بيع مشروط للسلع في الجزائر: المواطنون يشكون استغلال التجار

04 مايو 2022
متجر في مدينة البليدة غرب الجزائر العاصمة (Getty)
+ الخط -

تتصاعد شكاوى الجزائريين من استغلال الكثير من التجار شح السلع التموينية المدعومة، بغرض تحقيق مكاسب إضافية عبر إلزام المشترين باقتناء منتجات راكدة أو شارفت صلاحيتها على الانتهاء، مقابل إمدادهم بمواد ضرورية مثل الحليب أو زيت الطهي والطحين (الدقيق).

وأضحى ما يعرف بـ"البيع المشروط" منتشراً في الكثير من المحافظات خلال الأيام الأخيرة، بعد سنوات من انحساره مع تحسن الأوضاع الاقتصادية في الجزائر منذ عام 2002 عقب ارتفاع أسعار النفط، وفق مواطنين ومسؤولين عن حماية المستهلك.

يقول المواطن محمد بن دعاس من العاصمة الجزائرية لـ"العربي الجديد" إنه "تفاجأ قبل أيام عند ذهابه لشراء الحليب المدعم بصاحب المحل يبلغه أنه يتعين عليه شراء أي شيء أخر حتى يبيعه الحليب"، مضيفا أنه" اضطر إلى شراء عبوة قهوة ذات وزن 250 غرام بـ 250 دينارا من أجل شراء 3 أكياس من الحليب بـ 75 دينارا فقط".

أما المواطن عمر بوكراع فيؤكد أنه "اضطر إلى شراء عجائن لا يتبقى سوى أسبوع على انتهاء صلاحيتها مقابل شراء 4 أكياس من الحليب المدعم "، وبالرغم من تأسفه من هذه الحالة إلا إنه يقول إنه "يتفهم التجار الذين باتوا يرون سلعتهم تتكدس فوق الرفوف بسبب تغير السلوك الاستهلاكي للجزائريين جراء تراجع القدرة الشرائية للعائلات في الفترة الأخيرة".

وعند سماع رواية تجار التجزئة، نجدهم يشتكون بدورهم من وقوعهم ضحايا ظاهرة "البيع المشروط" مشيرين إلى أنهم لم يسلموا من فرض سلع معينة عليهم من طرف تجار الجملة، كشراء كميات معتبرة من المواد الغذائية الثانوية مقابل شراء الطحين وزيوت المائدة المدعمة، وإلا فلن يجدوا سلعاً يضعونها فوق رفوف محلاتهم.

وهو ما يكشفه محمد جوهري تاجر من الضاحية الغربية في الجزائر العاصمة لـ "العربي الجديد"، موضحا أن "تجار الجملة أصبحوا يلزمون تجار التجزئة بشراء سلع لا تدخل في قائمة ما يحتاجون إليه وذلك يحصل معي أسبوعيا، إذ أضطر إلى شراء سلع مثل حلوى الأطفال المستوردة أوالشكولاتة والأجبان المستوردة مقابل شراء كمية من الطحين وزيت المائدة المدعم، مع العلم أن ما يفرضه علينا تجار الجملة يصنف ضمن السلع مرتفعة الثمن".

وأمام انتشار هذه الظاهرة مؤخرا وسط التجار، يشدد مدافعون عن حقوق المستهلك على ضرورة تدخل الدولة وأجهزتها لضبط الأسواق التي أصبحت تخضع لمنطق المضاربة والاحتكار وجشع بعض التجار.

يقول مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك إن "ما زاد في استفحال ظاهرة البيع المشروط مؤخراً هو انعدام ثقافة التبليغ لدى المواطنين الذين يكتفون بالتذمر فقط"، مضيفا في حديث مع "العربي الجديد" أن " المواطنين عليهم الوقوف في وجه التجار من خلال الاتصال بالجمعية أو مديريات التجارة الأقرب منهم، وذلك لكبح هذه الظاهرة".

وفي السياق، يشير زين الدين موهوب، الخبير في علم النفس الاستهلاكي إلى أن عودة ظاهرة البيع المشروط تبقى أمراً غير مفهوم، معتبرا أن "المواطن عادة ما يفقد وعيه بمجرد دخوله المحلات التجارية، ويصبح يخضع لنمط استهلاكي غير متزن يجعله لا يتوقف أمام أي حاجز من أجل تلبية حاجياته".

ويضيف موهوب أن " البيع المشروط ظهر في الجزائر إبان الاقتصاد الاشتراكي، وفي الماضي كانت هذه الظاهرة مفهومة بحكم أن الاقتصاد كان محتكراً من طرف القطاع العام، أما اليوم فالعرض أكبر من الطلب ولا أفهم كيف للمواطن أن يضع نفسه رهينة لجشع التجار وبإمكانه استبدال الحليب المدعم بحليب آخر مؤقتا أومقاطعة هذه السلع التي تتم بها "المقايضة".

ويتابع أن "الندرة والاحتكار والحيلة هي ثالوث يعجل بسقوط الزبون في شرك الباعة، فالمواطن عندما يرى أن الندرة أصابت سلعة ما يستهلكها يومياً، يضطرب ويصبح رهينة إلزامية شرائها مهما كان الثمن".

لكن حزاب بن شهرة، رئيس الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين يقول إنه "حان الوقت لكي تتدخل الدولة ووزارة التجارة وذلك بتفعيل سلطة لضبط أخلاقيات مهنة التجارة من جهة، ومضاعفة عدد دوريات الرقابة في الأسواق"، مضيفا أنه يجب أن تكون لدى المستهلك ثقافة الإبلاغ عن وجود تجاوزات.

ويتابع بن شهرة لـ"العربي الجديد" أن "الاتحاد يتحرى التجار الذين يمارسون "البيع المشروط" وقد تم ضبط بعض التجار الذين سيتعرضون إلى غرامات مالية في البداية قبل أن تُتخذ في حقهم عقوبات أخرى"، ولم يخف نفس المتحدث أن " القانون الجزائري يوجد فيه فراغ حيال البيع المشروط الذي يبقى منافياً للأخلاق أولاً وأخيراً".

المساهمون