوضح لوكالة فرانس برس، أن "هناك تأخراً كبيراً في عمليات إعادة الإعمار بحسب الأرقام الحكومية نفسها. ما يزال عدد كبير من الناجين تحت الخيام بعد عام". وأضاف: "كان أولى تكليف الشركات العقارية العمومية بإعادة البناء، وإعفاء المتضررين من بيروقراطية تزيدهم همّاً على هم".

في إقليم تارودانت، على الجانب الغربي لجبال الأطلس الكبير، "لم يتغير الشيء الكثير، إعادة الإعمار تسير ببطء شديد"، وفق الناشطة سهام أزروال التي أسست مبادرة "موروكان دوار" لدعم المنكوبين. وتابعت قائلة للوكالة ذاتها، إن " السكان يجدون أنفسهم تائهين ومنهكين وسط دوامة" من الإجراءات الإدارية الضرورية قبل الشروع في إعادة البناء.

وفي نهاية آب/ أغسطس، تظاهر سكان قرية تلات نيعقوب القريبة من بؤرة الزلزال للمطالبة خصوصاً "بتسريع صرف الدعم لإعادة البناء وتوفير بدائل للأراضي المصنفة "مناطق حمراء" لم تعد صالحة للبناء"، وفق مصدر محلي. في الموازاة، جرى صرف دعم شهري بنحو 230 دولاراً للأسرة على مدى عام استفادت منه أكثر من 63800 أسرة، فضلاً عن مساعدات مالية لمزارعين وحرفيين ولدور إيواء سياحية، وتأهيل 42 مركزاً صحياً و111 مدرسة، وفق السلطات. 

أسباب تأخر عمليات إعادة الإعمار

من جانبه، قال الحقوقي حميد سكيني، وهو من بلدة أداسيل بإقليم شيشاوة، إن إعادة إعمار البلدة تشهد تأخراً. وأوضح أن من بين أسباب هذا التأخر "قلة العاملين بالبناء" في المنطقة، إذ إن العديد من الأسر لم تجد هؤلاء العاملين رغم أن أجرة اليوم هي نفسها المعتمدة بالمدن أو أكثر بقليل. وتبلغ أجرة العامل يومياً 250 درهماً (25 دولاراً)، "إضافة إلى كون العديد من الأسر أنهت المرحلة الأولى (وضع أساس البناء)، وتنتظر صرف الدفعة الثانية من الدعم المالي"، بحسب سكيني.

كما بيّن لوكالة الأناضول أن "سبب تأخر الإعمار ببعض المدن المتضررة هو كون القيمة المخصصة للبناء ضعيفة.. بعض المنازل كلفتها تفوق 600 ألف أو 700 ألف درهم (60 ـ 70 ألف دولار)، وهو ما يعني أن الإعانة المالية لن تكفي لإعادة البناء". ووفق بيان سابق للحكومة، ستستفيد كل أسرة من الأسر المتضررة من 4 مراحل من الدعم، بلغت قيمتها إجمالاً 140 ألف درهم (14 ألف دولار) لأصحاب المساكن التي انهارت كلياً. بينما تبلغ قيمة الدعم 80 ألف درهم (8 آلاف دولار) لتغطية أعمال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئياً.

ولفت سكيني الانتباه إلى تراجع ما سماه "اهتمام الجمعيات غير الحكومية بمتضرري الزلزال، سواء من ناحية الإعانات الغذائية أو إعادة الإعمار، باستثناءات قليلة". ونبه إلى "أن العديد من الأسر ما يزالون يقطنون في الخيام"، معتبراً أن "المساهمات (المالية) من طرف الجمعيات غير الحكومية مهمة في هذه المرحلة". وقال الحسين آيت ابراهيم، رئيس بلدية بلدة اغيل بإقليم الحوز، للأناضول، إن "عدداً قليلاً" من السكان بدؤوا البناء لعدة أسباب، أبرزها ارتفاع التكاليف، خاصة أن البلدة توجد في منطقة جبلية. وأبرز أن الحصول على الدفعة الثانية مرتبط بالانتهاء من مرحلة البناء الأولى. 

(فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون