يتحالف الفساد مع جائحة كورونا ليحول حياة المواطنين في بيرو إلى جحيم لا يطاق بسبب تراجع الدخول والاضطرابات السياسية التي جعلت المستثمرين يهربون من أدوات الدين الحكومية، ويرفضون منح قروض جديدة للشركات والأعمال التجارية.
وشهدت بيرو عزل رئيس الدولة واستقالة رئيس آخر في ظرف أسبوع واحد خلال النصف الثاني من الشهر الجاري، ومن غير المعروف عما إذا كان الرئيس الجديد، الأكاديمي فرانسسكو ساغاستي، وهو الرئيس الثالث الذي نصب خلال الأسبوع الماضي سيتمكن من الاستمرار في الحكم. وينتاب المستثمرين القلق والمخاوف من عدم قدرة البلاد على الإيفاء بالتزاماتها تجاه الديون الخارجية المقدرة بنحو 84.914 مليار دولار، في وقت يتراجع فيه النمو الاقتصادي.
وكانت الديون الخارجية للبلاد قبل عقود قليلة تقل عن عشرة مليارات دولار. ويواجه الرئيس المعزول مارتن فيزكارا نحو 80 قضية فساد تتراوح بين الرشى والعمولات وإساءة منصب الرئاسة.
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير حول بيرو، إن نصف نواب الكونغرس في البلاد يواجهون تحقيقات بشأن الفساد، كما أن الكونغرس أصبح أداة لتمرير الصفقات الفاسدة والحصول على العمولات. ويرى محللون أن بيرو دخلت فعلياً في نفق الثعابين، وسط تفاقم الاضطرابات ضد الفساد وتدهور مستوى الحياة المعيشية.
ويقول ممثلو الاتهام في بيرو أن أعضاء الكونغرس يستخدمون الجهاز التشريعي في البلاد لتحقيق الثراء عبر تقاسم إيرادات الميزانية بينهم، لتنفيذ مشروعات في ولاياتهم يحصلون من ورائها على عمولات مالية.
كما يستغل النواب عضويتهم في الكونغرس كدروع واقية من المساءلة القانونية، حيث إن عضوية الكونغرس تمنحهم حصانة قانونية ضد التحقيقات خاصة في قضايا المال والفساد.
وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، قال خوان كارسكو رئيس وحدة مكافحة الجريمة المنظمة في بيرو إن العديد من الأشخاص الذين يترشحون للكونغرس يفعلون ذلك من أجل هدفين، هما الثراء من عضوية الكونغرس والحصول على الحصانة من المساءلة القانونية.
وسط هذا التحالف المقيت، تراجع اقتصاد بيرو بنسبة 17.4% في النصف الأول من العام الجاري، كما تعاني البلاد من ارتفاع معدل البطالة وتراجع دخل الأفراد والعائلات ويتزايد الفقر بمعدلات مطردة، وفقاً لبيانات البنك الدولي.
وكانت بيرو من الدول ذات النمو السريع في أميركا الجنوبية، إذ نما اقتصادها بمعدلات كبيرة في العقود الماضية، قبل أن يتناهشه الفساد.
ويقدر البنك الدولي حجم اقتصاد بيرو بنحو 226.85 مليار دولار في العام الماضي، بينما يقدر عدد سكانها بنحو 32.97 مليون نسمة.
ويعتمد اقتصاد بيرو الواقعة شرقي أميركا الجنوبية على الزراعة والخدمات والصناعة. وكانت تستفيد من توافد السياح من أميركا الشمالية، ولكن هذه الاضطرابات ربما تدفعها بسرعة نحو الفقر.