بيتر إيغن.. محارب الفساد ومؤسس منظمة الشفافية العالمية

21 يونيو 2023
بيتر إيغن (Getty)
+ الخط -

غادر بيتر إيغن "Peter Eigen" البنك الدولي، كي يؤسس منظمة الشفافية العالمية "Transparency International" في عام 1993.

فقد تخلى عن الحياة المريحة التي كان يتيحها له وضعه الوظيفي، ليشرع في دق ناقوس الخطر حول مرض خبيث، يرى أنه يكبح النمو ويعيق الديمقراطية.

في صفحتها الرئيسية على موقعها الإلكتروني، تعيد منظمة الشفافية العالمية التذكير في هذه الأيام بالدور الذي اطلعت به في محاربة الفساد في العالم عبر حضورها في العديد من المناطق ومرافعاتها ضد تلك الآفة، بل إنها تمكنت من دفع الأمم المتحدة ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والاتحاد الأوروبي إلى تبني دعوتها إلى التصدي للفساد، وأقنعت العديد من البلدان بحماية المبلغين.

بعد ثلاثين عاما، يتذكر المهمومون بمحاربة الفساد القرار الشجاع الذي اتخذه بيتر إيغن، بعد أن لمّح إليه أصدقاء أفارقة بفكرة الخطوة التي سيقدم عليها. يقول: "لم يكن شائعا الحديث عن الفساد في سنوات الثمانينيات. كنا نتحدث عن محاسبة غامضة".

ويضيف إيغن، المحامي والخبير في اقتصاد التنمية، المولود في الحادي عشر من يونيو/ حزيران 1938 بمدينة أوغسبورغ: "بدأ أصدقاء يتساءلون عن إمكانية تناول الموضوع بالدقة التي نقارب بها المواضيع الأخرى. بدأنا نشتغل بسرعة وأدركنا أن الفساد مدمر ويكبح التنمية".

ودفع ذلك إيغن إلى مغادرة المؤسسة المالية الدولية وتأسيس منظمة غير حكومة تتولى إخبار الرأي العام عن الكوارث التي يتسبب فيها الفساد.

وهكذا أحدث إيغن في 1993 منظمة Transparency International التي تحملت مسؤولية هذا الملف، غير أنها لم تكتف بذلك، بل أخذت على عاتقها ممارسة نوع من الضغط لدى لحكومات والمانحين والشركات.

تولي هذا الألماني، ذو التكوين القانوني، العديد من المسؤوليات في البنك الدولي، حيث أشرف على تدبير برامج في أفريقيا وأميركا اللاتينية، وشغل منصب مدير بعثة البنك في غرب أفريقيا بين 1988 و1991. وواكب حكومات بوتسوانا وناميبيا بهدف وضع الإطار القانوني والفني للاستثمارات في قطاع المعادن.

وبعدما ترأس منظمة "تراسبارنسي" الدولية بين 1993 و2005، تولي رئاسة المجموعة الاستشارية للمبادرة العالمية للشفافية في الصناعة الاستخراجية بين 2006 و2011.

هو اليوم يتحمل مسؤولية الممثل الخاص لتلك المبادرة التي تمثل معيارا علميا لشفافية عائدات صناعات النفط والغاز والتعدين، حيث تتولى كشف الدفوعات والعائدات والمقارنة بين الأرقام من قبل جهاز مستقل.

يقول إن "الفساد له أوجه عدة، إنه سرطان عالمي". هذا ما يدفعه إلى الاعتقاد بأن ضغط الرأي العام يمثل عنصرا أساسيا للنجاح، فهو يرى أن الجمهور أضحى أقل تسامحا تجاه المسؤولين الذين يستغلون وظائفهم الرسمية كي يغتنوا بطرق غير شرعية.

تولي هذا الألماني، ذو التكوين القانوني، العديد من المسؤوليات في البنك الدولي


يؤكد أنه عمد إلى تأسيس المنظمة غير الحكومية بمشاركة عشرة من زملائه، بعدما تكون لديه اليقين بأن الفساد سبب رئيسي وراء فشل المشاريع التنموية في المجتمعات الفقيرة، مشددا على أن المنظمة استهدفت محاربة الفساد بصوره المختلفة من الرشوة إلى النهب والسرقات المنظمة التي تستهدف اقتصادات الدول.

لقد تأتى ذلك عبر العديد من المبادرات التي صدرت عن المنظمة، خاصة في المرحلة التأسيسية التي أشرف عليها إيغن. فقد كان لتقرير مؤشر مدركات الفساد، الذي تصدره المنظمة سنويا مند 1995 دور حاسم في التوعية بخطورة الفساد.

يعطي التقرير السنوي فكرة واضحة حول تمثل الفساد في بلدان العالم، إذ يصنف مؤشر مدركات الفساد في نحو 180 بلدا عبر مستوياتها المدركة لفساد القطاع العام على مقياس من صفر (شديد الفساد) إلى 100 (نظيف جداً).

في تقريرها حول مؤشر مدركات الفساد للعام الماضي، الصادر في يناير/ كانون الثاني من العام الحالي نقرأ تعليقا لرئيسة المنظمة ديليا فيريرا روبيو تقول فيه: "لقد جعل الفساد عالمنا مكانًا أكثرَ خطورة. نظرًا لفشل الحكومات بشكلٍ جماعي في إحراز تقدم ضد الفساد، فإنها بذلك تغذي الارتفاع الحالي في العنف والصراع - وتُعرِّض الناس للخطر في كل مكان. يتمثّل السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة في قيام الدول بالعمل الجاد، واستئصال الفساد على جميع المستويات لضمان عمل الحكومات لجميع الناس، وليس فقط لنخبةٍ قليلة".

 

المساهمون