تراجعت مؤشرات البورصات الصينية، اليوم الاثنين، بسبب قلق المستثمرين من تطور التوتر العسكري بين واشنطن وبكين بشأن جزيرة تايوان.
وقالت حكومة تايوان، اليوم الاثنين، إنها رصدت 70 طائرة حربية و11 سفينة أخرى صينية في المياه الإقليمية المحيطة بها.
من جانبها، قالت الصين إن حاملة طائراتها شاندونغ شاركت في المناورات العسكرية التي أجرتها. وبدأت بكين التدريبات يوم السبت، بعد أن التقت رئيسة تايوان تساي إنغ ون، رئيس مجلس النواب الأميركي في كاليفورنيا.
ويتمحور الخلاف الصيني مع تايوان، حول أن تايوان نفسها دولة ذات سيادة، بينما ترى الصين أنها مقاطعة انفصالية ستخضع في النهاية لسيطرتها ضمن سياسة "الصين الواحدة".
ورغم أن تايوان جزيرة صغيرة في بحر الصين الجنوبي، لكن موقعها الاستراتيجي وتطورها في مجال الشرائح الإلكترونية يجعلان منها قطعة الأرض الأغلى في الجغرافيا السياسية في آسيا.
وتُعَدّ تايوان واحدة من أهم قطع الشطرنج في النزاع الاستراتيجي الجاري بين واشنطن وبكين على تملك تقنيات الشرائح فائقة السرعة التي تساهم في صناعة الأجيال المقبلة من الأسلحة الذكية وأنظمة الأمن السيبراني والسباق على الفضاء، وبالتالي صياغة النظام العالمي الجديد وتشكيله.
وكدليل على أهمية تايوان في نزاع النفوذ بين واشنطن وبكين، تراجعت البورصات الصينية اليوم الاثنين، ومن المتوقع أن تقود المناورات العسكرية الصينية الجارية حالياً إلى مزيد من القلق وسط مجتمع المال والاستثمار، وبالتالي إلى مزيد من التراجع في مؤشرات البورصات الكبرى خلال الأسبوع الجاري. ويرجح محللون أن تواجه العلاقة بين الولايات المتحدة وتايوان تحديات كبيرة في العام الجاري.
في هذا الصدد، يرى الخبير الأميركي، جون تي كاسيك، أن واشنطن ستواجه تحديات كبيرة في تايوان خلال العام الجاري.
وقال تي كاسيك في تحليل بالمعهد التايواني للدراسات الدولية: "ستحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى دعم تايوان أكثر من أي وقت مضى خلال العام الجاري".
ورغم أن أهمية تايوان التجارية لأميركا لا تقارن بأهمية الصين التجارية لها. وحسب بيانات الأمم المتحدة، فإن حجم التبادل التجاري بين تايوان وأميركا ليس كبيراً مقارنة بالحجم التجاري بين واشنطن وبكين، كذلك حجمها الاقتصادي صغير جداً مقارنة بالصين.
يقدر حجم الاقتصاد التايواني في العام الماضي بنحو 828.66 مليار دولار، وتتوقع الأمم المتحدة أن ينمو الناتج المحلي التايواني إلى 858.97 مليار دولار بنهاية العام الجاري
ويقدر حجم الاقتصاد التايواني في العام الماضي بنحو 828.66 مليار دولار، وتتوقع الأمم المتحدة أن ينمو الناتج المحلي التايواني إلى 858.97 مليار دولار بنهاية العام الجاري.
ويرى محللون أن أهمية تايوان لواشنطن، لا تنبع كذلك من حجمها التجاري، إذ إن حجم تجارة تايوان مع الولايات المتحدة حسب بيانات وزارة التجارة الأميركية لم تتجاوز 105.9 مليارات دولار، بينما تظهر أرقام التجارة الأميركية لعام 2022 التي صدرت في فبراير/ شباط الماضي أن تجارة السلع بين الولايات المتحدة والصين سجلت رقماً قياسياً بلغ 690.6 مليار دولار، على الرغم من التوترات المستمرة.
وحسب بيانات وزارة التجارة الأميركية، زادت واردات الولايات المتحدة من الصين بنسبة 6.3 بالمئة إلى 536.8 مليار دولار في العام الماضي، بينما ارتفعت الصادرات منها بنسبة 1.6 بالمئة إلى 153.8 مليار دولار. وبالتالي لا يمكن قياس المصالح التجارية للولايات المتحدة مع الصين مقارنة بمصالحها مع تايوان.
ووفق خبراء، هنالك ثلاثة عوامل رئيسية تجعل من تايوان جزيرة مهمة في استراتيجية النزاع على النفوذ العالمي بين واشنطن وبكين.
أول هذه العوامل، الموقع الاستراتيجي لجزيرة تايوان في بحر الصين الجنوبي كقلعة رأسمالية ذات اقتصاد متقدم يهدد النظام الشيوعي الصيني القائم على الإدارة المركزية للاقتصاد في الصين. يضاف إلى ذلك أن السيطرة عليها تعني السيطرة على الممر البحري لتجارة حلفاء أميركا في آسيا، وعلى رأسهم اليابان.
أما العامل الثاني والأهم، فهو السلاح الاستراتيجي الذي تملكه تايوان، وهو سلاح صناعة الشرائح الإلكترونية المتقدمة التي تصنع التفوق التقني في العالم، وتسيطر تايوان عليه حتى الآن.
وتطمع الصين في تملك هذه التقنيات المتقدمة جداً، وتتخوف الولايات المتحدة من الإضافة التي تصنعها هذه الشرائح فائقة السرعة للتقدم الصناعي والعسكري الصيني، إذا ما تمكنت الصين من ضم تايوان.
تتخوف واشنطن من خسارة نفوذها في آسيا، وقد تكون الخسارة قاصمة الظهر لطموح واشنطن في الاحتفاظ بالنظام العالمي القائم الذي تهيمن عليه
أما العامل الثالث، فهو عامل سياسي، وهو أن واشنطن قلقة من أنّ ترك مصير تايوان للصين الذي قد يرسل إشارة سلبية لحلفائها في آسيا، بأنها ستتخلى عنهم كما تخلت عن حلفائها في أفغانستان لطالبان.
ولذا تتخوف واشنطن من خسارة نفوذها في آسيا، وقد تكون هذه الخسارة قاصمة الظهر لطموح واشنطن في الاحتفاظ بالنظام العالمي القائم الذي تهيمن عليه حتى الآن، وتفتح الباب أمام الصين المتحالفة مع روسيا لبناء نظام عالمي جديد يهدد موقعها الاقتصادي والمالي والعسكري المتفوق على بقية العالم.